فـرح‭ ‬الديباني لمجلة‭ ‬البيت‭ ‬ونصف‭ ‬الدنيا: نصيحتى‭ ‬لكل‭ ‬فتاة حققى‭ ‬ذاتك
فـرح‭ ‬الديباني لمجلة‭ ‬البيت‭ ‬ونصف‭ ‬الدنيا: نصيحتى‭ ‬لكل‭ ‬فتاة حققى‭ ‬ذاتك
30 سبتمبر 2024

تصوير: بسام الزغبي

اكتسبت‭ ‬الشابة‭ ‬فرح‭ ‬الديباني‭ ‬شهرة‭ ‬كبيرة‭ ‬كميزو‭ ‬سوبرانو‭ ‬غنت‭ ‬على‭ ‬مسارح‭ ‬أشهر‭ ‬دور‭ ‬الأوبرا‭ ‬العالمية،‭ ‬واختيرت‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ "‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭" ‬لمئة‭ ‬امرأة‭ ‬ملهمة‭ ‬ومؤثرة،‭ ‬نشأت‭ ‬في‭ ‬عائلة‭ ‬عاشقة‭ ‬للموسيقى،‭ ‬درست‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الألمانية‭ ‬بالإسكندرية،‭ ‬وأول‭ ‬من‭ ‬اكتشف‭ ‬صوتها‭ ‬الأوبرالي‭ ‬مُدرس‭ ‬الموسيقى‭ ‬الألماني،‭ ‬تدربت‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الدكتورة‭ ‬نيفين‭ ‬علوبة،‭ ‬نجمة‭ ‬الأوبرا‭ ‬التي‭ ‬أهلتها‭ ‬للسفر‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا،‭ ‬كما‭ ‬التحقت‭ ‬بأوبرا‭ ‬باريس‭ ‬عام‭ .‬2016‭‬

فرح‭ ‬أول‭ ‬عربية‭ ‬تفوز‭ ‬بجائزة‭ ‬أفضل‭ ‬مغنية‭ ‬أوبرا‭ ‬شابة،‭ ‬من‭ ‬أوبرا‭ ‬باريس،‭ ‬نالت‭ ‬جائزة‭ ‬أفضل‭ ‬مغنية‭ ‬أوبرا‭ ‬شابة‭ ‬متفوقة‭ ‬على‭ ‬800‭ ‬متسابقة‭ ‬تنافسن‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الجائزة،‭ ‬كما‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬مؤسسة‭ "‬فاجنر‭"‬،‭ ‬واختيرت‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬مجلة‭ "‬عالم‭ ‬الأوبرا‭" ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬كأفضل‭ ‬موهبة‭ ‬أوبرالية‭ ‬شابة‭.‬
استضافتها‭ ‬الكاتبة‭ ‬الصحفية‭ ‬سوسن‭ ‬مراد‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬مجلة‭ "‬البيت‭ ‬ونصف‭ ‬الدنيا‭" ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭. ‬

بعد‭ ‬مسيرتك‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الفن،‭ ‬ماذا‭ ‬تمثل‭ ‬البداية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لك؟
لم‭ ‬تكن‭ ‬البدايات‭ ‬تشير‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬أو‭ ‬تنبئ‭ ‬بما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬احتراف‭ ‬للغناء‭ ‬الأوبرالي،‭ ‬ولكن‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقول‭: ‬إن‭ ‬البداية‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬عند‭ ‬مدرس‭ ‬الموسيقى‭ ‬الألماني‭ ‬بالمدرسة‭ ‬الألمانية‭ ‬بالإسكندرية،‭ ‬عندما‭ ‬استمع‭ ‬إليَّ‭ ‬وأنا‭ ‬أغني‭ ‬كطفلة،‭ ‬فأخبرني‭ ‬وقتها‭ ‬أنني‭ ‬أمتلك‭ ‬صوتًا‭ ‬أوبراليًّا،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أحترف‭ ‬ارياضة‭ ‬التنس‭ ‬وأدرس‭ ‬باليه‭ ‬وبيانو‭ ‬كونسرفتوار،‭ ‬وكنت‭ ‬أهتم‭ ‬بالموسيقى‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬عامة،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لدي‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الفن‭ ‬مجال‭ ‬عملي،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬إطلاقًا‭ ‬موضوع‭ ‬الأوبرا،‭ ‬ومنذ‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬وُلد‭ ‬داخلي‭ ‬حلم‭ ‬الأوبرا،‭ ‬وأخذت‭ ‬أعطيه‭ ‬كل‭ ‬اهتمامي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أدري‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬سيوصلني‭ ‬هذا‭ ‬الطريق،‭ ‬وبدأت‭ ‬في‭ ‬أخذ‭ ‬دروس‭ ‬في‭ ‬الغناء‭ ‬الأوبرالي‭ ‬وورش‭ ‬عمل‭ ‬داخل‭ ‬مصر‭ ‬وخارجها،‭ ‬وبدأت‭ ‬الاشتراك‭ ‬في‭ ‬مسابقات‭ ‬الغناء‭ ‬والموسيقى‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬في‭ ‬ألمانيا،‭ ‬ومسابقات‭ ‬تتبع‭ ‬المدارس‭ ‬الألمانية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط،‭ ‬وأنا‭ ‬بطبيعتي‭ ‬أحب‭ ‬إذا‭ ‬عملت‭ ‬شيئًا‭ ‬أن‭ ‬أتقنه،‭ ‬فتحول‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬هواية‭ ‬إلى‭ ‬الاحتراف،‭ ‬وذهبت‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا‭ ‬لأدرس‭ ‬الأوبرا‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬الجامعات‭ ‬لدراستها‭ ‬هناك،‭ ‬ثم‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬البكالوريوس،‭ ‬ثم‭ ‬الماجستير،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬انتهيت‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬الهندسة‭ ‬المعمارية،‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬بدأتها‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وتخرجت‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬برلين‭ ‬للهندسة‭ ‬المعمارية،‭ ‬التي‭ ‬أثرت‭ ‬في‭ ‬تفكيري‭ ‬وشخصيتي،‭ ‬وفي‭ ‬طريقة‭ ‬تعاملي‭ ‬مع‭ ‬المواقف‭.‬

أعطاك‭ ‬الفن‭ ‬التميز‭ ‬والشهرة‭.. ‬فماذا‭ ‬أخذ‭ ‬منك؟‭
‭ ‬الفن‭ ‬أعطاني‭ ‬الكثير،‭ ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬أخذ‭ ‬مني‭ ‬راحة‭ ‬الأعصاب،‭ ‬وسرق‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬عمري،‭ ‬خصوصًا‭ ‬حياتي‭ ‬الشخصية،‭ ‬كما‭ ‬أخذ‭ ‬الفن‭ ‬مني‭ ‬وقتًا‭ ‬ومجهودًا‭ ‬كبيرين،‭ ‬فالمغني‭ ‬الأوبرالي‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬الرياضي‭ ‬المحترف؛‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بحساب؛‭ ‬ينام‭ ‬جيدًا،‭ ‬ولا‭ ‬يتكلم‭ ‬كثيرًا،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬صحته‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مرض،‭ ‬ويهتم‭ ‬بالغذاء‭ ‬الجيد،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالصحة‭ ‬النفسية،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬به‭ ‬منافسة‭ ‬شديدة‭.‬

هل‭ ‬تعتقدين‭ ‬أنك‭ ‬أضفتِ‭ ‬إلى‭ ‬الفن‭ ‬الأوبرالي‭ ‬في‭ ‬مصر؟‭ ‬
‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬قد‭ ‬أضفت‭ ‬إلى‭ ‬الفن‭ ‬الأوبرالي‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬خصوصا‭ ‬الأجيال‭ ‬الصاعدة‭ ‬من‭ ‬الأطفال؛‭ ‬ليعرفوا‭ ‬ما‭ ‬الأوبرا‭ ‬والغناء‭ ‬الأوبرالي،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬قد‭ ‬أضفت‭ ‬إلى‭ ‬الأجيال‭ ‬الصاعدة‭ ‬شيئًا‭ ‬صحيحًا‭ ‬عن‭ ‬الفن‭ ‬الأوبرالي،‭ ‬وكلي‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬قد‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تعريف‭ ‬الشعب‭ ‬العربي،‭ ‬والمصري‭ ‬خصوصا‭ ‬بالفن‭ ‬الأوبرالي،‭ ‬فأنا‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬التبادل‭ ‬الثقافي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفن‭ ‬والتقريب‭ ‬بين‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الغناء‭ ‬والفن‭.‬

النجاح‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يولد‭ ‬الأعداء،‭ ‬وهناك‭ ‬مقولة‭ ‬شهيرة‭ ‬تقول‭: "‬إذا‭ ‬جاءتك‭ ‬ضربة‭ ‬من‭ ‬خلفك،‭ ‬فاعلم‭ ‬تمامًا‭ ‬أنك‭ ‬في‭ ‬المقدمة‭" ‬فما‭ ‬نصيبك‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الضربات؟
للأسف‭ ‬حوربتُ‭ ‬من‭ ‬أشخاص‭ ‬قريبين‭ ‬مني،‭ ‬ولو‭ ‬كانوا‭ ‬غرباء‭ ‬لكان‭ ‬ذلك‭ ‬هينًا،‭ ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أؤمن‭ ‬بالمنافسة‭ ‬في‭ ‬الفن،‭ ‬فكل‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬فريد‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬وله‭ ‬بصمة‭ ‬تميزه‭ ‬عن‭ ‬الآخرين،‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬للحرب‭ ‬والمنافسة،‭ ‬فلا‭ ‬صوت‭ ‬ولا‭ ‬موهبة‭ ‬يقارنان‭ ‬بغيرهما،‭ ‬والفن‭ ‬يسع‭ ‬الجميع،‭ ‬بخلاف‭ ‬الرياضة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬أصلا‭ ‬على‭ ‬المنافسة،‭ ‬فالرياضة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬المكسب‭ ‬والخسارة،‭ ‬وهناك‭ ‬فائز‭ ‬وخاسر،‭ ‬وصراع‭ ‬مستمر‭ ‬على‭ ‬المراكز‭ ‬الأولى،‭ ‬وأعلم‭ ‬جيدًا‭ ‬أن‭ ‬هدف‭ ‬تلك‭ ‬الضربات‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أتوقف‭ ‬عن‭ ‬النجاح،‭ ‬وأقول‭ ‬لكل‭ ‬ناجح‭ ‬وموهوب‭: ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬طريقك‭.‬

هل‭ ‬غيَّر‭ ‬الاحتراف‭ ‬في‭ ‬شخصيتك؟‭ ‬وما‭ ‬القيمة‭ ‬التي‭ ‬تمسكت‭ ‬بها‭ ‬وحرصت‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬تتغير؟
تتغيَّر‭ ‬الشخصية‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬والتجارب‭ ‬والمواقف،‭ ‬أما‭ ‬القيمة‭ ‬أو‭ ‬الصفة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتغير،‭ ‬وما‭ ‬زلت‭ ‬أتمسك‭ ‬بها،‭ ‬وأحرص‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬تتغير‭ ‬فهي‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬على‭ ‬طبيعتي‭ ‬كما‭ ‬أنا‭ ‬دائمًا،‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬فرح‭ ‬الديباني‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تصنُّع،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يقدر‭ ‬هذه‭ ‬الطبيعة‭ ‬ويحترمها،‭ ‬ولكن‭ ‬أحيانًا‭ ‬يحتاج‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يهندم‭ ‬تصرفه‭ ‬ويُؤقلم‭ ‬مع‭ ‬المكان‭ ‬والزمان‭ ‬والناس‭.‬

هل‭ ‬التمرد‭ ‬وكسر‭ ‬القواعد‭ ‬موجودان‭ ‬في‭ ‬شخصيتك؟
أحيانا‭ ‬أكسر‭ ‬القواعد،‭ ‬وأحب‭ ‬أن‭ ‬أضع‭ ‬قواعد‭ ‬جديدة،‭ ‬لأنه‭ ‬ليست‭ ‬كل‭ ‬القواعد‭ ‬الموجودة‭ ‬صحيحة،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬أكره‭ ‬النمطية‭ ‬والأشياء‭ ‬المعتادة‭.‬

تكريم‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسي،‭ ‬واختيار‭ ‬فرنسا‭ ‬لك‭ ‬لغناء‭ ‬نشيدها‭ ‬الوطني‭ ‬بعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬حدثان‭ ‬حولا‭ ‬اسم‭ ‬فرح‭ ‬الديباني‭ ‬إلى‭ ‬أيقونة‭ ‬يحلم‭ ‬بها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬ماذا‭ ‬تقولين‭ ‬عن‭ ‬ذلك؟
لقد‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬الغناء‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬مصر‭ ‬وخارجها،‭ ‬ولكن‭ ‬هاتين‭ ‬المحطتين‭ ‬اللتين‭ ‬أشرت‭ ‬إليهما‭ ‬أهم‭ ‬حدثين‭ ‬حصلا‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬تاريخي‭ ‬الفني،‭ ‬فتكريم‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسي‭ ‬لي‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬عادي،‭ ‬فلم‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬كرم‭ ‬الرئيس‭ "‬مغني‭ ‬أوبرالي‭" ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وبعد‭ ‬تكريمي‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬من‭ ‬أوبرا‭ ‬باريس،‭ ‬بدأت‭ ‬الأنظار‭ ‬تتجه‭ ‬إليّ‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والوطن‭ ‬العربي،‭ ‬فتوقعت‭ ‬أن‭ ‬تُعرِّف‭ ‬بى‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والوطن‭ ‬العربي،‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أتخيل‭ ‬أو‭ ‬أحلم‭ ‬بأن‭ ‬يكرمني‭ ‬الرئيس‭ ‬شخصيًّا‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬الشباب،‭ ‬التكريم‭ ‬من‭ ‬بلدي‭ ‬يختلف‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تكريم‭ ‬آخر،‭ ‬‭ ‬فأنا‭ ‬أفخر‭ ‬بأنني‭ ‬مصرية‭ ‬إسكندرانية،‭ ‬وهذا‭ ‬الفخر‭ ‬يلقى‭ ‬إعجاب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬مصر‭ ‬وخارجها‭.

أما‭ ‬تكريم‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬ماكرون‭ ‬لي،‭ ‬فهو‭ ‬أمر‭ ‬متفرد،‭ ‬كنت‭ ‬مغنية‭ ‬أوبرا‭ ‬مصرية‭ ‬عادية‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬واختياري‭ ‬لغناء‭ ‬النشيد‭ ‬الوطني‭ ‬الفرنسي‭ ‬ألقى‭ ‬عليَّ‭ ‬مسئولية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬غنائه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أخطئ‭ ‬فيه‭ ‬ولو‭ ‬خطأ‭ ‬صغيرا،‭ ‬فليس‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬للخطأ‭ ‬إطلاقًا،‭ ‬والحمد‭ ‬لله‭ ‬حالفني‭ ‬التوفيق‭.‬

تعرضنا‭ ‬جميعًا‭ ‬لاختبار‭ ‬قيمي‭ ‬كبير‭ ‬منذ‭ ‬الاعتداء‭ ‬الوحشي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها،‭ ‬والذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬مستمرًا،‭ ‬ما‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تبنيتها‭ ‬قبل‭ ‬مأساة‭ ‬غزة‭ ‬وبعدها؟
منذ‭ ‬تكريم‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسي‭ ‬لي،‭ ‬بدأت‭ ‬أدخل‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬مختلفة‭ ‬مع‭ ‬منظمات‭ ‬عالمية‭ ‬مثل‭ ‬منظمة‭ ‬اللاجئين‭ ‬الدولية‭ ‬واليونسكو‭ ‬واليونسيف،‭ ‬فأنا‭ ‬أؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الإنسان‭ ‬إذا‭ ‬وضعه‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬مكانة‭ ‬متميزة،‭ ‬فواجب‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يساعد‭ ‬ويدعم‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬والدعم،‭ ‬ولقد‭ ‬وفقني‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القضايا،‭ ‬وشاركت‭ ‬في‭ ‬مشروعين،‭ ‬أحدهما‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتربية‭ ‬والعلم‭ ‬والثقافة‭ "‬اليونسكو‭"‬،‭ ‬حيث‭ ‬اشتركت‭ ‬مع‭ ‬ملحن‭ ‬هندي‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬ونشر‭ ‬الوعي‭ ‬عن‭ ‬المشكلات‭ ‬البيئة‭ ‬ومفهوم‭ ‬الاستدامة،‭ ‬وكانت‭ ‬موجهة‭ ‬للأطفال،‭ ‬وعرضنا‭ ‬هذه‭ ‬الأغنية‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬اليونسكو‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬باريس‭. ‬

أما‭ ‬المشروع‭ ‬الثاني،‭ ‬فكان‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬حيث‭ ‬غنيت‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬جنيف،‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬السنوي‭ ‬لجمع‭ ‬تبرعات‭ ‬لمن‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭.‬

أرى‭ ‬أن‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬أولوياتك،‭ ‬فما‭ ‬وسيلتك‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬معهم‭ ‬لنقل‭ ‬خبراتك‭ ‬إليهم؟
من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬الشباب‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬قريب‭ ‬منهم،‭ ‬وهو‭ ‬فن‭ ‬موجه‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬قبل‭ ‬كبار‭ ‬السن،‭ ‬وأنني‭ ‬مثال‭ ‬لهم،‭ ‬فهذا‭ ‬كفيل‭ ‬بأن‭ ‬يقرب‭ ‬الشباب،‭ ‬الذي‭ ‬يهتم‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالموضة‭ ‬والفساتين‭ ‬والفاشون،‭ ‬والآن‭ ‬أنا‭ ‬أعد‭ ‬لحفل‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬الإسكندرية‭ ‬احتفالا‭ ‬بمرور‭ ‬140‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬مدرستي‭ ‬الألمانية‭ ‬بالإسكندرية،‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬كورال‭ ‬الأطفال‭ ‬والكبار‭ ‬من‭ ‬سن‭ ‬10‭ ‬إلى‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬للمشاركة‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬مكتبة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬فكانت‭ ‬سعادتهم‭ ‬لا‭ ‬توصف‭ ‬وهم‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬احتفال‭ ‬كبير‭ ‬ومهم‭ ‬بمكتبة‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬ويريدون‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬كل‭ ‬كبيرة‭ ‬وصغيرة‭ ‬عن‭ ‬الفن‭ ‬الأوبرالي‭ ‬ودراسة‭ ‬الأوبرا‭ ‬والموسيقى‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬فأسعدني‭ ‬كثيرًا‭ ‬فضولهم‭ ‬وأسئلتهم‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الفن،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬شجعني‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬أول‭ ‬ورشة‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنني‭ ‬نظمت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ورشة‭ ‬خارج‭ ‬مصر،‭ ‬ولكن‭ ‬سعادتي‭ ‬بهذه‭ ‬الورشة‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تقارن‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬ورشة‭ ‬أخرى‭ ‬خارج‭ ‬مصر،‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬تنظيم‭ ‬ورشة‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬مسرح‭ ‬القاعة‭ ‬الشرقية‭ ‬التاريخي‭ ‬بالجامعة‭ ‬الأمريكية‭.‬

‬ما‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬تحب‭ ‬فرح‭ ‬الديباني‭ ‬أن‭ ‬توجهها‭ ‬لبنات‭ ‬جيلها؟‭ ‬
‭ ‬أنصح‭ ‬كل‭ ‬فتاة‭ ‬بأن‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬موهبتها‭ ‬التي‭ ‬تجيدها‭ ‬وتحبها،‭ ‬وأن‭ ‬تشتغل‭ ‬على‭ ‬نفسها‭ ‬بتركيز،‭ ‬والتدرب‭ ‬نفسيًّا‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الضغوط‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬ومع‭ ‬الاستمرارية‭ ‬ستحققين‭ ‬ذاتك.

ختامًا‭ ‬لهذا‭ ‬الحوار‭ ‬نؤكد‭ ‬أننا‭ ‬سنتابع‭ ‬مسيرتك‭ ‬الثرية،‭ ‬وفخورون‭ ‬بك،‭ ‬وسعداء‭ ‬بهذا‭ ‬الحوار‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬مع‭ ‬الكاميرا،‭ ‬وأبشرك‭ ‬بأن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬جيلنا‭ ‬يمتلكون‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬بأن‭ ‬قضيتنا‭ ‬واحدة‭ ‬ونجاحنا‭ ‬واحد،‭ ‬وننتظر‭ "‬هي‭ ‬للفنون‭" ‬في‭ ‬نسخته‭ ‬الرابعة‭. ‬

الأكثر قراءة