تصوير بسام الزغبي، حسن عمار
الإعلام هو المنارة التى تشكّل الوعى العام وتوجه الأفكار وتسهم بشكل كبير فى بناء المجتمعات، وعندما يتعلق الأمر بالأمن والسلام، يصبح دور الإعلام أكثر أهمية، حيث يمتلك القدرة على نشر الوعى السياسى وتعزيز التفاهم بين الشعوب، والتأثير فى مسار الأحداث الدولية من خلال نقل الحقائق، وبناء جسور الحوار، وتوفير منصة للتفاهم والتعاون، كما يستطيع الإعلام أن يكون محركًا رئيسيًا لتحقيق السلام وتعزيز الأمن فى مختلف أنحاء العالم، وهو قوة ضاربة للقضاء على التطرف، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وترسيخ قيم التسامح والعدالة، مما يجعله شريكًا أساسيًا فى تحقيق التوازن والاستقرار.

عندما تلتقى نخبة من الدبلوماسيين والكتاب والمفكرين والإعلاميين للحديث عن الدور البنّاء للإعلام فلابد أن يكون هذا اللقاء فى مكان تاريخى عريق مثل قاعة «البانوراما» بمؤسسة الأهرام، التى شهدت جلسة حوارية مفتوحة كان ضيف الشرف فيها سفير دولة قطر والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية طارق الأنصارى، فى أول زيارة رسمية من نوعها لمؤسسة الأهرام، فى إطار ندوة نقاشية استثنائية بعنوان «دور الإعلام فى الأمن والسلام»، نظمتها مجلة «البيت ونصف الدنيا» الصادرة عن مؤسسة الأهرام برعاية المهندس عبد الصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والدكتور محمد فايز فرحات رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام والكاتبة الصحفية سوسن مراد عز العرب رئيس تحرير مجلة «البيت ونصف الدنيا».

تم استقبال السفير والوفد المرافق له بمبنى حسنين هيكل التاريخى تبعًا لتقاليد الأهرام العريقة، ثم التقى الضيوف بمكتب رئيس مجلس الإدارة لتبادل الحديث عن تعزيز العلاقات القطرية ـ المصرية، وبناء جسور للتواصل الإعلامى، فى زيارة هى الأولى من نوعها بين المؤسستين الإعلامية والدبلوماسية لتبدأ جولة داخل أروقة الأهرام، وزيارة لمقر مجلة «البيت ونصف الدنيا»، والاطلاع على الأرشيف الخاص بالمجلة، وافتتاح معرض وثائقى تاريخى كشف عن نماذج من أصول لصحف تاريخية وثقت أحداثا سياسية واقتصادية كبرى جمعت البلدين الشقيقين مصر وقطر على مدار عقود.

وفى قاعة البانوراما التاريخية بدأ الحوار المفتوح الذى حضره كوكبة مميزة جمعت دبلوماسيين وإعلاميين ونجوما، من بينهم محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق، والسفير أحمد رشيد خطابى الأمين العام المساعد لشؤون الإعلام والاتصال، والسفير خالد شمعة بديوان عام وزارة الخارجية، والدكتور سمير صبرى مقرر لجنة الاستثمار بالحوار الوطنى، والشاعر القطرى جاسم فخرو، والأساتذة علاء ثابت وكيل الهيئة الوطنية للصحافة، وعماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق وعضو مجلس الشيوخ، والإعلامية راندة أبو العزم مديرة مكتب قناة العربية بالقاهرة، ومحمد إبراهيم الدسوقى رئيس تحرير بوابة الأهرام، ومحمد عبدالله رئيس تحرير مجلة الشباب، ونيفين كامل رئيس تحرير الأهرام إبدو، ود. أيمن عبد الوهاب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية، وأحمد كمال رئيس وكالة أنباء الشرق الأوسط، والفنان الكبير محمد ثروت.

الإعلام وتعزيز الأمن والسلام
شهدت العلاقات والتعاون المشترك بين مصر وقطر تقدمًا كبيرًا فى العديد من الملفات المهمة، بما فى ذلك الدعم المتبادل فى القضايا العربية، لاسيما القضية الفلسطينية، حيث أشاد د. محمد فايز فرحات بأهمية الدور الذى يلعبه الإعلام فى تدعيم العلاقات بين البلدين وتعزيز الأمن والسلام، وكون الإعلام من أهم القوى التى تؤثر فى الحراك السياسى الدولى.
السلام خيار استراتيجى
السلام خيار استراتيجى يجب أن يتبناه الجميع، هذا ما أكدته سوسن مراد، رئيس تحرير «البيت ونصف الدنيا»، مضيفة أن التوافق العربى شرط أساسى لتحقيق الأمان، خصوصًا فى ظل التحديات التى تشهدها المنطقة، حيث أصبح التكاتف الإعلامى ضرورة ملحة فى هذا التوقيت الحرج».
أهمية الإعلام فى نشر الوعى السياسى
للإعلام دور محورى لتحقيق السلام والأمن فى أى دولة، هذا ما أشار إليه السفير طارق الأنصارى، مضيفا أن السلام لا يمكن تحقيقه من دون إعلام قوى يسهم فى تعزيز الوعى السياسى، وتكاتف الدول العربية لمواجهة التحديات الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث يأتى تعزيز العلاقات الإعلامية بين مصر وقطر فى إطار دعم السلام والاستقرار الإقليمى.
التحديات الحديثة فى الإعلام
الإعلام يجب أن يكون قادرًا على مواجهة تحديات التقدم التكنولوجى، خصوصًا فى مجالات الذكاء الاصطناعى والفبركة الإلكترونية، هذا ما تطرق إليه محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق، مشددًا على ضرورة الوقوف فى وجه محاولات تزييف الحقائق وتداول الأخبار المزيفة.
الإعلام سلاح السيادة الدولية، ويمكن للإعلام المسئول أن يعزز من أمن الدول وسيادتها، بخاصة فى ظل الظروف الحالية التى يشهد فيها العالم «غزوًا إعلاميًا»، هذا ما أشار إليه أشار السفير أحمد رشيد خطابى وأضاف أن الإعلام يجب أن يكون أداة فعالة فى نشر الوعى وتعزيز السلام، مشددًا على ضرورة تكاتف الجهود بين الدبلوماسيين والإعلاميين لمواجهة الأزمات العالمية.
تعاون مستقبلى
تعزيز التعاون بين مؤسسة الأهرام ودولة قطر فى مجالات الإعلام المختلفة، هذا ما اقترحه السفير خالد شمعة، حيث قال: إن هذا التعاون يمكن أن يكون نُقطة انطلاق لتطوير الإعلام العربى ومواجهة التحديات التى تُهدد الأمن والسلام فى المنطقة.
وعلّق د. فايز فرحات: بخصوص التعاون بين مؤسسة الأهرام ودولة قطر، نحن منفتحون تمامًا على هذا التعاون، خصوصًا أننا فى عام 2025، حيث تحتفل المؤسسة بمرور 150 عامًا على تأسيسها، إذ يوافق الخامس من أغسطس عام 1875 صدور أول عدد منها، وإدراك المؤسسة بكل إصداراتها وعناصرها الإدارية والتحريرية أننا لسنا مؤسسة صحفية فقط، بل لنا دور ريادى فى المشاركة العربية. فالأهرام جزء من النضال العربى، ونحن منفتحون على هذا التعاون ونعتبره التزامًا علينا.
الأزمة الراهنة تهدد الأمن القومى
القضية الفلسطينية ستظل محور القضايا العربية، هذا ما أكدته الإعلامية راندة أبوالعزم، مشيرة إلى نجاح مصر وقطر فى التعاون خلال المفاوضات الأخيرة بشأن وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وتطرقت إلى الأزمة الراهنة والخاصة بمحاولات تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أصحاب الأرض، حيث قالت: هذا التقسيم أمر غير مقبول ويُهدد الأمن القومى، ونحن كإعلاميين علينا مسئولية التكاتف مع حكوماتنا فى التصدى لهذه التحديات بكل ما أوتينا من قوة.
الأزمة الحالية فى المنطقة عربية وليست فلسطينية فقط، هذا ما أكده الكاتب الصحفى عماد الدين حسين، مشيرًا إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أثارت ردود أفعال غاضبة إقليميًا ودوليًا، وشدد على أن الجانب الإيجابى الوحيد فى تصريحات ترامب كان إعادة توحيد الموقف العربى، وهو أمر افتقدته المنطقة منذ سنوات طويلة.
وأشار إلى تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما قال إن «تهجير الفلسطينيين إلى مصر خط أحمر»، مؤكدًا أن إخراج الفلسطينيين من أراضيهم يعنى عدم عودتهم إليها أبدًا، وهو ما يهدد جوهر القضية الفلسطينية.
درع التكريم للسفير
وفى ختام الندوة، تم تكريم السفير طارق الأنصارى من قبل مجلة «البيت ونصف الدنيا» تقديرًا لجهوده فى تعزيز العلاقات بين مصر وقطر، وتسلم السفير درع التكريم من الكاتبة الصحفية سوسن مراد عزالعرب والدكتور محمد فايز فرحات رئيس مجلس الإدارة وسط أجواء من الحفاوة والود، والحوار الذى أثبت أن الإعلام ليس مجرد أداة لنقل الأخبار، بل هو قوة فاعلة فى تشكيل الرأى العام وتعزيز الاستقرار فى المنطقة، وهو ما يتطلب تضافر الجهود بين الدول العربية لمواجهة التحديات المعاصرة وتعزيز السلام.