بتوزيع مختلف للمساحات وبلمسات تصميم معاصرة تحول البيت نفسه إلى مساحة جديدة فى عيون أصحابه الذين عاشوا فيه لسنوات طويلة، السر ببساطة يكمن فى التحمس للخروج من الإطار المألوف والمعتاد بالنسبة لهم والعيش بشعور مختلف داخل ذات الجدران وكأنهم يتمردون على الماضى ويبدأون حياة جديدة.
خرجت الأسرة من منزلهم الذى أمضوا فيه سنوات طويلة داخل تصميم كلاسيكى تقليدى، ثم عادوا إلى نفس المنزل مرة أخرى ليستكملوا حياتهم، لكن داخل تصميم جديد ومعاصر مختلف تمامًا عما كان عليه. بين الخروج والعودة مرت حوالى أربعة أشهر تركت فيها الأسرة، المكونة من الوالدين والابن وبنتين، منزلها بين يدى المهندس شريف هلال ليتولى إعادة إحياء بيتهم بشكل مختلف يعبر عما كانوا يتمنونه دائمًا، ولكنهم لم يكونوا مدركين لذلك حتى شاهدوه بأنفسهم. مساحة المنزل حوالى 400 متر مربع على امتداد طابق كامل داخل فيلا بمنطقة عرابى على أطراف القاهرة، وتم تجديدها بالكامل بشكل جعلها تبدو كمكان آخر، ولكنه التصميم وقدرته على خلق صورة جديدة تمامًا للمكان إذا تم توظيفه بشكل جيد ليبدو كمكان جديد تمامًا.

فى البداية، عندما أراد المصمم التعرف على الاتجاه العام لذوق ومتطلبات أصحاب المنزل، استشعر ميلهم للطراز الكلاسيكى كشىء مسلّم به ولا يعرفون غيره. ولكن بعد مناقشات ومحادثات كثيرة بينهم، استطاع أن يكتشف أن حبهم لهذا الطراز ما هو إلا بسبب التعود على شىء متوارث فى العائلة، وأن صاحبة المنزل اختارت لمنزلها بالتبعية ما رأته فى منزل أسرتها وكانت تريد تجديد منزلها مكررة نفس الشىء من جديد رغم أنها لا تحبه.

بعد إدراكه لهذه الحقيقة، بدأ شريف بتعريف الأسرة على الطراز المودرن وبدأ فى عرض تصميمات معاصرة للمنزل، وكانت المفاجأة أن أصحاب المنزل وقعوا فى غرامها وتحمسوا جدًا لتنفيذها. «الطبيعى أن يحترم المصمم فى اختياراته ذوق واحتياجات سكان البيت، ولكن من واجبه قبل التنفيذ أن يساعدهم فى اكتشاف ما يريدون لأنهم ربما لا يعرفونه». هكذا يؤكد شريف أن المصمم دوره ليس فقط فى تنفيذ ما يُطلب منه، ولكن المشاركة فى اتخاذ القرار مع أصحاب المكان ومساعدتهم على التعرف على الأفضل. ويرى أن الكثيرين لا يعرفون سوى فكرة محدودة عن الطراز الكلاسيكى والطراز المعاصر ولا يدركون أن هناك الكثير من التفاصيل والأنماط بينهم. لذلك، فهو عندما يستمع إلى صاحب أى منزل لا يبدأ فورًا فى تنفيذ ما يريده لأنه لا يكون متأكدًا من أنه فعلاً يعرف ماذا يريد، بل يجلس معه مرات لعرض الأفكار ومناقشتها.

بعد وضوح الرؤية، بدأ التنفيذ أولاً بتفريغ المنزل بالكامل من كل شىء وإزالة كل الجدران ثم بنائها من جديد بعد إعادة توزيع المساحات بشكل مختلف. فقد كانت كل المساحة محدودة فى توزيعات متعددة وضيقة وغير عملية مع ترك مساحات غير مستخدمة. وكانت المساحة الخارجية تضم السفرة والمعيشة والصالون فى أجزاء منفصلة كل جزء على حدة. وفى الداخل كان هناك ثلاث غرف فقط مقسمين على مساحات ضيقة. التعديل سمح بتغيير جذرى فى البيت كله، فأصبح هناك أربع غرف نوم كلها رئيسية بمساحات واسعة، وكل غرفة تم تصميمها بما يناسب شخصية أصحابها. ومنطقة الاستقبال أصبحت كلها مفتوحة تضم السفرة والمعيشة والصالون والمطبخ بشكل متصل مع الحفاظ على ترك مساحات شاغرة للشعور بالبراح. وأصبح المنزل أيضًا يضم أربعة حمامات بدلًا من ثلاثة.

فيما عدا السجاد وقطع الإكسسوار، تم تصنيع كل قطعة فى المنزل محليًا من تنفيذ مكتب التصميم خصيصًا للمنزل لتناسب مكانها ووظيفتها تمامًا، لذلك فالمنزل خرج صورة طبق الأصل من التصميم الذى تم وضعه قبل التنفيذ. الألوان كلها محايدة ما بين الرمادى والبيج وخليط بينهما، وتم ربط الألوان ببعضها فى الأثاث والجدران ولكن تم اعتماد لون قوى وهو النبيتى فى بعض القطع ليعطى نبضة حياة. أرضيات منطقة الاستقبال من الرخام السيلفر جراى وأرضية المطبخ من رخام الكالاكاتا وأرضية الغرف من الخشب. تم توزيع الإضاءة بشكل غير مباشر فى عدة أماكن لتضيف شعورًا محببًا بالدفء والراحة للمنزل. كما تم توزيع لمسات من اللون الذهبى فى أماكن متفرقة من المنزل وكذلك استخدام الأخشاب والرخام بشكل غير تقليدى لإعطاء المنزل ثراءً إضافيًا. وتم اختيار أعمال فنية تتناسب ألوانها وخطوطها مع ما حولها بحسب المكان الموضوعة فيه.

أربعة أشهر تبدو مدة قصيرة لتنفيذ كل ذلك منذ البدء فى وضع التصميم وحتى استلام أصحاب المنزل له، ولكنها كانت فترة صعبة، كما يؤكد شريف، لأن كل تفصيلة تم تنفيذها خصيصًا للمنزل لتناسب جزءًا منه أو لتخدم وظيفة معينة بشكل محدد جدًا. ولكن عندما عاد أصحاب المنزل ليعيشوا فى نفس منزلهم وكأنهم يتعرفون عليه لأول مرة وكلهم سعادة بالتغيير الذى حدث والذى عبروا عنه بأنه «بداية حياة جديدة»، زال أى شعور آخر.