أحلام البنات بالعيش في أجواء أسطورية تصبح فيها الفتاة أميرة تبهر الجميع بطفولتها البريئة وملابسها الأنيقة كانت المنطلق الذي بدأت منه «جوريا» رحلتها نحو العالمية.
بدأ الحلم يتحقق حين أمرت الصغيرة تاليا بصناعة فستان جديد لها، فإنطلقت الأم ترسم بخيوط أحلام ابنتها أول فستان تصممه، ليصبح أيقونة لفساتين الملائكة الصغار، رحلة نجاح وراءها الحب ترويها لنا مصممة الأزياء آلاء مصرى من خلال هذا الحوار.
كيف انطلقت فى عالم أزياء الأطفال؟
“جوريا” اسم بدأ بالمصادفة لكن بجهد وراءه حبي لابنتى الوحيدة تاليا، طلبت ابنتى ذات الأربع سنوات فستانا لها بمناسبة العيد، وكنا حينذاك نعيش أزمة كورونا، و كانت كل المحال مغلقة، لم أستطع شراء ما يناسبها، فجلست معها نتحدث عن شكل الفستان الذى تحبه، فرسمته معها وصممنا الفستان كما تحلم هي به، توجهت إلى الخياط ونفذته، واكتشفت أن البنات في هذا العمر يحلمن بصورة الأميرات، كل التفاصيل التي أعطتني إياها كانت تشبه ملابس أميرات ديزني، وعندما ارتدت ابنتى الفستان رأيت فى عينيها سعادة بالغة، وسمعت تعليقات صديقاتها على الفستان وكانت الأجمل على الإطلاق، كل هذا كانا دافعا إلى تفكيرى في هذا المشروع لأحقق حلم كل البنات، لأننا بالفعل نفتقد هذا الخط في مجال صناعة أزياء الأطفال، وبدأت أجلس مع ابنتي ومجموعة من صديقاتها نرسم الفساتين وأستمع لآراءهن.
هل درست فن التفصيل؟
درست إدارة الأعمال وحصلت على درجة الماجستير فيها، فدراستي لإدارة الأعمال أفادتني كثيرا، لأن أهم أسس نجاح أي مشروع هو دراسة الجدوى، والمعاملة مع الموردين والبنوك، وعمل الميزانية، وكذلك الرؤية لمستقبل المشروع، وفي الجامعة كانوا يهيئون كلا منا لإقامة مشروع خاص به، وكنت أهتم بالموضة والأزياء بشكل عام لأنها موهبتى فى التصميم، وحاولت الدمج بين ما أحبه في حياتي العادية ، وإقامة مشروع مربح.
لماذا اخترتِ اسم “ جوريا “ لبيت أزيائك؟
هو اسم مشتق من الاسم الأصلي جوري، وهو الورد الدمشقي، الشهير جدا ببلاد الشام، وبخاصة سوريا، خرجت تلك الزهرة من الشام، وانتشرت في العالم كله، وتمتاز برائحتها العطرة، ولكونى سورية الجنسية فأعرفها و هي زهرتي المفضلة، وأول فستان صممته كان قماشا مزينا بزهور الجوري، فأحببت أن أربط بيت الأزياء الخاص بي بتلك الزهرة، لأنه ارتباط بدمشق نفسها، سوريا كانت تصدر أفخر أنواع الأقمشة إلى العالم، ومنها قماش البروكار، وهو يُصَنَّع كله يدويا من خيوط حرير من الذهب والفضة، ومعروف بأنه قماش الأمراء لأنه غال ومتقن، وطلبوا من سوريا قماش “ البروكار” لفستان عرس الملكة إليزابيث، أشعر دائما بالصلة والحنين إلى العراقة الدمشقية، وفضلت أن يكون لتصميماتي طابع مميز، هو الكلاسيكي القديم، وبهذا الاسم ربطت الكلاسيكية والأناقة بعراقة بلدي دمشق.
أين تصنعين تصميماتك ولمن؟
كل قطعة ننتجها 100% صناعة يدوية ، تصنع في أكثر من دولة روسيا وأوكرانيا وبعض التصميمات بإسبانيا، وفقا لحاجة كل قطعة سواء تطريز أو غيره، فكل بلد يمتاز عماله بمهارة معينة ، لذا حرصت على وجود أكثر من ورشة لتنفيذ التصميمات في أكثر من بلد لضمان الجودة والدقة، والحصول على النتيجة التي ترضيني، وحاليا تصميمات أزيائى للفتيات فقط منذ ولادتهن وحتى سن 12 عاما، كما أدخلنا تصميمات لصناعة الأحذية، وكذلك الجوارب، وقريبا ننتج ألعابا مصنعة يدويا، كل التوسع خاص بالأطفال، ولا أفكر إطلاقا في صناعة أزياء نسائية، لأن هذا المجال مُثقَل بالفعل بالكثير من المصممين والشركات، و لأنهم يميلون أكثر إلى الموضة السريعة، بينما نقدم نحن أزياء فريدة مصنعة يدويا.
بماذا تتميز تصميماتك؟
بالصناعة اليدوية المميزة والفريدة، معتمدين على فكرة عن كل قطعة لا زمن لها وهو سر التميز، فتستطيع كل بنت أن ترتدي الفستان، ثم ترتديه إبنتها بعد ذلك، فهو سيدوم مثل براءة الطفولة الدائمة التى لا تتغير بتغير السنين، كما أنه يحقق حلم كل طفلة بأن ترتدي ما تتمنى، وتكون أميرة من الأميرات كما تحلم دائما، تعتمد الفكرة على ضمان فستان للمناسبات الخاصة ، التي يريد الأهل أن يتركوها ذكرى لسنوات طويلة ، مثل فساتين الأعراس والأعياد والتخرُّج أو السبوع للمولود الجديد، فالهدف تخليد الذكريات بأزياء أنيقة وجميلة، وأعتقد أنني حققت بعض النجاح، وإستطعت نشر رسالتي، فنحن الآن نعرض في كل مكان بالعالم جنبا إلى جنب مع الماركات العالمية في أكبر المحال.
هل مازال دور ابنتك حتى الآن في تصميماتك؟
بكل تأكيد، وجودها مهم لعدة أسباب أراها تكبر أمام عيني، وأعرف رغباتها وأحلامها، وبالتالي فأنا قريبة دائما من عالم الطفولة، ولكونى أُمًّا معيلة مسئولة بالكامل عن إبنتي، أهتم بأن أكون مثالا لها لتفكر خارج الصندوق، وتبحث عن شيء تحبه وتقوم بتنفيذه وتستفيد من أوقات فراغها، تاليا كانت معي في مشروعنا خطوة بخطوة، تساعدني على التصميم والتنفيذ، وحتى التوصيل كانت تساعدنى فيه أحيانا فى البدايات، وأرى توجيه أبنائنا إلى حب العمل أمر مهم جدا، وكذلك البحث الدائم عن الفرص لتحسين مستوى حياتهم من كل الجوانب.
ماهى الملامح التى تفضلينها للعارضات من الأطفال؟
لا أهتم بالجمال، وإنما الأهم أن تكون بشوشة الوجه و قريبة من القلب، وهذه نصيحة لكل من لديه مشروع أزياء ولكل مصوري الأطفال، لأنني جربت شخصيا تصوير الفستان نفسه على عارضتين إحداهما جميلة لكن حزينة، والأخرى سعيدة وباسمة، فوجدت أن الفستان يبدو أجمل بكثير على الطفلة السعيدة ، ولاقى إعجاب الناس أكثر، قد يكون بسبب أن الأهل فى اللا وعى يتمنون سعادة بناتهم كما الطفلة السعيدة بالفستان، وأيضا لا أفضل جنسية بعينها عن الأخرى، ولكن هذه الفترة عملية التصنيع تتم ببلدان أوروبية، فالعارضات طفلات أوروبيات، فيما ستكون جلسة التصوير المقبلة مختلفة، وسأحاول أن تكون العارضات أكثر شبها لنا ولبناتنا من حيث الملامح، لأتغلب على ملامح البنت الشقراء صاحبة العيون الملونة.
كيف تسيطرين على الأطفال العارضات والرضع خلال التصوير؟
تصوير الأطفال صعب، ويجب أن نقوم بكل التفاصيل بمنتهى الحب والحنان، وتصوير الرضع أكثر صعوبة، أحيانا قد تستغرق الجلسة الواحدة أكثر من ثلاث ساعات، بسبب بكائهم أو نومهم خلال التصوير، وفي بعض الأحيان نضطر إلى إلغاء جلسة التصوير بالكامل بعد كل التجهيزات.
ما هى الصعاب التي قابلتك في مشوارك؟
من أهم العراقيل التي واجهتني أنني أقوم بكل شيء بمفردي، من أول التصميمات حتى الدعاية بكل أنواعها، على وسائل التواصل الاجتماعي، مرورا بالإشراف على توريد القماش والشحن والتسويق، وفي أول عام تقريبا، كنت أقوم بتوصيل الفساتين إلى العملاء، والمشكلة الأخرى أنني أعتبر “جوريا” مثل ابنتي، وأخاف علي الاسم ، وأتردد ألف مرة قبل أن أعطى لأي شخص صلاحيات عليه.
ما هو بيت الأزياء المفضل لك؟
أميل أكثر إلى التصميمات التي لاتزال تحترم أنوثة المرأة، ولا أميل إلى التصميمات المجنونة التي تلهث وراء الموضة، وبطبعي أميل إلى الكلاسيكية والمظهر الراقي الثمين، لذا أميل إلى بيت أزياء شانيل، لأنه يجمع بين الأنوثة والرفاهية، وأرى أن هناك مذهبا عاما الآن هو تعلق الناس بالماركات العالمية الباهظة الثمن؛ ولكن من وجهة نظري أن الأناقة لا تستلزم تلك الثروة الطائلة، فهناك ماركات أخرى ليست بهذه الشهرة، ولكنها تقدم تصميمات رائعة وجودة عالية، وأختار منها ما يناسبني، وأميل كما قلت إلى القطع الأكثر أنوثة مثل الفساتين أو التنانير ذات الخصر الضيق، والتي تميل إلى الاتساع.
أين تقف المرأة العربية في مجال صناعة الأزياء العالمية؟
المرأة العربية لديها فرصة للتميز بسبب الموروث الثقافي العربي الغني، والمميز عن بقية الثقافات، إذ لم يستهلك بعد في أكبر بيوت الأزياء العالمية، ولكن يجب على كل امرأة عربية أن تثق بنفسها وتدخل هذا المجال بكل قوة ، لتستطيع أن تثبت نفسها فيه، وكلي ثقة أن المرأة العربية سوف تستطيع منافسة أكبر بيوت الأزياء العالمية.
بماذا تحلمين؟
على الصعيد الشخصي، أتمنى استكمال حياتي بسلام، ولا أتعرض لمشكلات قوية، أقول هذا وأنا أعلم أن الحياة فيها الحلو والمر، ولكنني أقصد المشكلات الكبيرة التي لا يطيق الإنسان تحملها، مثل التي عانيت منها شخصيا فى آخر عشر سنوات في حياتي، وعلى رأسها الغربة فإحساسها صعب، وكذلك وفاة والدي وانفصالي، ولكن إذا نظرنا إلى الوجه الآخر للعملة فهذه المشكلات جعلت عندي إصرارا على النجاح في مشروعي، واستكماله لأشتت انتباهى عن الحزن الكامن في أعماقي، وعادة أشغل نفسي كثيرا حتى لا يكون عندي أي وقت فراغ للتفكير في المشكلات، وعلى الصعيد العملي، أنا شخصية عاشقة للعمل، فأنا في الأساس أعمل في بنك وأحب عملي كثيرا، وأستمر في عملي بشكل متواز مع مشروعي، كما أتمنى أن أرى ابنتي تكبر وتنجح وتستقل بحياتها، وأتمنى لمشروعي النجاح والوصول إلى العالمية.