الاكتفاء الذاتي كان أسلوب حياة الأسرة الريفية في الماضي، فكانت توفر احتياجاتها كافة بأيديها من مواردها الطبيعية، فلا تتأثر من نقص أي سلعة، وهو ما عملت عليه الدولة لتأمين أدوية المصريين، وسد احتياجاتهم فلا نقع تحت ضغط الاستيراد من الخارج لإنقاذ أرواح أبنائنا، فأطلق المشروع القومي المصري للبلازما، وفي مركز التبرع بالبلازما بمدينة 6 أكتوبر، نتعرف إلى تطورات المشروع.
نحتفل فى أكتوبر من كل عام بالأسبوع العالمي للتوعية بالبلازما، ونشر الوعي بأهمية التبرع بها، وتقدير المتبرعين لدورهم فى توفير المادة الخام المستخدمة فى صناعة أدوية علاج الأمراض المزمنة والخطيرة.
بدأت فكرة تأمين صحة المصريين بتوفىر احتياجاتهم من الأدوية من دون التأثر بأي اضطرابات عالمية منذ عام 2014، برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ أن كان وزيرا للدفاع، واستغرقت سبع سنوات من الدراسة العلمية والتخطيط حتى أطلق المشروع منتصف عام 2021، ضمن مبادرة رئيس الجمهورية «التصنيع والاكتفاء الذاتي من مشتقات البلازما»، لتوطين هذه الصناعة فى مصر، وخلال ثلاثة أعوام حقق المصريون عبورا جديدا بهذا المشروع، لتأمين دوائهم بأيديهم، وكان شعار حملة التبرع بالبلازما، وتجميعها فى المراكز المنتشرة على مستوى الجمهورية، وتوفير المادة الخام اللازمة لتصنيع أدوية مرضى الكبد والهيموفىليا وغيرهم، وهي صناعة غير مسبوقة فى العالم العربي وأفريقيا. ونستكمل التعرف إلى تفاصيل المشروع من خلال حوارنا مع اللواء د. مجدى أمين مبارك، رئيس مجلس إدارة «جريفولز إيجيبت».
ما سبب اختياركم لاسم الشركة الحالي؟
كان من المهم إيجاد شراكة دولية متخصصة، والعاملون فى مشتقات البلازما عددهم قليل فى العالم، لذا توصلنا إلى عقد شراكة مع إحدى أكبر الشركات العالمية فى هذا المجال وهى شركة جريفولز الإسبانية، لننشئ شركة جريفولز إيجيبت المصرية، التي يمتلك جهاز مشروعات الخدمة الوطنية نسبة %51 من أسهمها، والشركة الإسبانية نسبة 49 % ورأس مالها 300 مليون دولار، قد يصل إلى 500 مليون دولار مستقبلا، أسِّست الشركة منذ شهر مايو 2021 تماشيا مع رؤية مصر 2030 فى الاعتماد على الذات فى القطاعات الحيوية.
ما الجهة الرقابية على هذه المراكز؟
هيئة الدواء المصرية تجيز المركز قبل بدء العمل فىه، فهي الجهة الرقابية المانحة لرخصة تشغيل المراكز، وأجيزت عشرة مراكز كمرحلة أولى ومستهدف استكمال المرحلة الثانية بإنشاء 20 مركزا، وتكلفة المركز تصل إلى 200 مليون جنيه.
كما خُطط لإنشاء مراكز فى حرم عدد من الجامعات المصرية بالمحافظات، مثل جامعتيْ الأزهر والزقازيق لتكون فى محيط الشباب المتبرعين، وتلتزم المراكز بمعايير الجودة والسلامة الدولية، حيث اعتمدت من قبل جمعية بروتينات البلازما العلاجية الدولية لأول مرة خارج أوروبا وأمريكا.
هل يتم تصنيع الأدوية المستهدفة حاليا فى مصر؟
استقبلنا العام الماضي أول شحنة أدوية مصنعة من المادة الخام للبلازما المصرية التي جُمعت فى مراكزنا، من مصنع الشركة فى إسبانيا، حتى ننتهى من إنشاء مصنعنا فى مصر، لأنه لإنشاء مصنع يعمل مباشرة فى تصنيع الأدوية من البروتينات التي تُفصل من البلازما له جدوى اقتصادية، لا بد من التأكد من جمع ما لا يقل عن 350 ألف لتر بلازما سنويا لضمان توفىر المادة الخام لتشغيل المصنع والذي تم بالفعل، والمصنع يتم تشييده حالياً فى فى المدينة الطبية بالعاصمة الادارية على مساحة 105 آلاف متر مربع، وأنشئ مخزن استراتيجي لتخزين البلازما من أجل التصنيع يستوعب 600 ألف لتر بلازما، يُدار بتكنولوجيا عالمية.
كيف يتم الحصول على البلازما ونقلها إلى إسبانيا؟
من خلال المتبرعين المترددين على مراكزنا والمنتظمين فى التبرع، فكل متبرع تُسجَّل بياناته وعيناته ونتائج الأبحاث المعملية الخاصة به، التي يتم إجراؤها بواسطة معمل مجهز بأحدث الأجهزة الطبية، لنحتفظ بها بعد ذلك فى مخزن مؤقت بالمركز حتى تُنقل إلى المركز الرئيس ومنه إلى المطار، وكل خطوات الرحلة تتم بمعايير دقيقة ومحددة لضمان سلامة البلازما حتى وصولها إلى مصنع الشريك فى إسبانيا، والمركز الرئيس لنا فى مدينة 6 أكتوبر يتضمن أيضا أكاديمية تدريب وتأهيل لكل العاملين بالمشروع وتعقد الاختبارات لجميع الكوادر التي ستعمل بالمراكز ومن يجتزها يلتحق بالعمل معنا، وهذا لتوفىر المزيد من الإتقان والاحترافىة فى العمل بما يضمن سلامة دورة العمل منذ استقبال المتبرع وحتى التصنيع.
ما شروط التبرع؟
يستقبل المركز فى المتوسط 300 متبرع يوميا بشرط أن يكون المتبرع شخصا سليما لا يعانى أمراضا مزمنة، ووزنه لا يقل عن 50 كجم، ولا توجد مخاطر على المتبرع طالما التزم بالتعليمات بتناول كميات كافىة من المياه، ويستغرق التبرع 45- 60 دقيقة تقريبا، ويستطيع الشخص التبرع مرتين فى الأسبوع كحد أقصى، ويجب أن يكون لديه الأهلية لاتخاذ قرار التبرع بنفسه، وبعد فحص المتبرع أوليا وتسجيل بياناته لدينا، يُجرى الفحص الطبي الشامل المتقدم مع إجراء اختبارات معملية تتعدى تكلفتها 4 آلاف جنيه، لذا فالمتبرع يستفىد بهذا التحليل للاطمئنان على صحته، وكل مرة يُجرى فحص طبي له، والمتبرع من الفئة العمرية 18: 60 عاما يمكنه التبرع بالبلازما.
هل حقق المشروع حتى الآن جزءا من أهدافه؟
يكفى أن أول شحنة من الأدوية المصنعة من البلازما المصرية استلمتها مصر فى مايو 2023 من مصنع الشريك الأجنبي فى إسبانيا عن طريق هيئة الدواء المصرية، والنتيجة أننا لا نعاني نقصا فى ثلاثة أنواع من الأدوية الخاصة بالمشروع وهي الألبومين البشري وعلاج مرضى الهيموفىليا والأجسام المناعية المضادة، كنا قد سبق أن استوردناها فى السنة السابقة بتكلفة تصل إلى 50 مليون دولار، ونسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من تلك الأدوية بالكامل خلال عام 2025.