الوجه‭ ‬الآخر
الوجه‭ ‬الآخر
6 يونيو 2025

بتوزيع‭ ‬مختلف‭ ‬للمساحات‭ ‬وبلمسات‭ ‬تصميم‭ ‬معاصرة‭ ‬تحول‭ ‬البيت‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬مساحة‭ ‬جديدة‭ ‬فى‭ ‬عيون‭ ‬أصحابه‭ ‬الذين‭ ‬عاشوا‭ ‬فيه‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬السر‭ ‬ببساطة‭ ‬يكمن‭ ‬فى‭ ‬التحمس‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬الإطار‭ ‬المألوف‭ ‬والمعتاد‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬والعيش‭ ‬بشعور‭ ‬مختلف‭ ‬داخل‭ ‬ذات‭ ‬الجدران‭ ‬وكأنهم‭ ‬يتمردون‭ ‬على‭ ‬الماضى‭ ‬ويبدأون‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭.‬

خرجت‭ ‬الأسرة‭ ‬من‭ ‬منزلهم‭ ‬الذى‭ ‬أمضوا‭ ‬فيه‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬داخل‭ ‬تصميم‭ ‬كلاسيكى‭ ‬تقليدى،‭ ‬ثم‭ ‬عادوا‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬المنزل‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ليستكملوا‭ ‬حياتهم،‭ ‬لكن‭ ‬داخل‭ ‬تصميم‭ ‬جديد‭ ‬ومعاصر‭ ‬مختلف‭ ‬تمامًا‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭. ‬بين‭ ‬الخروج‭ ‬والعودة‭ ‬مرت‭ ‬حوالى‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬تركت‭ ‬فيها‭ ‬الأسرة،‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬الوالدين‭ ‬والابن‭ ‬وبنتين،‭ ‬منزلها‭ ‬بين‭ ‬يدى‭ ‬المهندس‭ ‬شريف‭ ‬هلال‭ ‬ليتولى‭ ‬إعادة‭ ‬إحياء‭ ‬بيتهم‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬يعبر‭ ‬عما‭ ‬كانوا‭ ‬يتمنونه‭ ‬دائمًا،‭ ‬ولكنهم‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬مدركين‭ ‬لذلك‭ ‬حتى‭ ‬شاهدوه‭ ‬بأنفسهم‭. ‬مساحة‭ ‬المنزل‭ ‬حوالى‭ ‬400‭ ‬متر‭ ‬مربع‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬طابق‭ ‬كامل‭ ‬داخل‭ ‬فيلا‭ ‬بمنطقة‭ ‬عرابى‭ ‬على‭ ‬أطراف‭ ‬القاهرة،‭ ‬وتم‭ ‬تجديدها‭ ‬بالكامل‭ ‬بشكل‭ ‬جعلها‭ ‬تبدو‭ ‬كمكان‭ ‬آخر،‭ ‬ولكنه‭ ‬التصميم‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬صورة‭ ‬جديدة‭ ‬تمامًا‭ ‬للمكان‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬توظيفه‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬ليبدو‭ ‬كمكان‭ ‬جديد‭ ‬تمامًا‭.‬

فى‭ ‬البداية،‭ ‬عندما‭ ‬أراد‭ ‬المصمم‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الاتجاه‭ ‬العام‭ ‬لذوق‭ ‬ومتطلبات‭ ‬أصحاب‭ ‬المنزل،‭ ‬استشعر‭ ‬ميلهم‭ ‬للطراز‭ ‬الكلاسيكى‭ ‬كشىء‭ ‬مسلّم‭ ‬به‭ ‬ولا‭ ‬يعرفون‭ ‬غيره‭. ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬مناقشات‭ ‬ومحادثات‭ ‬كثيرة‭ ‬بينهم،‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يكتشف‭ ‬أن‭ ‬حبهم‭ ‬لهذا‭ ‬الطراز‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬بسبب‭ ‬التعود‭ ‬على‭ ‬شىء‭ ‬متوارث‭ ‬فى‭ ‬العائلة،‭ ‬وأن‭ ‬صاحبة‭ ‬المنزل‭ ‬اختارت‭ ‬لمنزلها‭ ‬بالتبعية‭ ‬ما‭ ‬رأته‭ ‬فى‭ ‬منزل‭ ‬أسرتها‭ ‬وكانت‭ ‬تريد‭ ‬تجديد‭ ‬منزلها‭ ‬مكررة‭ ‬نفس‭ ‬الشىء‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تحبه‭.‬

بعد‭ ‬إدراكه‭ ‬لهذه‭ ‬الحقيقة،‭ ‬بدأ‭ ‬شريف‭ ‬بتعريف‭ ‬الأسرة‭ ‬على‭ ‬الطراز‭ ‬المودرن‭ ‬وبدأ‭ ‬فى‭ ‬عرض‭ ‬تصميمات‭ ‬معاصرة‭ ‬للمنزل،‭ ‬وكانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬المنزل‭ ‬وقعوا‭ ‬فى‭ ‬غرامها‭ ‬وتحمسوا‭ ‬جدًا‭ ‬لتنفيذها‭. ‬‮«‬الطبيعى‭ ‬أن‭ ‬يحترم‭ ‬المصمم‭ ‬فى‭ ‬اختياراته‭ ‬ذوق‭ ‬واحتياجات‭ ‬سكان‭ ‬البيت،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬واجبه‭ ‬قبل‭ ‬التنفيذ‭ ‬أن‭ ‬يساعدهم‭ ‬فى‭ ‬اكتشاف‭ ‬ما‭ ‬يريدون‭ ‬لأنهم‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يعرفونه‮»‬‭. ‬هكذا‭ ‬يؤكد‭ ‬شريف‭ ‬أن‭ ‬المصمم‭ ‬دوره‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬فى‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬يُطلب‭ ‬منه،‭ ‬ولكن‭ ‬المشاركة‭ ‬فى‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬مع‭ ‬أصحاب‭ ‬المكان‭ ‬ومساعدتهم‭ ‬على‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الأفضل‭. ‬ويرى‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬سوى‭ ‬فكرة‭ ‬محدودة‭ ‬عن‭ ‬الطراز‭ ‬الكلاسيكى‭ ‬والطراز‭ ‬المعاصر‭ ‬ولا‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التفاصيل‭ ‬والأنماط‭ ‬بينهم‭. ‬لذلك،‭ ‬فهو‭ ‬عندما‭ ‬يستمع‭ ‬إلى‭ ‬صاحب‭ ‬أى‭ ‬منزل‭ ‬لا‭ ‬يبدأ‭ ‬فورًا‭ ‬فى‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬متأكدًا‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬فعلاً‭ ‬يعرف‭ ‬ماذا‭ ‬يريد،‭ ‬بل‭ ‬يجلس‭ ‬معه‭ ‬مرات‭ ‬لعرض‭ ‬الأفكار‭ ‬ومناقشتها‭.‬

بعد‭ ‬وضوح‭ ‬الرؤية،‭ ‬بدأ‭ ‬التنفيذ‭ ‬أولاً‭ ‬بتفريغ‭ ‬المنزل‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شىء‭ ‬وإزالة‭ ‬كل‭ ‬الجدران‭ ‬ثم‭ ‬بنائها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بعد‭ ‬إعادة‭ ‬توزيع‭ ‬المساحات‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬المساحة‭ ‬محدودة‭ ‬فى‭ ‬توزيعات‭ ‬متعددة‭ ‬وضيقة‭ ‬وغير‭ ‬عملية‭ ‬مع‭ ‬ترك‭ ‬مساحات‭ ‬غير‭ ‬مستخدمة‭. ‬وكانت‭ ‬المساحة‭ ‬الخارجية‭ ‬تضم‭ ‬السفرة‭ ‬والمعيشة‭ ‬والصالون‭ ‬فى‭ ‬أجزاء‭ ‬منفصلة‭ ‬كل‭ ‬جزء‭ ‬على‭ ‬حدة‭. ‬وفى‭ ‬الداخل‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ثلاث‭ ‬غرف‭ ‬فقط‭ ‬مقسمين‭ ‬على‭ ‬مساحات‭ ‬ضيقة‭. ‬التعديل‭ ‬سمح‭ ‬بتغيير‭ ‬جذرى‭ ‬فى‭ ‬البيت‭ ‬كله،‭ ‬فأصبح‭ ‬هناك‭ ‬أربع‭ ‬غرف‭ ‬نوم‭ ‬كلها‭ ‬رئيسية‭ ‬بمساحات‭ ‬واسعة،‭ ‬وكل‭ ‬غرفة‭ ‬تم‭ ‬تصميمها‭ ‬بما‭ ‬يناسب‭ ‬شخصية‭ ‬أصحابها‭. ‬ومنطقة‭ ‬الاستقبال‭ ‬أصبحت‭ ‬كلها‭ ‬مفتوحة‭ ‬تضم‭ ‬السفرة‭ ‬والمعيشة‭ ‬والصالون‭ ‬والمطبخ‭ ‬بشكل‭ ‬متصل‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬مساحات‭ ‬شاغرة‭ ‬للشعور‭ ‬بالبراح‭. ‬وأصبح‭ ‬المنزل‭ ‬أيضًا‭ ‬يضم‭ ‬أربعة‭ ‬حمامات‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭.‬

فيما‭ ‬عدا‭ ‬السجاد‭ ‬وقطع‭ ‬الإكسسوار،‭ ‬تم‭ ‬تصنيع‭ ‬كل‭ ‬قطعة‭ ‬فى‭ ‬المنزل‭ ‬محليًا‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬مكتب‭ ‬التصميم‭ ‬خصيصًا‭ ‬للمنزل‭ ‬لتناسب‭ ‬مكانها‭ ‬ووظيفتها‭ ‬تمامًا،‭ ‬لذلك‭ ‬فالمنزل‭ ‬خرج‭ ‬صورة‭ ‬طبق‭ ‬الأصل‭ ‬من‭ ‬التصميم‭ ‬الذى‭ ‬تم‭ ‬وضعه‭ ‬قبل‭ ‬التنفيذ‭. ‬الألوان‭ ‬كلها‭ ‬محايدة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الرمادى‭ ‬والبيج‭ ‬وخليط‭ ‬بينهما،‭ ‬وتم‭ ‬ربط‭ ‬الألوان‭ ‬ببعضها‭ ‬فى‭ ‬الأثاث‭ ‬والجدران‭ ‬ولكن‭ ‬تم‭ ‬اعتماد‭ ‬لون‭ ‬قوى‭ ‬وهو‭ ‬النبيتى‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬القطع‭ ‬ليعطى‭ ‬نبضة‭ ‬حياة‭. ‬أرضيات‭ ‬منطقة‭ ‬الاستقبال‭ ‬من‭ ‬الرخام‭ ‬السيلفر‭ ‬جراى‭ ‬وأرضية‭ ‬المطبخ‭ ‬من‭ ‬رخام‭ ‬الكالاكاتا‭ ‬وأرضية‭ ‬الغرف‭ ‬من‭ ‬الخشب‭. ‬تم‭ ‬توزيع‭ ‬الإضاءة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬فى‭ ‬عدة‭ ‬أماكن‭ ‬لتضيف‭ ‬شعورًا‭ ‬محببًا‭ ‬بالدفء‭ ‬والراحة‭ ‬للمنزل‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬توزيع‭ ‬لمسات‭ ‬من‭ ‬اللون‭ ‬الذهبى‭ ‬فى‭ ‬أماكن‭ ‬متفرقة‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬وكذلك‭ ‬استخدام‭ ‬الأخشاب‭ ‬والرخام‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬تقليدى‭ ‬لإعطاء‭ ‬المنزل‭ ‬ثراءً‭ ‬إضافيًا‭. ‬وتم‭ ‬اختيار‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬تتناسب‭ ‬ألوانها‭ ‬وخطوطها‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬حولها‭ ‬بحسب‭ ‬المكان‭ ‬الموضوعة‭ ‬فيه‭.‬

أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬تبدو‭ ‬مدة‭ ‬قصيرة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬منذ‭ ‬البدء‭ ‬فى‭ ‬وضع‭ ‬التصميم‭ ‬وحتى‭ ‬استلام‭ ‬أصحاب‭ ‬المنزل‭ ‬له،‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬فترة‭ ‬صعبة،‭ ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬شريف،‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬تفصيلة‭ ‬تم‭ ‬تنفيذها‭ ‬خصيصًا‭ ‬للمنزل‭ ‬لتناسب‭ ‬جزءًا‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬لتخدم‭ ‬وظيفة‭ ‬معينة‭ ‬بشكل‭ ‬محدد‭ ‬جدًا‭. ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬عاد‭ ‬أصحاب‭ ‬المنزل‭ ‬ليعيشوا‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬منزلهم‭ ‬وكأنهم‭ ‬يتعرفون‭ ‬عليه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬وكلهم‭ ‬سعادة‭ ‬بالتغيير‭ ‬الذى‭ ‬حدث‭ ‬والذى‭ ‬عبروا‭ ‬عنه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬بداية‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‮»‬،‭ ‬زال‭ ‬أى‭ ‬شعور‭ ‬آخر‭.‬

الأكثر قراءة