نقطة البداية من أكثر اللحظات حساسية في حياة الإنسان، يربط البعض بينها وبين ما يمكن تحقيقه من نجاح أو فشل لكن قصص العديد من الشخصيات تُظهر أنها لحظة لا تُحدد المصير دائمًا، بل يمكن لتغييرات جذرية أن تُحدث تحولا كاملا في حياتنا قد تكون للأفضل وربما يحدث العكس.
البداية مهما كانت متواضعة أو مختلفة عن الحلم، يمكن أن تكون خطوة في مسار طويل ومليء بالتحديات، الشجاعة في اتخاذ القرارات المصيرية، والإصرار على تحقيق الأحلام، هما المحركان الأساسيان وراء هذه النجاحات، لا تحكم على البداية، فالحياة مليئة بالفرص التي قد تقودك إلى تغيير جذري يعيد تشكيل حاضرك ومستقبلك وعلي سبيل المثال يمكننا الإشارة إلى بعض النماذج الشهيرة في حياتنا، يأتي في مقدمتهم الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان الذي بدأ حياته المهنية كمذيع رياضي، ثم انتقل إلى هوليوود ليصبح نجمًا في عالم السينما. بعدها وجد شغفه الحقيقي في السياسة ليُصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، مما يؤكد أن التحول المهني قد يكون بداية لطريق جديد ومشرق.

وفي حكاية مشابهة يمكن أن ترى قصة تحول النجم جورج وايا من لاعب كرة قدم بارز في ليبيريا والعالم إلى دخول عالم السياسة ليُصبح رئيسًا لبلاده في 2017، مُظهرًا أن الطموح والإصرار يمكن أن يدفعا أي شخص لتحقيق أهداف غير متوقعة، والمؤكد أن قصص هذه الشخصيات تلهمنا بألا نخاف من التغيير، وأن الوقت لا يُعتبر عائقًا أمام النجاح، لأن الإيمان بالذات والجرأة فى اتخاذ الخطوات المفتاح لتحويل الأحلام إلى واقع، من دون النظر إلى العمر والخبرات والعقبات.

نجوم البدايات غير المتوقعة
العمل الشريف وسيلة لتحقيق الأحلام وبناء المستقبل، في كثير من الأحيان، لا تكون المهنة الأولى التي يبدأ فيها الفرد هي الوجهة النهائية، بل تُصبح نقطة انطلاق نحو مسارات مختلفة قد تُحقق نجاحًا غير متوقع. هذا ما تعكسه قصص العديد من الفنانين والشخصيات البارزة الذين أثبتوا أن التحولات المهنية ليست سوى فرصة لبداية جديدة، على سبيل المثال ترك النجم الكبير أحمد مظهر مسيرته كضابط فى الجيش ليُصبح أحد أبرز نجوم السينما نتيجة شغفه بالفن والإبداع، ولولا هذا القرار الجرىء لما عرفنا "فارس السينما المصرية"، وغيره من الضباط مثل الفنان الراحل صلاح ذو الفقار الذي كان ضابط شرطة، وأيضا الفنان إيهاب نافع في الأصل خريج الكلية الجوية وعمل طيارا في الجيش، وطيارا خاصا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر لمدة ثلاثة أعوام ومثله النجم محمود قابيل وطارق علام وأكرم حسني.

أما بعيدا عن الشرطة والجيش فهناك من غيروا بداياتهم مثل النجم كمال الشناوي والنجم محمود مرسي حيث عملا كمدرسين للرسم والفلسفة قبل دخولهما عالم السينما وهناك النجم نور الشريف الذي ترك كرة القدم وودع أحلامه فيها ليصبح أيقونة التمثيل وفتى أحلام الشاشة بل استفاد من قصته الكروية في فيلم سينمائي "غريب في بيتي" مع سعاد حسنى حيث جسد دور "شحاته أبو كف" لاعب نادي الزمالك الشهير.
وداخل الوسط الفني هناك العديد من النماذج التي نجحت في تخطي بداياتها وتحولت إلى المجال الفني سواء في التمثيل أو الغناء أو الإخراج ومنهم على سبيل المثال أشرف عبد الباقي الذي بدأ حياته المهنية في مجال تركيب الشبابيك وهندسة الديكور قبل أن يصبح أحد أبرز نجوم الكوميديا في مصر، وداليا البحيري التي كانت مرشدة سياحية وعملت عارضة للأزياء قبل أن تدخل عالم التمثيل، أما الراحل شعبان عبدالرحيم فلم يُخفِ فخره بعمله السابق كمكوجي قبل أن يتحول إلى واحد من أبرز المطربين الشعبيين في مصر.
أطباء الفن
أما القادمون من المجال الطبي فحدث ولا حرج حيث أثبتوا أن الطب لا يتعارض مع الإبداع الفني، بل إن العديد من الأطباء استثمروا شغفهم ومواهبهم في الفنون ليصبحوا نجومًا في سماء السينما والغناء، منهم يحيى الفخراني الذي درس الطب وكان يرغب فى التخصص في مجال الأمراض النفسية والعصبية، لكنه وجد شغفه الحقيقي في التمثيل أثناء دراسته الجامعية، وبدأ مسيرته الفنية في المسرح الجامعي، وسرعان ما أصبح من أبرز نجوم السينما والدراما المصرية، وكذلك الفنان الراحل فؤاد خليل، فهو طبيب أسنان، تخرج في كلية الطب عام 1961، ولكنه قرر ألا يزاول تلك المهنة، واتجه إلى الفن، وكانت أول مشاركة له في المجال الفني من خلال مسرحية «سوق العصر» عام 1968، الأمر أيضاً امتد إلى الجيل الحالي، فهناك عدد من الفنانين الذين درسوا في كلية الطب ثم اتجهوا إلى الفن، منهم كريم فهمي الذي تخرج في كلية طب الأسنان، ومازال يمارس مهنته رغم دخوله عالم التمثيل.

بالإضافة إلى سهر الصايغ فهي خريجة كلية طب الأسنان، ومحمد كريم خريج كلية الطب جامعة عين شمس وحاليا يجسد أدوارا فنية مع نجوم عالميين في هوليوود وكذلك المخرج بيتر ميمي الذي ترك الطب من أجل الفن، فبعد مزاولته للمهنة قرر أن يتجه للإخراج حيث درس ميمي الطب في جامعة القاهرة، ثم حصل على دبلوم في السينما، وترك الطب وتخصص في الإخراج.

أبطال التغييرات الجذرية
يعتقد كثيرون أن تجاوز الثلاثين يعني الاستقرار في مهنة واحدة، لكن قصص بعض الشخصيات العالمية تثبت أن التغيير في هذه المرحلة قد يكون بداية لنجاحات عظيمة لشخصيات بارزة نجحت في إعادة تشكيل حياتها المهنية بعد الثلاثين، منهم جيف بيزوس الذي قرر بعد مسيرة ناجحة في "وول ستريت" أن يترك وظيفته في سن الحادية والثلاثين ليؤسس شركة أمازون، التي أصبحت منصة التجارة الإلكترونية الأولى عالميًا، مما جعله أغنى رجل في العالم.
أما فيرا وانج فقد بدأت مسيرتها كصحفية قبل أن تُصبح من أشهر مصممي الأزياء ومثلها جوليا تشايلد التي بدأت حياتها المهنية في الإعلام والإعلان، لكنها اتجهت إلى الطهى في الخمسينيات من عمرها، وأصبحت واحدة من أشهر الطهاة في العالم بعد إصدار أول كتاب طهى لها.
في النهاية من المهم أن تثق في قدرتك على التغيير من دون أن تشعر بالحرج من تحقيق أحلامك في أى وقت تراه مناسبا ومهما كانت البدايات لابد أن تعرف أن القادم ربما يبدو مختلفا وجريئا وأكثر نجاحا.