ترى اللون الرمادى يحاصرهم من كل مكان، يخبرهم ويخبرك بأنه لا حياة عبرت من هنا.. ويأتى لون وردى من بعيد لزهرة صغيرة تخرج من بين حطام بيوت كانت عامرة بالأمس تؤكد ما قاله الشاعر محمود درويش أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة.
صانع دُمى فى غزة يحول مخلفات العلب المعدنية إلى ألعاب تروى قصص النازحين، يعيش صانع الدمى الفلسطينى مهدى كريرة بعد أن غادر بلدته غزة هربا من القصف الإسرائيلي، مع عائلته فى دير البلح بمبنى مهجور، ولأن مهنته الوحيدة كانت صناعة الدمى وتقديم عروض مسرحية بها، أراد أن يستخدم ذلك فى التخفيف عن أطفال غزة النازحين، لكنه ترك كل شيء فى غزة ولم يجد المواد الخام لصناعة الدمى التى يحب، غير أنهم كانوا فقط محاطين بعلب معدنية بمختلف الأشكال والأحجام من مخلفات الحرب وبقايا المعونات، فلم يجد أفضل منها أدوات لاستكمال حلمه، وبقليل من الألوان أعاد طلاءها وصنع عشرات الدمى الجديدة.
بشتلات بندورة وفلفل أخضر .. غزة المجنونة تحب الحياة وأكثر
تكتب فتاة فى غزة بعد أن وجدت فى طريقها بعض شتلات الطماطم أو «البندورة» كما يسمونها هناك: غزة المجنونة، تحب الحياة وأكثر، تعثرت بهذه الشتلات الصغيرة، استفزتنى بخضارها وسط هذا اللون الرمادى والركام، ماذا تفعلين هنا يا صغيرة؟ أجاب البائع: «شتلات بندورة وفلفل أخضر»، هذه غـزة، مستعدة لكل شيء، للحياة بعد الموت، للغرس، للسُّقيا، للنجاة، للحب سنزرع الأرض حَبًّا وحُبًّا، سنسقيها من دمائنا والدمع».
ريناد أصغر شيف فى مخيمات غزة .. تصنع حبًّا وكعكًا
نالت طفلة فلسطينية استحسان نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى بعد مشاركتها روتينها اليومى على «فيسبوك»، حين تعد أكلات مختلفة من أمام خيمتها فى قطاع غزة، بابتسامة حب وصبر تطهو كما لو أنها أعظم شيف فى ضواحى غزة.
تستخدم قدر المتاح لديها التوابل كالبصل والثوم والملح لطبخ وصفاتها، إلا أنها لم تكن ترمى شيئًا، فقد علمتهم الحرب أن لكل شيء فائدة.
واحات منزلية خضراء لتحدى الجوع
حاربوهم بالجوع، فحاربوهم بالزرع، هكذا تحدى «الغزاوية» قنابل إسرائيل التى دمرت كل أخضر ويابس، لم يعد لديهم شيء ليأكلوه فى ظل تضييقات من الجانب الإسرائيلى فى إدخال المساعدات، فلم يستسلموا كعادتهم، أسَّس المهندس الزراعى يوسف أبوربيع (24 عاماً) مبادرة بجهود فردية، تشجِّع «الغزاوية» على إنتاج غذائهم بأنفسهم لتحقيق اكتفاء ذاتى مصدره منتجات غزة الزراعية.
فكرة يوسف امتدت إلى المساحات الفارغة والواسعة فى المنازل ومدارس الإيواء ومخيمات النازحين، فيخرج اللون الأخضر بثماره من بين الرماد ينطق صبرًا وتمسكًا وحبًا فى الأرض.