إبداع‭ ‬الكلمة وجوه‭ ‬وحكايات
إبداع‭ ‬الكلمة وجوه‭ ‬وحكايات
22 مايو 2025

منذ‭ ‬أن‭ ‬رسمت‭ ‬خطًّا‭ ‬فى‭ ‬كراسة،‭ ‬والمبدعة‭ ‬سناء‭ ‬البيسى‭ ‬تمثل‭ ‬حالة‭ ‬خاصة،‭ ‬تلك‭ ‬الحالة‭ ‬التى‭ ‬عاشها‭ ‬ولا‭ ‬يزال،‭ ‬قارئ‭ ‬ارتبط‭ ‬بما‭ ‬تكتب‭ ‬من‭ ‬إبداعات‭ ‬فى‭ ‬مقالاتها‭ ‬وكتبها،‭ ‬ومشاهد‭ ‬عشق‭ ‬سعاد‭ ‬حسنى‭ ‬وأحمد‭ ‬زكى،‭ ‬فالتصقت‭ ‬حكايات‭ ‬‮«‬هو‭ ‬وهى‮»‬‭ ‬بذاكرته،‭ ‬ومستمع‭ ‬للإذاعة‭ ‬تابع‭ ‬يوماً‭ ‬‮«‬الكلام‭ ‬المباح»‬‭.‬

منحتنا‭ ‬فى‭ ‬معرضها‭ ‬الجديد‭ ‬تلك‭ ‬الدهشة‭ ‬بلغة‭ ‬أخرى،‭ ‬فمن‭ ‬أحبوها‭ ‬فى‭ ‬الصحافة‭ ‬والدراما،‭ ‬عاشوها‭ ‬عندما‭ ‬تزينت‭ ‬حوائط‭ ‬بقاعة‭ ‬‮«‬بيكاسو‭ ‬إيست‮»‬‭ ‬بلوحات‭ ‬تمثل‭ ‬رحلة‭ ‬فى‭ ‬عوالم‭ ‬كثيرة‭: ‬رحلة‭ ‬صوفية‭ ‬فى‭ ‬طواف‭ ‬الكعبة‭ ‬بالأشواط‭ ‬السبعة،‭ ‬وبحث‭ ‬فى‭ ‬الوجوه‭ ‬المصرية‭ ‬بكل‭ ‬ملامحها،‭ ‬تقاربها‭ ‬وتضادها،‭ ‬الخطوط‭ ‬وألوانها‭ ‬المبهجة،‭ ‬والحصان‭ ‬المرتبط‭ ‬فى‭ ‬ذاكرة‭ ‬سنوات‭ ‬الطفولة،‭ ‬فهو‭ ‬كما‭ ‬تراه‭ ‬فارس‭ ‬اللوحة‭. ‬لوحاتها‭ ‬تمنحك‭ ‬السعادة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تخطط‭ ‬لها‭.‬

كل‭ ‬لوحة‭ ‬تستدرج‭ ‬من‭ ‬يقرأها‭ ‬إلى‭ ‬أفكار‭ ‬وعوالم‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬خاصة‭ ‬به،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬عن‭ ‬حكايات‭ ‬سمعها‭ ‬من‭ ‬أجداده،‭ ‬وكأنها‭ ‬قصته‭ ‬هو‭. ‬ألوان‭ ‬الزيت‭ ‬تؤكد‭ ‬صلابة‭ ‬وقوة‭ ‬الفكرة،‭ ‬والمساحات‭ ‬الكبيرة‭ ‬الممتلئة‭ ‬بالخطوط‭ ‬الدقيقة،‭ ‬كل‭ ‬لون‭ ‬يحتضن‭ ‬الآخر؛‭ ‬الأحمر‭ ‬والأصفر‭ ‬والبنى‭ ‬والأخضر،‭ ‬تصنع‭ ‬وصلات‭ ‬من‭ ‬السعادة‭ ‬الممتدة‭.‬

كل‭ ‬فتاة‭ ‬تحلم‭ ‬بفستان‭ ‬خطوبة‭ ‬أو‭ ‬زفاف‭ ‬أو‭ ‬سهرة‭ ‬قد‭ ‬تجد‭ ‬فكرتها‭ ‬فى‭ ‬لوحة‭ ‬جمعت‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬البيسى‮»‬‭ ‬خطوطًا‭ ‬وتصميمات‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬رسمها‭ ‬مصممة‭ ‬عالمية‭. ‬لوحة‭ ‬وكأنها‭ ‬بستان‭ ‬من‭ ‬الفساتين‭ ‬تشكلت‭ ‬بكل‭ ‬الأحجام‭.‬

وفى‭ ‬كلمة‭ ‬المعرض‭ ‬جاءت‭ ‬عبارة‭ ‬تصف‭ ‬باختصار‭ ‬سناء‭ ‬البيسى‭: ‬‮«‬تمثل‭ ‬رمزًا‭ ‬للإبداع‭ ‬الفنى‭ ‬والثقافى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭. ‬منذ‭ ‬انطلاقتها‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬الصحافة‭ ‬والفنون،‭ ‬تركت‭ ‬البيسى‭ ‬بصمة‭ ‬واضحة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أعمالها‭ ‬المتميزة،‭ ‬التى‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الكلمة‭ ‬والرسم،‭ ‬وتروى‭ ‬قصص‭ ‬المجتمعات‭ ‬والأفراد‭. ‬هذا‭ ‬المعرض‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬عرض‭ ‬للوحات‭ ‬فنية،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬نافذة‭ ‬على‭ ‬رحلة‭ ‬حياة‭ ‬مليئة‭ ‬بالإلهام‭ ‬والتفانى‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أعمالها،‭ ‬نكتشف‭ ‬عمق‭ ‬التجربة‭ ‬الإنسانية‭ ‬وجماليات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬محط‭ ‬تقدير‭ ‬وإعجاب‮»‬‭.‬

تسابق‭ ‬الجميع‭ ‬للاحتفاء‭ ‬بسيدة‭ ‬الكلمة‭ ‬فى‭ ‬معرضها،‭ ‬ومنهم‭ ‬الكاتبة‭ ‬الصحفية‭ ‬سوسن‭ ‬مراد،‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬ونصف‭ ‬الدنيا‮»‬،‭ ‬التى‭ ‬عبرت‭ ‬أثناء‭ ‬زيارتها‭ ‬للمعرض‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬لوحات،‭ ‬بل‭ ‬شهادة‭ ‬حية‭ ‬على‭ ‬نبع‭ ‬لا‭ ‬ينضب‭ ‬من‭ ‬الإبداع‭ ‬والعطاء‭. ‬


وأضافت‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تتمنى‭ ‬رؤية‭ ‬اسم‭ ‬الأديبة‭ ‬سناء‭ ‬البيسى‭ ‬ضمن‭ ‬المرشحين‭ ‬لجوائز‭ ‬الدولة‭ ‬التقديرية،‭ ‬تقديرًا‭ ‬لما‭ ‬قدمته‭ ‬من‭ ‬مسيرة‭ ‬لامعة‭ ‬فى‭ ‬الصحافة،‭ ‬خاصة‭ ‬فى‭ ‬قيادتها‭ ‬لمجلة‭ ‬‮«‬نصف‭ ‬الدنيا‮»‬،‭ ‬التى‭ ‬وضعت‭ ‬لها‭ ‬أسسًا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مؤثرة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬لمست‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬موقعها‭ ‬كرئيس‭ ‬تحرير‭ ‬لخلافة‭ ‬سناء‭ ‬البيسى،‭ ‬التى‭ ‬أسست‭ ‬مدرسة‭ ‬صحفية‭ ‬وقادتها‭ ‬إلى‭ ‬القمة‭.‬

ومما‭ ‬قاله‭ ‬الأديب‭ ‬والكاتب‭ ‬الصحفى‭ ‬محمد‭ ‬سلماوى‭ ‬عن‭ ‬المعرض‭: ‬‮«‬إن‭ ‬إنجازها‭ ‬الفنى‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬بأى‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬عن‭ ‬إنجازها‭ ‬الصحفى،‭ ‬فهو‭ ‬معرض‭ ‬ثرى‭ ‬يضم‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬90‭ ‬لوحة‭ ‬مختلفة‭ ‬الأحجام‭ ‬والمواد‭ ‬الخام‭ ‬والأساليب‭ ‬الفنية،‭ ‬أنجزتها‭ ‬الفنانة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭. ‬فبعضها‭ ‬يعود‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬نهاية‭ ‬الستينيات،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬يحمل‭ ‬تاريخ‭ ‬هذا‭ ‬العام‭.

 ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الجسد‭ ‬الإنسانى‭ ‬هو‭ ‬بطل‭ ‬المعرض،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البورتريهات،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجموع‭ ‬الراقصة،‭ ‬أو‭ ‬الطائفة‭ ‬حول‭ ‬الكعبة،‭ ‬أو‭ ‬العائدة‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬انسحاب‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭. ‬وهى‭ ‬تقدم‭ ‬فى‭ ‬مجملها‭ ‬إنجاز‭ ‬عمر‭ ‬كامل‭ ‬لفنانة‭ ‬قديرة‭ ‬أخلصت‭ ‬لفرشاتها‭ ‬الفنية‭ ‬ولقلمها‭ ‬الصحفى‭ ‬بنفس‭ ‬القدر،‭ ‬لكن‭ ‬بينما‭ ‬حظيت‭ ‬مقالاتها‭ ‬الممتعة‭ ‬بالنشر‭ ‬الدورى‭ ‬فى‭ ‬الصحف،‭ ‬ظلت‭ ‬أعمالها‭ ‬الفنية‭ ‬حبيسة‭ ‬مرسمها‭ ‬الخاص‭ ‬لعشرات‭ ‬السنين‭ ‬منذ‭ ‬أقامت‭ ‬أول‭ ‬معرض‭ ‬فردى‭ ‬لها‭ ‬عام‭ ‬1972،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬أطلقتها‭ ‬أخيرًا‭ ‬من‭ ‬أسرها‭ ‬الظالم‭ ‬حتى‭ ‬اتخذت‭ ‬بهذا‭ ‬المعرض،‭ ‬الذى‭ ‬طال‭ ‬انتظاره،‭ ‬مكانتها‭ ‬المستحقة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬كنتاج‭ ‬حياة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬فناناتنا‭ ‬التشكيليات‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن»‬‭.‬

بدأت‭ ‬سناء‭ ‬البيسى‭ ‬الرسم‭ ‬فى‭ ‬مؤسسة‭ ‬أخبار‭ ‬اليوم‭ ‬عام‭ ‬1958،‭ ‬حيث‭ ‬عملت‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كبار‭ ‬الفنانين‭ ‬مثل‭ ‬بيكار‭ ‬وصاروخان‭ ‬وصلاح‭ ‬جاهين‭. ‬تميزت‭ ‬برسم‭ ‬يوميات‭ ‬كبار‭ ‬الكتاب،‭ ‬وبرزت‭ ‬فى‭ ‬فن‭ ‬الكاريكاتير‭ ‬عبر‭ ‬جميع‭ ‬إصدارات‭ ‬أخبار‭ ‬اليوم‭. ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬مشاركات‭ ‬واسعة‭ ‬فى‭ ‬الحركة‭ ‬الفنية‭ ‬المصرية‭ ‬الحديثة،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الأجيال‭ ‬الثانية‭ ‬والثالثة‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭.‬

أقامت‭ ‬معرضها‭ ‬الأول‭ ‬عام‭ ‬1972‭ ‬برعاية‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة،‭ ‬حيث‭ ‬افتتحه‭ ‬الدكتور‭ ‬عبد‭ ‬القادر‭ ‬حاتم‭. ‬كما‭ ‬عملت‭ ‬مستشارة‭ ‬فنية‭ ‬بالبنك‭ ‬الدولى‭ ‬فى‭ ‬واشنطن‭ ‬عام‭ ‬1979،‭ ‬وقد‭ ‬اقتنيت‭ ‬إحدى‭ ‬لوحاتها‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬عملت‭ ‬مستشارة‭ ‬فنية‭ ‬لوزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬12‭ ‬عامًا،‭ ‬كما‭ ‬أشرفت‭ ‬على‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فنون‭ ‬مصرية‮»‬‭. ‬وبدأت‭ ‬مرحلة‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬حياتها‭ ‬الصحفية‭ ‬كرئيس‭ ‬لتحرير‭ ‬مجلة‭ ‬نصف‭ ‬الدنيا‭ ‬منذ‭ ‬‮١٩٩٠‬‭ ‬ولمدة‭ ‬‮١٥‬‭ ‬عامًا‭ ‬متواصلة‭.‬

ألفت‭ ‬سناء‭ ‬البيسى‭ ‬12‭ ‬كتابًا‭ ‬ومئات‭ ‬المقالات،‭ ‬وحققت‭ ‬شهرة‭ ‬واسعة‭ ‬فى‭ ‬الصحافة‭ ‬العربية‭. ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجوائز،‭ ‬منها‭ ‬جائزة‭ ‬مصطفى‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬1992،‭ ‬وجائزة‭ ‬الإعلام‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬ودرع‭ ‬الريادة‭ ‬من‭ ‬الملتقى‭ ‬الرابع‭ ‬للكاريكاتير‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬وجائزة‭ ‬ريادة‭ ‬صحافة‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬نقابة‭ ‬الصحفيين‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وجائزة‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الثقافية‭ ‬من‭ ‬مؤسسة‭ ‬فاروق‭ ‬حسنى‭ ‬عام‭ ‬2024.‬
تم‭ ‬تكريمها‭ ‬فى‭ ‬مهرجان‭ ‬‮«‬الأفضل‮»‬‭ ‬بجائزة‭ ‬‮«‬إنجاز‭ ‬العمر‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2025‭. ‬كما‭ ‬أعدت‭ ‬موسوعة‭ ‬عن‭ ‬الفنانين‭ ‬العالميين‭ ‬والمصريين،‭ ‬استغرقت‭ ‬15‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الدءوب‭.‬

الأكثر قراءة