عايزة ‬ورد‭ ‬يا‭ ‬إبراهيم
عايزة  ‬ورد‭ ‬يا‭ ‬إبراهيم
8 يناير 2025
قد‭ ‬يعتبر‭ ‬البعض‭ ‬الرومانسية‭ ‬ترفا‭ ‬غير‭ ‬ضروري،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تشكل‭ ‬أساسا‭ ‬مهما‭ ‬للعلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬السوية،‭ ‬بخاصة‭ ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة،‭ ‬فالعلاقة‭ ‬التي‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الرومانسية‭ ‬تكون‭ ‬غالبا‭ ‬هشّة‭ ‬وجافة،‭ ‬والرومانسية‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬الهدايا‭ ‬الفاخرة،‭ ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كلمة‭ ‬رقيقة‭ ‬تحمل‭ ‬التقدير،‭ ‬أو‭ ‬وردة‭ ‬تُهدى‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬خاصة،‭ ‬وحتى‭ ‬سماع‭ ‬أغنية‭ ‬عاطفية‭ ‬مع‭ ‬الشريك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يضفي‭ ‬شعورا‭ ‬بالسعادة‭ ‬ويجدد‭ ‬وهج‭ ‬الحياة‭ ‬الزوجية‭.‬
 
على‭ ‬كل‭ ‬شريك‭ ‬أن‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬لإعادة‭ ‬إشعال‭ ‬شرارة‭ ‬الحب‭ ‬داخل‭ ‬العلاقة،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬بأبسط‭ ‬الوسائل،‭ ‬فالسعادة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬نتشاركها‭ ‬مع‭ ‬أحبائنا‭.‬
مشهد‭ ‬رمزي‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬الكثيرين،‭ ‬من‭ ‬فيلم‭ ‬“أحلى‭ ‬الأوقات”‭ ‬عندما‭ ‬قالت‭ ‬هند‭ ‬صبري‭ ‬لزوجها‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭: ‬“عايزة‭ ‬ورد‭ ‬يا‭ ‬إبراهيم”،‭ ‬ليرد‭ ‬عليها‭ ‬قائلاً‭: ‬“كيلو‭ ‬الكباب‭ ‬أحسن‭ ‬من‭ ‬الورد”،‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬البسيط‭ ‬يلخص‭ ‬التغير‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الرومانسية‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬المصري،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬ضغوط‭ ‬الحياة‭ ‬والاعتبارات‭ ‬المادية‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الأولويات،‭ ‬متجاوزة‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬العاطفية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬يوما‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭.‬
 
الرومانسية‭ ‬ليست‭ ‬رفاهية
“الرومانسية‭ ‬لم‭ ‬تختفِ‭ ‬تماما،‭ ‬لكنها‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬أولوياتنا‭. ‬ضغوط‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬تجعلنا‭ ‬نركز‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬تجاوز‭ ‬اليوم‭ ‬بأقل‭ ‬مشكلات‭ ‬ممكنة،‭ ‬هكذا‭ ‬ترى‭ ‬سلوى‭ ‬عبدالعظيم‭ (‬43‭ ‬سنة،‭ ‬مهندسة‭) ‬المشهد،‭ ‬وتؤكد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬تحلم‭ ‬بلحظات‭ ‬رومانسية‭ ‬مع‭ ‬زوجها،‭ ‬لكنها‭ ‬تتساءل‭ ‬كيف‭ ‬تطلب‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬زوجٍ‭ ‬مرهق‭ ‬طوال‭ ‬اليوم؟
 
أنا‭ ‬شخص‭ ‬رومانسي‭ ‬بطبيعتي‭ ‬وأؤمن‭ ‬بأن‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬المشاعر‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬الكثير،‭ ‬والكلام‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬محمد‭ ‬الغزالي‭ (‬33‭ ‬سنة‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يستكمل‭ ‬قائلا‭:‬‭ ‬كلمات‭ ‬بسيطة‭ ‬أو‭ ‬لفتات‭ ‬صغيرة‭ ‬كفيلة‭ ‬بإضفاء‭ ‬السعادة‭ ‬على‭ ‬حياتنا،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أجد‭ ‬نفسي‭ ‬محاطا‭ ‬بنظرات‭ ‬استغراب،‭ ‬كأن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالرومانسية‭ ‬رفاهية‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬واقعنا‭ ‬المليء‭ ‬بالضغوط‭.‬
 
 
الصعوبات‭ ‬المادية‭ ‬قتلت‭ ‬الرومانسية‭ ‬
ومن‭ ‬جيلٍ‭ ‬مختلف‭ ‬ترى‭ ‬سوزي‭ ‬أحمد‭ (‬70‭ ‬سنة‭) ‬أن‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي‭ ‬يفتقد‭ ‬الرومانسية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وتقول‭: ‬في‭ ‬جيلنا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حب،‭ ‬فأذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬جيلي‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬وقت‭ ‬للخروج‭ ‬والاستمتاع‭ ‬بالحياة،‭ ‬وكنا‭ ‬مجتمعا‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يقدر‭ ‬الآخر‭ ‬ويمدحه‭ ‬ولو‭ ‬بكلمة،‭ ‬وكنا‭ ‬نستمتع‭ ‬بالموسيقى‭ ‬الهادئة،‭ ‬ربما‭ ‬ظلمت‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬فنحن‭ ‬كنا‭ ‬أسعد،‭ ‬أما‭ ‬اليوم،‭ ‬فالحياة‭ ‬أصبحت‭ ‬ميكانيكية،‭ ‬والجميع‭ ‬يركضون‭ ‬خلف‭ ‬متطلبات‭ ‬مادية‭ ‬بلا‭ ‬مساحة‭ ‬للعواطف‭.‬
 
كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للزوج‭ ‬شراء‭ ‬باقة‭ ‬ورد‭ ‬تكلف‭ ‬200‭ ‬جنيه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬نعاني‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬تغطية‭ ‬احتياجات‭ ‬المنزل‭ ‬الأساسية؟‭ ‬السؤال‭ ‬لأميمة‭ ‬فتحي‭ (‬46‭ ‬سنة‭) ‬التي‭ ‬قالت‭: ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ضغوط‭ ‬العمل‭ ‬تجعلنا‭ ‬نمر‭ ‬بأيام‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬اللحظات‭ ‬الرومانسية‭.‬
 
المشاعر‭ ‬الصادقة‭ ‬أفضل
غياب‭ ‬الرومانسية‭ ‬مرتبط‭ ‬بانشغال‭ ‬الأزواج‭ ‬بالعمل‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬اليومية،‭ ‬ففي‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الحالية،‭ ‬أصبحت‭ ‬الضغوط‭ ‬المادية‭ ‬كفيلة‭ ‬بإلغاء‭ ‬أي‭ ‬جوانب‭ ‬ترفيهية‭ ‬أو‭ ‬عاطفية،‭ ‬ووفقا‭ ‬لدراسة‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬الجهاز‭ ‬المركزي‭ ‬للتعبئة‭ ‬العامة‭ ‬والإحصاء‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬يؤكد‭ ‬الدكتور‭ ‬زياد‭ ‬عبدالجواد،‭ ‬أستاذ‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬بجامعة‭ ‬المنصورة،‭ ‬أن‭ ‬اختفاء‭ ‬المشاعر‭ ‬العاطفية‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬تفكك‭ ‬حوالي‭ ‬90‭ ‬ألف‭ ‬أسرة‭ ‬سنويا،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬تحت‭ ‬سن‭ ‬الثلاثين.
 
‬ويستكمل‭ ‬د‭. ‬زياد‭ ‬قائلا‭: ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬حاجة‭ ‬المرأة‭ ‬وكذلك‭ ‬الرجل‭ ‬إلى‭ ‬الجانب‭ ‬الرومانسي‭ ‬في‭ ‬حياتهما‭ ‬نلاحظ‭ ‬حرص‭ ‬الكثيرين‭ ‬من‭ ‬الجنسين‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬المسلسلات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬قصصا‭ ‬رومانسية‭ ‬يفتقدها‭ ‬الأزواج‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬اليومية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬الرومانسية‭ ‬عن‭ ‬الأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬والدراما‭ ‬المصرية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬انعكاسا‭ ‬واضحا‭ ‬للمجتمع‭ ‬ومشكلاته‭. ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬قضاء‭ ‬وقت‭ ‬ممتع‭ ‬مع‭ ‬شريكك‭ ‬لاستعادة‭ ‬الحب‭ ‬والرومانسية‭ ‬بأبسط‭ ‬الأشياء‭ ‬وليس‭ ‬حقيقيا‭ ‬أن‭ ‬الرومانسية‭ ‬مكلفة،‭ ‬بل‭ ‬بالعكس‭ ‬فالمشاعر‭ ‬الصادقة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الهدايا‭ ‬والسهر‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬تكلف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المال،‭ ‬وزهرة‭ ‬واحدة‭ ‬مثل‭ ‬باقة‭ ‬ورد‭ ‬كاملة‭.‬
 
 
دور‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬العواطف
العواطف‭ ‬لم‭ ‬تختفِ‭ ‬تماما،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬مختبئة‭ ‬خلف‭ ‬الضغوط‭ ‬اليومية،‭ ‬وهي‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الدكتورة‭ ‬عبير‭ ‬الراوي،‭ ‬أستاذ‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬بجامعة‭ ‬المنصورة،‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬إشعال‭ ‬جذوة‭ ‬الرومانسية‭ ‬داخل‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مبادرات‭ ‬بسيطة،‭ ‬كما‭ ‬تنصح‭ ‬الأزواج‭ ‬بتخصيص‭ ‬وقت‭ ‬شهري‭ ‬لقضاء‭ ‬لحظات‭ ‬خاصة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الروتين‭ ‬اليومي،‭ ‬مثل‭ ‬تناول‭ ‬عشاء‭ ‬بسيط‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬هادئ،‭ ‬أو‭ ‬مشاهدة‭ ‬فيلم‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬ليتخطيا‭ ‬فتور‭ ‬العلاقات‭ ‬بعد‭ ‬طول‭ ‬فترة‭ ‬الزواج،‭ ‬بعكس‭ ‬فترة‭ ‬الخطبة‭ ‬وكذلك‭ ‬فترة‭ ‬بداية‭ ‬زواجهما،‭ ‬لأنه‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬تبدأ‭ ‬هذه‭ ‬النواحي‭ ‬الرومانسية‭ ‬في‭ ‬الغياب‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬حتى‭ ‬تختفي،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬فإن‭ ‬الرومانسية‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ميزانية‭ ‬ضخمة،‭ ‬فالكلمات‭ ‬الصادقة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أثمن‭ ‬من‭ ‬أغلى‭ ‬الهدايا،‭ ‬المهم‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬المشاعر‭ ‬بطريقة‭ ‬بسيطة‭ ‬وصادقة‭.‬
 
الأكثر قراءة