السينما‭ ‬المصرية صعود وهبوط
السينما‭ ‬المصرية صعود وهبوط
10 يناير 2025
خلال‭ ‬مسيرتها‭ ‬الممتدة‭ ‬التى‭ ‬يؤرخ‭ ‬لها‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬ليلى‮»‬‭ ‬أول‭ ‬عمل‭ ‬روائي‭ ‬طويل‭ ‬أنتج‭ ‬عام‭ ‬1927م‭ ‬من‭ ‬بطولة‭ ‬وإخراج‭ ‬وإنتاج‭ ‬وتأليف‭ ‬عزيزة‭ ‬أمير،‭ ‬مرت‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬بمراحل‭ ‬عدة‭ ‬لعل‭ ‬أكثرها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬سينما‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الألفية‭ ‬الثالثة‮»‬ التى‭ ‬بدأت‭ ‬مع‭ ‬ميلاد‭ ‬عام‭ ‬2000‭.‬ وخلال‭ ‬الـ25‭ ‬عاما‭ ‬الفائتة‭ ‬شهدت‭ ‬صعودا‭ ‬وهبوطا‭ ‬وموجات‭ ‬وتقلبات‭ ‬لم‭ ‬تشهدها‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬الطويل‭. 
 
فى‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬برز‭ ‬نجوم‭ ‬تحولوا‭ ‬إلى‭ ‬ظواهر،‭ ‬فى‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الراحل‭ ‬علاء‭ ‬ولي‭ ‬الدين‭ ‬بفيلمه‭ ‬الشهير‭ ‬‮«‬الناظر‮»‬‭ ‬الذى‭ ‬عرض‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬العام،‭ ‬وأسهم‭ ‬فى‭ ‬صعود‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بطله،‭ ‬بل‭ ‬محمد‭ ‬سعد‭ ‬الذي‭ ‬قدم‭ ‬شخصية‭ ‬‮«‬اللمبي‮»‬‭ ‬وأصبحت،‭ ‬ولا‭ ‬تزال،‭ ‬الظاهرة‭ ‬السينمائية‭ ‬الملتصقة‭ ‬بممثلها،‭ ‬ثم‭ ‬أحمد‭ ‬حلمي،‭ ‬من‭ ‬الفيلم‭ ‬نفسه،‭ ‬وأخرجه‭ ‬شريف‭ ‬عرفة‭.‬
 
ميلاد‭ ‬نجوم‭ ‬جدد
حملت‭ ‬البدايات‭ ‬تفاؤلا‭ ‬للمواهب‭ ‬الصاعدة،‭ ‬وهيأت‭ ‬لميلاد‭ ‬نجوم‭ ‬جدد‭ ‬في‭ ‬مقدمتهم‭ ‬أحمد‭ ‬السقا‭ ‬الذي‭ ‬أسندت‭ ‬إليه‭ ‬أول‭ ‬بطولة‭ ‬مطلقة‭ ‬له‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬شورت‭ ‬وفانلة‭ ‬وكاب‮»‬،‭ ‬حصد‭ ‬الفيلم‭ ‬معظم‭ ‬جوائز‭ ‬مهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬السينمائي،‭ ‬وأخرجه‭ ‬سعيد‭ ‬حامد،‭ ‬وأول‭ ‬ظهور‭ ‬لنور‭ ‬اللبنانية،‭ ‬وفيه‭ ‬واصل‭ ‬محمد‭ ‬هنيدى‭ ‬تألقه‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬بلية‭ ‬ودماغه‭ ‬العالية‮»‬‭.‬
 
صمود‭ ‬الكبار
ولم‭ ‬تكن‭ ‬سينما‭ ‬الشباب‭ ‬برغم‭ ‬سيطرتها‭ ‬هى‭ ‬الظاهرة،‭ ‬بل‭ ‬قدمت‭ ‬أفلاما‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬إشادات‭ ‬نقدية‭ ‬عالية‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬جنة‭ ‬الشياطين‮»‬‭ ‬للراحل‭ ‬أسامة‭ ‬فوزي،‭ ‬و‮«‬المدينة‮»‬‭ ‬ليسرى‭ ‬نصرالله،‭ ‬و«الأبواب‭ ‬المغلقة‮»‬‭ ‬إخراج‭ ‬عاطف‭ ‬حتاتة‭.‬
لم‭ ‬تتوقف‭ ‬مسيرة‭ ‬الشباب‭ ‬بل‭ ‬سيطروا‭ ‬بعد‭ ‬افتتاحهم‭ ‬للألفية‭ ‬الثالثة،‭ ‬إذ‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬فى‭ ‬2001‭ ‬لدخول‭ ‬وجوه‭ ‬هي‭ ‬الآن‭ ‬تتصدر‭ ‬الساحة،‭ ‬وفى‭ ‬مقدمتهم‭ ‬أحمد‭ ‬عز‭ ‬وهند‭ ‬صبري‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬مذكرات‭ ‬مراهقة‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2001‭ ‬والذى‭ ‬شهد‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأفلام،‭ ‬ومنافسة‭ ‬حامية‭ ‬الوطيس‭ ‬بين‭ ‬الكبار‭ ‬أيضا‭ ‬فى‭ ‬مقدمتهم‭ ‬أحمد‭ ‬زكى‭ ‬بفيلمه‭ ‬‮«‬أيام‭ ‬السادات‮»‬،‭ ‬ومحمود‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬الساحر‮»‬‭. ‬
يمكن‭ ‬وصف‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬بأنه‭ ‬عام‭ ‬نضج‭ ‬الشباب‭ ‬وتصدرهم‭ ‬الفعلي‭ ‬للساحة‭ ‬مع‭ ‬محاولات‭ ‬من‭ ‬الكبار‭ ‬لإثبات‭ ‬وجودهم،‭ ‬حتى‭ ‬عاد‭ ‬مخرجون‭ ‬مثل‭ ‬على‭ ‬بدرخان‭ ‬للإخراج‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬الرغبة‮»‬،‭ ‬وأشرف‭ ‬فهمي‭ ‬مع‭ ‬شريهان‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬العشق‭ ‬والدم‮»‬‭ ‬وأحمد‭ ‬يحي‭ ‬بفيلم،‮«‬رحلة‭ ‬مشبوهة‮»‬،‭ ‬وسمير‭ ‬سيف‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬معالي‭ ‬الوزير‮»‬‭.
 
محمد‭ ‬سعد‭ ‬يحطم‭ ‬الإيرادات
فى‭ ‬‮٢٠٠٤‬‭ ‬أصبح‭ ‬محمد‭ ‬سعد‭ ‬نجم‭ ‬المرحلة،‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬اللى‭ ‬بالي‭ ‬بالك‮»‬،‭ ‬وأحمد‭ ‬حلمي‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬ميدو‭ ‬مشاكل‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬موجات‭ ‬الرومانسية‭ ‬عن‭ ‬المنافسة‭ ‬حيث‭ ‬قدم‭ ‬مجموعة‭ ‬الشباب‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬سهر‭ ‬الليالي‮»‬،‭ ‬وأكد‭ ‬الزعيم‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬أنه‭ ‬نجم‭ ‬كل‭ ‬المراحل‭ ‬بفيلمه‭ ‬‮«‬التجربة‭ ‬الدانماركية‮»‬‭ ‬محققا‭ ‬أعلى‭ ‬إيرادات‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭.‬
سيطرة‭ ‬للشباب،‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬مفاجئ‭ ‬للكبار،‭ ‬وتحد‭ ‬من‭ ‬مخرجين‭ ‬أمثال‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين‭ ‬للواقع‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬إسكندرية‭ ‬نيويورك‮»‬،‭ ‬وأسامة‭ ‬فوزي‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬بحب‭ ‬السيما‮»‬،‭ ‬وظل‭ ‬هنيدى‭ ‬والسقا،‭ ‬ومحمد‭ ‬سعد‭ ‬ودخل‭ ‬معهم‭ ‬فى‭ ‬السباق‭ ‬كريم‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬وأحمد‭ ‬حلمي،‭ ‬فى‭ ‬محاولاتهم‭ ‬مع‭ ‬توهج‭ ‬الزعيم‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬عريس‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أمنية‮»‬،‭ ‬ومحاولات‭ ‬أخرى‭ ‬للفنانات‭ ‬لإثبات‭ ‬وجودهن‭ ‬مثل‭ ‬ليلى‭ ‬علوى‭ ‬‮«‬حب‭ ‬البنات‮»‬،‭ ‬وصعود‭ ‬أسهم‭ ‬حنان‭ ‬ترك‭ ‬ومنة‭ ‬شلبي‭ ‬وهند‭ ‬صبري‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬أحلى‭ ‬الأوقات‮»‬‭. ‬
 
رحيل‭ ‬مفاجئ
فى‭ ‬‮٢٠٠٥‬‭ ‬رحل‭ ‬علاء‭ ‬ولي‭ ‬الدين،‭ ‬لم‭ ‬يكمل‭ ‬تصوير‭ ‬فيلمه‭ ‬الأخير،‭ ‬ورحل‭ ‬النجم‭ ‬الكبير‭ ‬أحمد‭ ‬زكى‭ ‬فى‭ ‬2005،‭ ‬ثم‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أنهى‭ ‬فيلمه‭ ‬‮«‬هي‭ ‬فوضى‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬بدأت‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬مرحلة‭ ‬يمكن‭ ‬وصفها‭ ‬بالوعكة‭ ‬الصحية‭ ‬التى‭ ‬استمرت‭ ‬طويلا‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬مرضا‭ ‬مزمنا،‭ ‬بدأت‭ ‬مع‭ ‬ارتباك‭ ‬الأوضاع‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2011،‭ ‬واستمرارها‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬لتتراجع‭ ‬حركة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وتظهر‭ ‬أفلام‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬على‭ ‬واحدة‭ ‬ونص‮»‬‭ ‬لسما‭ ‬المصري،‭ ‬و«عبده‭ ‬موتة‮»‬‭ ‬لمحمد‭ ‬رمضان،‭ ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬أشاد‭ ‬النقاد‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬تراب‭ ‬الماس‮»‬‭ ‬بطولة‭ ‬آسر‭ ‬ياسين‭ ‬وإخراج‭ ‬مروان‭ ‬حامد،‭ ‬وحققت‭ ‬أفلام‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬أبلة‭ ‬طمطم‮»‬‭ ‬لياسمين‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬و«البدلة‮»‬‭ ‬لتامر‭ ‬حسني‭ ‬إيرادات‭ ‬معقولة،‭ ‬لكنهما‭ ‬كانا‭ ‬عملين‭ ‬مخيبين‭ ‬للآمال‭ ‬سينمائيا‭.‬
 
انتكاسة‭ ‬سينمائية
استمر‭ ‬التراجع‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬النجوم‭ ‬أنفسهم،‭ ‬مثل‭ ‬أحمد‭ ‬حلمي‭ ‬بفيلم‭ ‬‮«‬خيال‭ ‬مآتة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ذهب‭ ‬الجمهور‭ ‬لفيلم‭ ‬‮«‬قصة‭ ‬حب‮»‬‭ ‬لأحمد‭ ‬حاتم‭ ‬وهنا‭ ‬الزاهد،‭ ‬فى‭ ‬2019،‭ ‬وتبدأ‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬موجات‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬السينمائي، وفى عام‭ ‬2023‭ ‬قدمت‭ ‬السينما‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬40‭ ‬فيلما،‭ ‬لكنها‭ ‬أفلام‭ ‬في‭ ‬معظمها‭ ‬للاستهلاك‭ ‬التجاري،‭ ‬تميز‭ ‬منها‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬بيت‭ ‬الروبي‮»‬‭ ‬لكريم‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬وكريم‭ ‬محمود‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬و«وش‭ ‬فى‭ ‬وش‮»‬‭ ‬لمحمد‭ ‬ممدوح‭ ‬وأمينة‭ ‬خليل،‭ ‬و«فوي‭ ‬فوي‮»‬‭ ‬لمحمد‭ ‬فراج،‭ ‬و‮«‬يوم‭ ‬13‮»‬‭ ‬لأحمد‭ ‬داود،‭ ‬و«اتنين‭ ‬للإيجار‮»‬‭.‬
 
عودة‭ ‬الروح
شهد‭ ‬العام‭ ‬الأخير‭ ‬2024‭ ‬محاولات‭ ‬وصفت‭ ‬بأنها‭ ‬عودة‭ ‬الروح‭ ‬بأفلام‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬رحلة‭ ‬404‮»‬‭ ‬لمنى‭ ‬زكي،‭ ‬برغم‭ ‬أنه‭ ‬مؤجل،‭ ‬وفيلم‭ ‬‮«‬ولاد‭ ‬رزق‭ ‬3‮»‬،‭ ‬أكثر‭ ‬أفلام‭ ‬المرحلة‭ ‬تحقيقا‭ ‬للإيرادات،‭ ‬وفيلم‭ ‬‮«‬الحريفة‮»‬‭ ‬تجربة‭ ‬شبابية‭ ‬مهمة‭ ‬لنور‭ ‬النبوي،‭ ‬وأخيرا‭ ‬فيلم‭ ‬‮«‬الهوى‭ ‬سلطان‮»‬‭ ‬بطولة‭ ‬أحمد‭ ‬داود‭ ‬ومنة‭ ‬شلبي،‭ ‬لينتهى‭ ‬العام‭ ‬بأعمال‭ ‬حققت‭ ‬إيرادات‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا‭ ‬تمنح‭ ‬صناع‭ ‬السينما‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬حالة‭ ‬تفاؤل‭ ‬بأن‭ ‬القادم‭ ‬أفضل،‭ ‬وبخاصة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أعمالا‭ ‬تعد‭ ‬حاليا‭ ‬للعرض‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬المقبل،‭ ‬منها‭ ‬أفلام‭ ‬لمنى‭ ‬زكى‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الست،‭ ‬الفيل‭ ‬الأزرق‭ ‬3‭ ‬لكريم‭ ‬عبدالعزيز،‭ ‬ولاد‭ ‬رزق‭ ‬4‮»‬،‭ ‬ومحاولات‭ ‬جادة‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المنتجين‭ ‬للعودة‭ ‬مرة‭ ‬أخر.
 
الأكثر قراءة