م. عمرو جزارين: إسناد تطوير منظومة زيارة الأهرامات للقطاع الخاص قرار جريء
تصوير: حسن عمار
منذ عقود ومنطقة أهرامات الجيزة تعاني من تعامل لا يليق بالعجيبة الوحيدة الباقية من عجائب العالم القديم السبع، والتي تتفرد مصر بوجودها أثرا شاهدا على عراقة أقدم دولة عرفها التاريخ، باتفاق عدد من المؤرخين على مستوى العالم.
وطالما اشتكى الزوار سواء المصريون أو الأجانب من معاناتهم خلال زيارتهم للمنطقة، سواء من العشوائية التي سيطرت عليها سنوات طويلة، أو عدم توافر الخدمات الأساسية أو توافر بعضها بشكل دون المستوى اللائق، ولكن يبدو أن الصورة أوشكت على التغير بشكل كلي.
ملامح التطوير الذي تلمسه بداية من المداخل الجديدة، مرورا بساحات انتظار السيارات، ومركز استقبال الزائرين، ومحطات الزيارة المختلفة بين معالم المنطقة الفريدة، والخدمات المتاحة للزوار، والذي تقوم به حاليا أوراسكوم بيراميدز المصرية، التي يرأس مجلس إدارتها المهندس عمرو جزارين، خريج قسم الاتصالات بكلية الهندسة، جامعة القاهرة، والذي نتعرف منه على الشكل المستقبلي المستهدف للمنطقة، ومعدلات التنفيذ على أرض الواقع.
تولى القطاع الخاص المصرى تطوير وإدارة منطقة الأهرامات، كيف أصبحت حقيقة واقعة؟
في رأيي الشخصي، هذا الإجراء تأخر كثيرًا، لمنطقة هي الأهم والأعظم في العالم، والتي عانت فترة طويلة من سوء الإدارة، والعشوائية التي أضرت كثيرا بصورة وسُمعة مصر أمام العالم، وكان المكان يستحق نقلة كبيرة في منظومة الزيارة، وقد تنبهت الدولة لذلك أخيرا، ودائما أقول إن قرار الرئيس السيسي والقيادة السياسية، بإسناد تطوير وإدارة منظومة زيارة منطقة الأهرامات للقطاع الخاص المصرى، قرار جرىء، وتم في آخر عام 2018 توقيع عقد تطوير منظومة زيارة المنطقة ما بين المجلس الأعلى للآثار، و«أوراسكوم بيراميدز» لخلق منظومة عالمية وراقية، تتناسب وقيمة الأهرامات، وعظمة وتاريخ مصر، ويترتب عليها تحقيق مردود إيجابي على السياحة المصرية، ودخل الدولة من العملات الصعبة، بما تضمنه المنظومة من إنشاءات عديدة تمثلت على سبيل المثال في مركز استقبال الزائرين، ودورات المياه الحديثة التي تليق بقيمة المنطقة وزوارها، والمنافذ المتخصصة لبيع الهدايا التذكارية، والمنتجات المصرية المميزة، ومنظومة التنقل داخل المنطقة، وغيرها.
ما الفلسفة التي قامت عليها رؤية تطوير زيارة المنطقة؟
الهدف الذي كنا نسعى إليه هو تمكين الزائر لمنطقة الأهرامات من القيام بزيارة مميزة، جديرة بأن يحتفظ بتفاصيلها المميزة كذكرى فريدة في حياته، يسعى لتكرارها، بما يليق بأهم أثر باق على مستوى العالم، لذا استعنا بمكتب استشارى انجليزى متخصص في تصميم زيارة المناطق الأثرية، لتصميم هذه المنظومة، بالتوافق مع المجلس الأعلى للآثار التابع لوزارة السياحة والآثار المصرية، وكانت رؤية الدولة المسبقة تتضمن إنشاء مدخل جديد للمنطقة، ووجود مبنى لاستقبال زوار المنطقة، وأن يقتصر التنقل داخل حرم المنطقة على باصات خاصة، بخلاف الوضع الحالي الذي يسمح للزوار بالتنقل داخل المنطقة بسياراتهم الخاصة.
حدثنا عن تصميم الزيارة الجديد.
تم تقسيم المنطقة إلى سبع محطات مختلفة، لكل منها رؤية خاصة لجانب مميز من المنطقة، ويتوافر في كل منها الخدمات التي يحتاجها الزوار لأي مكان أثري ذي طبيعة مميزة على مستوى العالم، من مطاعم ومقاه، ودورات مياه وخدمات مساعدة، وبازارات مميزة، وحتى الخدمات البنكية من خلال ماكينات «إيه تي ام»، كل ذلك تم تصميمه وإنشاؤه بالفعل مع الأخذ في الاعتبار الطبيعة المميزة والخاصة للمكان، وتمت جميع الأعمال الإنشائية دون أن تتحمل الدولة أي تكاليف.
متى بدأ التطوير؟ وإلى أين وصل الآن؟
استلمنا الموقع بشكل فعلي في آخر عام 2019، وحصل تأخير لنحو 6 أشهر تقريبا، بسبب جائحة كورونا، والآن ونحن في مطلع عام 2025، يمكنني القول إننا أنهينا الأعمال المطلوبة والمستهدفة بنسبة 100، % ونحن جاهزون لتشغيل المنظومة الجديدة فعليا خلال شهر أو شهرين على الأكثر، وربما يرجع التأخر في بدء التشغيل الفعلي إلى بعض العقبات التي تظهر خلال التطوير والتي نسعى إلى تذليلها تباعا، منها على سبيل المثال تأخر وصول الباصات الكهربائية الجديدة المستوردة من الخارج، والتي ستكون وسيلة التنقل الوحيدة داخل حرم المنطقة الأثرية لحمايتها والحفاظ على بيئتها نظيفة، ومشكلة أصحاب الخيول والجمال، والتي تم حلها بالتفاهم معهم، وإنشاء محطة خاصة لهم تراعي طبيعة الحيوانات، وتتيح لمن يرغب من الزوار التنقل باستخدامها في مسارات خاصة يجري تخطيطها حاليا، ويمكنني القول إننا مستعدون لبدء العمل فورا، باستخدام بدائل متوافرة بالفعل للباصات المستوردة لحين وصولها.
هل تعد باختفاء السلبيات والعشوائية -إن صح التعبير- مع تفعيل المنظومة الجديدة؟
لكي أكون دقيقا، يمكنني القول إن هذا ما نسعى إليه، ولكن تحقيق ذلك يتطلب وعيا ومجهودا من شركائنا في العمل، فمثلا هناك أماكن ومسارات مخصصة لأصحاب الدواب والباعة الجائلين وغيرهم، لا بد من الالتزام بها إذا أردنا اختفاء السلبيات والعشوائية التي مازالت تلقى بظلالها على المنطقة، نحن لا نملك سلطة اتخاذ وتنفيذ قرارات من هذا النوع، الدولة فقط وأجهزتها المختصة هي من لها هذه السلطة، كذلك يتحتم علينا وبالتدريج رفع الوعي بالسلوكيات الواجب الالتزام بها من جميع المشاركين في المنظومة، فمهما تنشئ وتطور فأنت بحاجة للعامل البشري للحفاظ على ما قمت بإنجازه، ناهيك عن تطويره وتنميته.
ماذا عن الفعاليات العالمية التي أقيمت في المنطقة مؤخرا؟
منطقة الأهرام من أهم وجهات تنظيم الفعاليات العالمية، ويحلم الكثير من الفنانين والمصممين والرياضيين بل وحتى السياسيين بإطلاق فعالياتهم في أحضانها، وبعد التطوير باتت هذه الفعاليات من أهم مصادر الدخل، بخاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن تسعير زيارة المنطقة تحدده أجهزة الدولة المختصة، وتحصل عليه بالكامل، وشهدنا مؤخرا انتظام هذه الفعاليات، وأصبح بعضها يقام سنويا، وتشرف عليها إدارة خاصة.
متى تتوقع تشغيل منظومة الزيارة الجديدة رسميا؟
كمصري أحلم بأن تصبح المنطقة نموذجا عالميا لزيارة المناطق الأثرية، والسياحة الثقافية، وأرجو أن يتواصل تعاون أجهزة الدولة المختصة بالحماسة نفسها والإرادة التي يبديها رئيس الجمهورية، بخاصة أن هدفنا مشترك، وبخصوص التشغيل، كان وزير السياحة قد أعلن أنه من المتوقع التشغيل الفعلي خلال فبراير الجاري، أو خلال شهر مارس على الأكثر.