خلال مسيرتها الممتدة التى يؤرخ لها بفيلم «ليلى» أول عمل روائي طويل أنتج عام 1927م من بطولة وإخراج وإنتاج وتأليف عزيزة أمير، مرت السينما المصرية بمراحل عدة لعل أكثرها من حيث عدم الاستقرار مرحلة ما يسمى «سينما ما بعد الألفية الثالثة» التى بدأت مع ميلاد عام 2000. وخلال الـ25 عاما الفائتة شهدت صعودا وهبوطا وموجات وتقلبات لم تشهدها في تاريخها الطويل.
فى مطلع عام 2000 برز نجوم تحولوا إلى ظواهر، فى مقدمتهم الراحل علاء ولي الدين بفيلمه الشهير «الناظر» الذى عرض فى بداية العام، وأسهم فى صعود ليس فقط بطله، بل محمد سعد الذي قدم شخصية «اللمبي» وأصبحت، ولا تزال، الظاهرة السينمائية الملتصقة بممثلها، ثم أحمد حلمي، من الفيلم نفسه، وأخرجه شريف عرفة.
ميلاد نجوم جدد
حملت البدايات تفاؤلا للمواهب الصاعدة، وهيأت لميلاد نجوم جدد في مقدمتهم أحمد السقا الذي أسندت إليه أول بطولة مطلقة له فيلم «شورت وفانلة وكاب»، حصد الفيلم معظم جوائز مهرجان القاهرة السينمائي، وأخرجه سعيد حامد، وأول ظهور لنور اللبنانية، وفيه واصل محمد هنيدى تألقه بفيلم «بلية ودماغه العالية».
صمود الكبار
ولم تكن سينما الشباب برغم سيطرتها هى الظاهرة، بل قدمت أفلاما حصلت على إشادات نقدية عالية مثل «جنة الشياطين» للراحل أسامة فوزي، و«المدينة» ليسرى نصرالله، و«الأبواب المغلقة» إخراج عاطف حتاتة.
لم تتوقف مسيرة الشباب بل سيطروا بعد افتتاحهم للألفية الثالثة، إذ فتح الباب فى 2001 لدخول وجوه هي الآن تتصدر الساحة، وفى مقدمتهم أحمد عز وهند صبري بفيلم «مذكرات مراهقة» عام 2001 والذى شهد أكبر عدد من الأفلام، ومنافسة حامية الوطيس بين الكبار أيضا فى مقدمتهم أحمد زكى بفيلمه «أيام السادات»، ومحمود عبدالعزيز بفيلم «الساحر».
يمكن وصف عام 2002 بأنه عام نضج الشباب وتصدرهم الفعلي للساحة مع محاولات من الكبار لإثبات وجودهم، حتى عاد مخرجون مثل على بدرخان للإخراج بفيلم «الرغبة»، وأشرف فهمي مع شريهان بفيلم «العشق والدم» وأحمد يحي بفيلم،«رحلة مشبوهة»، وسمير سيف بفيلم «معالي الوزير».
محمد سعد يحطم الإيرادات
فى ٢٠٠٤ أصبح محمد سعد نجم المرحلة، بفيلم «اللى بالي بالك»، وأحمد حلمي بفيلم «ميدو مشاكل»، لكن لم تتوقف موجات الرومانسية عن المنافسة حيث قدم مجموعة الشباب فيلم «سهر الليالي»، وأكد الزعيم عادل إمام أنه نجم كل المراحل بفيلمه «التجربة الدانماركية» محققا أعلى إيرادات فى العام نفسه.
سيطرة للشباب، مع دخول مفاجئ للكبار، وتحد من مخرجين أمثال يوسف شاهين للواقع بفيلم «إسكندرية نيويورك»، وأسامة فوزي بفيلم «بحب السيما»، وظل هنيدى والسقا، ومحمد سعد ودخل معهم فى السباق كريم عبدالعزيز، وأحمد حلمي، فى محاولاتهم مع توهج الزعيم عادل إمام بفيلم «عريس من جهة أمنية»، ومحاولات أخرى للفنانات لإثبات وجودهن مثل ليلى علوى «حب البنات»، وصعود أسهم حنان ترك ومنة شلبي وهند صبري بفيلم «أحلى الأوقات».
رحيل مفاجئ
فى ٢٠٠٥ رحل علاء ولي الدين، لم يكمل تصوير فيلمه الأخير، ورحل النجم الكبير أحمد زكى فى 2005، ثم يوسف شاهين، بعد أن أنهى فيلمه «هي فوضى»، ثم بدأت السينما المصرية مرحلة يمكن وصفها بالوعكة الصحية التى استمرت طويلا حتى أصبحت مرضا مزمنا، بدأت مع ارتباك الأوضاع فى عام 2011، واستمرارها فترة طويلة لتتراجع حركة الإنتاج، وتظهر أفلام مثل «على واحدة ونص» لسما المصري، و«عبده موتة» لمحمد رمضان، وفى عام 2018 أشاد النقاد بفيلم «تراب الماس» بطولة آسر ياسين وإخراج مروان حامد، وحققت أفلام مثل «أبلة طمطم» لياسمين عبدالعزيز و«البدلة» لتامر حسني إيرادات معقولة، لكنهما كانا عملين مخيبين للآمال سينمائيا.
انتكاسة سينمائية
استمر التراجع حتى على مستوى النجوم أنفسهم، مثل أحمد حلمي بفيلم «خيال مآتة»، في حين ذهب الجمهور لفيلم «قصة حب» لأحمد حاتم وهنا الزاهد، فى 2019، وتبدأ مع دخول عام 2020 موجات عدم الاستقرار السينمائي، وفى عام 2023 قدمت السينما ما يزيد على 40 فيلما، لكنها أفلام في معظمها للاستهلاك التجاري، تميز منها فيلم «بيت الروبي» لكريم عبدالعزيز وكريم محمود عبدالعزيز، و«وش فى وش» لمحمد ممدوح وأمينة خليل، و«فوي فوي» لمحمد فراج، و«يوم 13» لأحمد داود، و«اتنين للإيجار».
عودة الروح
شهد العام الأخير 2024 محاولات وصفت بأنها عودة الروح بأفلام مثل «رحلة 404» لمنى زكي، برغم أنه مؤجل، وفيلم «ولاد رزق 3»، أكثر أفلام المرحلة تحقيقا للإيرادات، وفيلم «الحريفة» تجربة شبابية مهمة لنور النبوي، وأخيرا فيلم «الهوى سلطان» بطولة أحمد داود ومنة شلبي، لينتهى العام بأعمال حققت إيرادات داخليا وخارجيا تمنح صناع السينما فى مصر حالة تفاؤل بأن القادم أفضل، وبخاصة أن هناك أعمالا تعد حاليا للعرض فى العام المقبل، منها أفلام لمنى زكى مثل «الست، الفيل الأزرق 3 لكريم عبدالعزيز، ولاد رزق 4»، ومحاولات جادة من عدد من المنتجين للعودة مرة أخر.