تحولت صناعة الأزياء في مصر خلال السنوات الأخيرة إلى مشهد متكامل يعكس هوية ثقافية غنية، ويواكب أحدث الاتجاهات العالمية، جيل جديد من المصممين المصريين استطاع أن يمزج بين الإرث الحضاري العريق وروح الابتكار المعاصر، ليصنع لنفسه مكانة لافتة على خريطة الموضة الدولية.
لم يكتف المصممون المصريون بتقديم تصميمات تحمل توقيعات شخصية فحسب، بل استطاعوا أن ينقلوا للعالم روح النيل وألوان القاهرة وتاريخ المصريين القدماء في لوحات فنية قابلة للارتداء، لتصبح الموضة المصرية اليوم نافذة تعكس القوة الناعمة للثقافة المصرية، وتؤكد أن القاهرة ليست فقط مدينة التاريخ، بل أيضا مدينة الإبداع والموضة.
من بين هذه البيوت يبرز بيت أزياء نجح في صياغة هوية بصرية متفردة عبر فن الطباعة والرسومات الحصرية، ليحول كل قطعة إلى لوحة فنية جميلة، فهو يعتبر علامة فارقة في المشهد الإبداعى، فمع كل تصميم جديد يثبت للجميع أن الأزياء تعدت كونها مجرد ثياب، وأصبحت مساحة للابتكار والتعبير عن الذات، وجسرا يصل بين التراث والحداثة بأسلوب عصرى يفيض بالحيوية.

قطع عصرية تعزز من قوة المرأة
تأسس بيت "أوسيتيا" على يد سلوى الشامى وعبد الرحمن شريف، ليكون انعكاسا لشغفهما العميق بالهوية المصرية، ويستلهم إبداعاته من التاريخ والثقافة الفنية لمصر القديمة، ليقدم قطعا عصرية تعزز من قوة المرأة، وتمنح الموضة مفهوما متجددا ومبتكرا، الاسم مستلهم من الإلهة المصرية القديمة "أوست"، وهو الاسم الأصلى لـ "إيزيس" رمز الجمال والقوة، وكما جسدت أوست معانى السحر والقدرة تم استلهام اسمها في نسيج الأناقة المعاصرة، حيث يسعى البيت عبر إبداعاته المميزة إلى تمكين المرأة، وإبراز حضورها في قالب عصرى يواكب المستقبل مع دعم الحرف اليدوية، فهويقدم مجموعة فاخرة من القطع النسائية محدودة الإصدار، تشمل الفساتين والكيمونو والجاكيتات وغيرها.
الحضارة المصرية بأسلوب حديث
الفكرة بدأت من رغبة سلوى في إنشاء بيت أزياء مصري يعتمد على الرسم حيث قالت: "حضرت محاضرة للمصمم العالمي نعيم خان، تحدث فيها عن ثراء مصر بتاريخها، وأدركت أن هذا الكنز لم يُستغل بعد بشكل معاصر، فأردت أن أُظهر الحضارة المصرية القديمة بأسلوب حديث وألوان وقصات مواكبة للموضة، دون أن يكون الطابع الفرعوني ظاهرًا بشكل مباشر، بل من خلال قصص ورسومات خفية تحمل معاني عميقة بكل رموزها وأساطيرها، لكن يعاد تقديمها بطريقة رقيقة تحمل توقيع أوسيتيا الخاص.

مشروع يجمع بين الحب والإبداع
العمل العائلى دائما ذو طابع خاص، يظهر الحب فيه في كل تفصيلة من تفاصيله، فكل شريك يهتم بظهور عمل شريكه على أكمل وجه، فنجد اللوحة النهائية مبهرة، فهنا نجد الزوجة سلوى التي يتمحور دورها في البحث عن قصة وراء كل تصميم، وابتكار الرسومات والقطع، وتولي الجانب الإبداعي والإخراج الفني، أما الزوج عبد الرحمن فينحصر دوره في شراء الإعلانات وإدارة العمليات، ووضع الخطط المالية، ليشكلا معا شراكة تسعى إلى بناء علامة تعكس شغفهما المشترك بمصر القديمة، وجاءت فكرة دار الأزياء بشكل غير متوقع بعد زواجهما لتصبح مشروعا يجمع بين الحب والإبداع، ويهدف إلى ترك بصمة ملهمة في عالم الموضة، ويعتمد على خامات مستدامة دون أي استخدام للجلود أو المكونات الحيوانية.
عناصر يدوية وخامات طبيعية
وعن روشتة النجاح أكدا أنه عمل جماعي متكامل، كل شخص في الفريق يركز على دوره ليكمل بعضهم البعض، كما أنهما اعتمدا على تصميمات مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة برؤية عصرية سواء في الألوان أو القصات، وحريصان على وجود عناصر يدوية وخامات طبيعية مثل الكتان والقطن المصري المميز، بالإضافة إلى ذلك حرصا على أن تكون جلسات التصوير احترافية مع لوحة إلهام خاصة بكل مجموعة.

الوصول إلى العالمية مع الحفاظ على الأصالة
وعن طموحهما ، فهما يريدان الوصول ببيت الأزياء إلى العالمية، مع الحفاظ على أصالته وتميزه بعيدًا عن أن يكون تجاريًا بحتًا، وأن يصبح الوجهة الأولى للأزياء الفاخرة المستوحاة من مصر القديمة عالميا، ومقدما إبداعاته لمحبى الموضة والتاريخ على حد سواء بلمسات تجمع بين الحرفية العالية والابتكار، وتقول: "حلمي أن يعرفنا كل من يقدر الفن والتاريخ المصري العظيم"، وكذلك تعمل على التفاعل النشط مع مجتمع الموضة عبر المشاركة في الفعاليات، واستضافة الأحداث المتخصصة، إلى جانب دعم مبادرات وقضايا مجتمعية تتماشى مع رؤيتها، وكنا قد أطلقنا سابقًا بعض الحقائب والإكسسوارات (مثل الحُلقان)، وبالطبع نسعى إلى إعادة تقديمها مستقبلًا بجانب منتجات جديدة، وعن بيوت الأزياء المفضلة لديها، على المستوى العربي، تأتي عزة فهمي في المقدمة، لأنها حولت التراث العربي والمصري إلى فن معاصر، أما عالميًا فهى تعشق جوتشي، وفالنتينو، وإيترو، وهيرمس، بسبب شغفها الكبير بالرسم والفنون.

همسات النيل و جواهر النترُو
تنقسم مجموعة خريف وشتاء 2025-2026، إلى قسمين: الأول (مجموعة محدودة من التريكو) تحمل اسم: همسات النيل، ومستوحاة من النيل في زمن المصريين القدماء.
والثاني باسم : (جواهر النترُو)، ومعناها القوى أو الآلهة في المعتقد المصري القديم، تستلهم الطاقات الأربع: النار، الشمس، الماء، والهواء، وتجسدها عبر رموز وآلهة فرعونية، لتمزج بين طاقة الطبيعة والحكمة الروحية القديمة.
وقد أشادت مجلة "فوج" البريطانية بمجموعة سابقة تحمل اسم "حكايات الشتاء"، وتمثل جسرًا بين العراقة والخيال، حيث تتجسد الأساطير والطقوس والآلهة ودورات الطبيعة في صياغات مبتكرة تتحول إلى فن يمكن ارتداؤه.