تحولت مدينة ميلانو الإيطالية إلى مسرح عالمى للإبداع فى الفترة من 7 إلى 13 أبريل خلال فعاليات «أسبوع ميلانو للتصميم 2025» فى نسخته الرابعة والستين، حيث توافد المصممون من شتى أنحاء العالم لعرض أحدث ابتكاراتهم فى مجالات التصميم الداخلى، والأثاث، والإضاءة، والموضة. وامتدت العروض من صالات العرض إلى المسارح، والمصانع المهجورة، وحتى الشوارع والساحات العامة.


تميز هذا العام بتغييرات لافتة فى طريقة تقديم التصميمات، حيث اختارت العديد من بيوت التصميم الابتعاد عن الطرق التقليدية فى العرض، واتجهت نحو تقديم عروض فنية ومسرحية تفاعلية. على سبيل المثال، نظّم استوديو «كاسينا» عرضًا فى مسرح تاريخى يعرض مراحل تطور التصميم الحديث من خلال عروض أدائية وديكورات حية، بينما قدّمت المصممة «كيلى ويرستلر» مجموعتها الجديدة من السجاد فى عرض مسرحى فنى داخل أحد المسارح العريقة. أما «ديمورستوديو» و«لورو بيانا» فاختارتا تقديم تجربة سينمائية مستوحاة من أفلام السبعينيات، بينما صممت شركة «رينج روفر» بالتعاون مع دار تصميم إيطالية تجربة تفاعلية تستعرض تاريخ تطور سياراتها من خلال عرض فنى تقنى.


من أبرز الاتجاهات التى ظهرت هذا العام استخدام الزجاج بشكل مبتكر فى التصميم الداخلى، حيث ظهرت قطع فنية وأثاث زجاجى ملون وشفاف يضفى على المكان طابعًا عصريًا مريحًا. كما استعان عدد من المصممين بعناصر من الطفولة والخيال، وشهدت إبداعات الإضاءة تطورًا ملحوظًا، من خلال تركيبات ضوئية فنية يمكن تخصيصها بسهولة، مثل مجموعات مصابيح تتوزع على أسلاك رفيعة وتبدو كأنها كواكب صغيرة تسبح فى الفضاء.
تداخل عالم الموضة مع التصميم بشكل واضح هذا العام، حيث قدّمت دار «لويس فويتون» مجموعة من قطع الأثاث المستوحاة من الرحلات والتجوال، إلى جانب تصميم أعيد بناؤه لأحد أعمال المصممة «شارلوت بيرياند». وحرصت دار «إيرميس» على عرض مجموعتها الجديدة فى قاعة بسيطة، لكن بإضاءة فنية تركز على إبراز جمال كل قطعة على حدة.

تعاونت دار «ديور» مع المصمم «سام بارون»، حيث قدمت مجموعة من المزهريات الزجاجية التى تمزج بين الحرفية التقليدية والرؤية المعاصرة.
واستضافت دار «رالف لورين» عشاءً حصريًا خلال المعرض، حيث قدّمت مجموعة «كانون رود» المستوحاة من الغرب الأمريكى، والتى تضمنت تصاميم داخلية تعكس التراث والثقافة الأمريكية.
وقدّمت دار «جوتشى» معرضًا مستوحى من الخيزران، تضمّن أعمالًا حية وتعاونات فنية، بينما تعاونت «لويفى» مع 25 فنانًا لتصميم أباريق شاى يدوية تعكس التنوع الثقافى. واحتفلت «فيرساتشي» بمرور ثلاثين عامًا على مجموعتها المنزلية، فى حين أقامت «ميو ميو» ناديًا أدبيًا جمع بين الأدب والموسيقى والفن.

أظهر الأسبوع روح الابتكار من خلال مشاريع غير تقليدية، مثل تحويل أنفاق مهجورة خلف محطة القطارات الرئيسية إلى مساحات فنية، عرضت فيها تجارب معمارية جريئة. كما شهد معرض الإضاءة الدولى عروضًا لافتة، مثل تلك التى قدّمتها شركة «بلوند» السويدية، والتى استوحت تصميماتها من أعمال المصمم الفنلندى «يوريو كوكابورو»، مقدّمة رؤية معاصرة للإضاءة الوظيفية والجمالية.
برهنـت العديـد مـن العـروض علـى أهمـية الحــرفية العــالية واختــيار المواد بعناية. فقدّمت «إيرميس» مجموعة أثاث داخل صناديق هندسية مضاءة لتُبرز دقة التصنيع وتفاصيل المواد المستخدمة. بينما تعاونت دار الأزياء «إيسى مياكى» مع محترف تصميم سويسرى لابتكار مصابيح نحتية مصنوعة من الأسلاك والنسيج، تعكس فلسفة «قطعة واحدة من القماش».

واتسمت كثير من العروض هذا العام بطابع تفاعلى، حيث دُعى الزوار للمشاركة فى تجارب بصرية وسمعية، أبرزها عرض بعنوان «مكتبة الضوء»، الذى قدّم تجربة ضوئية دوّارة يمكن للزوار التفاعل معها. كما قدّم استوديو «بينى راجز» بالتعاون مع محترف فرنسى، تجربة تأملية عبر تصاميم نسيجية راقية.
وشهدت منطقة بريرا للتصميم عرض «مسرح الأشياء» و«اللمسة الأساسية» من توقيع المصممة إيلينا سلمستراو، بالإضافة إلى «ذكريات قديمة» بالتعاون مع مارسيل واندرز. أما منطقة تورتونا للتصميم، فقد شهدت عرض «أحاسيس متصلة»، حيث قدّم استوديو بلوم رحلة لونية تستكشف العواطف والقيم من خلال تصميمات داخلية تعكس التفاعل بين الألوان والمشاعر. كما قدّم استوديو «آ-أون» من لكزس تركيبًا تفاعليًا يستعرض رؤية لكزس لمستقبل التنقــل، مــع التــركيز علــى التخصيــص والتفــاعل بيــن الإنســان والتكنولوجيا.

تميّزت منطقة لامبراتى للتصميم بعروض مبتكرة من مصممين شباب، حيث تم تقديم تصميمات تجمع بين الحرفية التقليدية والتقنيات الحديثة، مع التركيز على الاستدامة والمواد الطبيعية. كما شهدت منطقة إيسولا للتصميم عروضًا تركز على التصميم المستدام والحرفى، مع مشاركة مصممين ناشئين قدّموا أعمالًا تدمج بين الفن والتصميم والبيئة.
اختُتم أسبوع ميلانو للتصميم 2025 بتأكيده على مكانة المدينة كعاصمة عالمية للتصميم، تجمع بين التراث والابتكار، وتستشرف مستقبل التصميم من خلال مزج فنى بين الأثاث، والإضاءة، والموضة، والفن. لقد تحولت ميلانو هذا العام إلى متحف حى نابض بالإبداع، ونافذة رحبة على مستقبل التصميم العالمى.