بعد‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬غزة على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض ما‭ ‬يستحق‭ ‬الحياة
بعد‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬غزة على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض ما‭ ‬يستحق‭ ‬الحياة
30 سبتمبر 2024

ترى‭ ‬اللون‭ ‬الرمادى‭ ‬يحاصرهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬يخبرهم‭ ‬ويخبرك‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬حياة‭ ‬عبرت‭ ‬من‭ ‬هنا‭.. ‬ويأتى‭ ‬لون‭ ‬وردى‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬لزهرة‭ ‬صغيرة‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬حطام‭ ‬بيوت‭ ‬كانت‭ ‬عامرة‭ ‬بالأمس‭ ‬تؤكد‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الشاعر‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬الحياة‭.‬

صانع‭ ‬دُمى‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬يحول‭ ‬مخلفات‭ ‬العلب‭ ‬المعدنية‭ ‬إلى‭ ‬ألعاب‭ ‬تروى‭ ‬قصص‭ ‬النازحين،‭ ‬يعيش‭ ‬صانع‭ ‬الدمى‭ ‬الفلسطينى‭ ‬مهدى‭ ‬كريرة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬غادر‭ ‬بلدته‭ ‬غزة‭ ‬هربا‭ ‬من‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬مع‭ ‬عائلته‭ ‬فى‭ ‬دير‭ ‬البلح‭ ‬بمبنى‭ ‬مهجور،‭ ‬ولأن‭ ‬مهنته‭ ‬الوحيدة‭ ‬كانت‭ ‬صناعة‭ ‬الدمى‭ ‬وتقديم‭ ‬عروض‭ ‬مسرحية‭ ‬بها،‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬ذلك‭ ‬فى‭ ‬التخفيف‭ ‬عن‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬النازحين،‮ ‬‭ ‬لكنه‭ ‬ترك‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬لصناعة‭ ‬الدمى‭ ‬التى‭ ‬يحب،‭ ‬غير‭ ‬‮ ‬أنهم‭ ‬‮ ‬كانوا‭ ‬فقط‭ ‬محاطين‭ ‬بعلب‭ ‬معدنية‭ ‬بمختلف‭ ‬الأشكال‭ ‬والأحجام‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬الحرب‭ ‬وبقايا‭ ‬المعونات،‭ ‬فلم‭ ‬يجد‭ ‬أفضل‭ ‬منها‭ ‬أدوات‭ ‬لاستكمال‭ ‬حلمه،‭ ‬وبقليل‭ ‬من‭ ‬الألوان‭ ‬أعاد‭ ‬طلاءها‭ ‬وصنع‭ ‬عشرات‭ ‬الدمى‭ ‬الجديدة‭.‬

بشتلات‭ ‬بندورة‭ ‬وفلفل‭ ‬أخضر‭ .. ‬غزة‭ ‬المجنونة‭ ‬تحب‭ ‬الحياة‭ ‬وأكثر
تكتب‭ ‬فتاة‭ ‬فى‭ ‬غزة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وجدت‭ ‬فى‭ ‬طريقها‭ ‬بعض‭ ‬شتلات‭ ‬الطماطم‭ ‬أو‭ ‬‮«‬البندورة‮»‬‭ ‬‭ ‬كما‭ ‬يسمونها‭ ‬هناك‭: ‬غزة‭ ‬المجنونة،‭ ‬تحب‭ ‬الحياة‭ ‬وأكثر،‭ ‬تعثرت‭ ‬بهذه‭ ‬الشتلات‭ ‬الصغيرة،‭ ‬استفزتنى‭ ‬بخضارها‭ ‬وسط‭ ‬هذا‭ ‬اللون‭ ‬الرمادى‭ ‬والركام،‭ ‬ماذا‭ ‬تفعلين‭ ‬هنا‭ ‬يا‭ ‬صغيرة؟‭ ‬أجاب‭ ‬البائع‭: ‬‭ ‬‮«‬شتلات‭ ‬بندورة‭ ‬وفلفل‭ ‬أخضر‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬غـزة،‭ ‬مستعدة‭ ‬لكل‭ ‬شيء،‭ ‬للحياة‭ ‬بعد‭ ‬الموت،‭ ‬للغرس،‭ ‬للسُّقيا،‭ ‬للنجاة،‭ ‬للحب‭ ‬سنزرع‭ ‬الأرض‭ ‬حَبًّا‭ ‬وحُبًّا،‭ ‬سنسقيها‭ ‬من‭ ‬دمائنا‭ ‬والدمع».‬‭

ريناد‭ ‬أصغر‭ ‬شيف‭ ‬فى‭ ‬مخيمات‭ ‬غزة‭ .. ‬تصنع‭ ‬حبًّا‭ ‬وكعكًا
نالت‭ ‬طفلة‭ ‬فلسطينية‭ ‬استحسان‭ ‬نشطاء‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭ ‬بعد‭ ‬مشاركتها‭ ‬روتينها‭ ‬اليومى‭ ‬على‭ ‬‮«‬فيسبوك‮»‬،‭ ‬حين‭ ‬تعد‭ ‬أكلات‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬أمام‭ ‬خيمتها‭ ‬فى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بابتسامة‭ ‬حب‭ ‬وصبر‭ ‬تطهو‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬‭ ‬أعظم‭ ‬شيف‭ ‬فى‭ ‬ضواحى‭ ‬غزة‭.‬‭ ‬

تستخدم‭ ‬قدر‭ ‬المتاح‭ ‬لديها‭ ‬التوابل‭ ‬كالبصل‭ ‬والثوم‭ ‬والملح‭ ‬لطبخ‭ ‬وصفاتها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ترمى‭ ‬شيئًا،‭ ‬فقد‭ ‬علمتهم‭ ‬الحرب‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬شيء‭ ‬فائدة‭.‬

واحات‭ ‬منزلية‭ ‬خضراء‭ ‬لتحدى‭ ‬الجوع
حاربوهم‭ ‬بالجوع،‭ ‬فحاربوهم‭ ‬بالزرع،‭ ‬هكذا‭ ‬تحدى‭ ‬‮«‬الغزاوية‮»‬‭ ‬ قنابل‭ ‬إسرائيل‭ ‬التى‭ ‬دمرت‭ ‬كل‭ ‬أخضر‭ ‬ويابس،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لديهم‭ ‬شيء‭ ‬ليأكلوه‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬تضييقات‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الإسرائيلى‭ ‬فى‭ ‬إدخال‭ ‬المساعدات،‭ ‬فلم‭ ‬يستسلموا‭ ‬كعادتهم،‭ ‬أسَّس‭ ‬المهندس‭ ‬الزراعى‭ ‬يوسف‭ ‬أبوربيع‭ (‬24‭ ‬عاماً‭) ‬مبادرة‭ ‬بجهود‭ ‬فردية،‭ ‬تشجِّع‭ ‬‮«‬الغزاوية‮»‬‭ ‬ على‭ ‬إنتاج‭ ‬غذائهم‭ ‬بأنفسهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬اكتفاء‭ ‬ذاتى‭ ‬مصدره‭ ‬منتجات‭ ‬غزة‭ ‬الزراعية‭.‬

فكرة‭ ‬يوسف‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬المساحات‭ ‬الفارغة‭ ‬والواسعة‭ ‬فى‭ ‬المنازل‭ ‬ومدارس‭ ‬الإيواء‭ ‬ومخيمات‭ ‬النازحين،‭ ‬فيخرج‭ ‬اللون‭ ‬الأخضر‭ ‬بثماره‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الرماد‭ ‬ينطق‭ ‬صبرًا‭ ‬وتمسكًا‭ ‬وحبًا‭ ‬فى‭ ‬الأرض‭.‬

الأكثر قراءة