نكتشف بين ليلة وضحاها جرائم عديدة منها حادثة الاعتداء الجنسى على الطفل "ياسين" ذي الستة أعوام بمحافظة البحيرة تحت التهديد والوعيد والترهيب بعدم إفشاء ما يتعرض له، وملاحظة الأم علامات غير مفهومة وغير طبيعية على ابنها خلال فترة الإجازة، وجريمة الاعتداء على الطفل "ياسين" ليست هى الأولى، بل سبقتها جريمة اغتصاب الطفلة "زينة" من ذئب بشري، و"هدى" ذات الخمس سنوات على يد اثنين "جار وحارس عقار".
وتبين بالكشف الطبى على الطفل ارتكاب جريمة بشعة تشيب لها الرؤوس، حيث وجود آثار عنف واعتداء، وتم تحرير محضر بتلك الأحداث بقسم الشرطة الذى أحضر المتهم وواجهه بالاتهامات وأنكرها، وأخطرت النيابة العامة ببلاغ الأم، والاستماع للأقوال، والتى أثبتت تعرض الطفل للاعتداء أكثر من مرة داخل المدرسة.
إشادة الأزهر بمرافعة الأم
يوضح د. عباس شومان، وكيل الأزهر السابق قائلا: "لم أسمع من قبل عن محامٍ كسب قضية كهذه من أول جلسة، ولم يكن المحامون يتوقعون صدور الحكم بهذا الشكل المبكر، لكن مرافعة الأم كانت كافية"، موجهًا لها تحية خاصة على شجاعتها وإصرارها على حق ابنها، وقد أشاد د. شومان بالحكم القضائي الصادر في قضية الطفل ياسين الذي تعرض لاعتداء من قِبل مراقب مالي في المدرسة الخاصة التي كان يدرس بها.
شجاعة عائلة الطفل
كما أشاد د. شومان بشجاعة عائلة الطفل قائلا: "لقد فعلت عائلة الطفل ما سكت عنه غيرهم، ولا يعيبهم شيء، إلا أنه لا يجوز نشر صورهم دون إذنهم، حرصًا على خصوصيتهم وسلامتهم النفسية والاجتماعية".
العدالة الناجزة
وأكد د. شومان أن القضاء المصري كان عند حسن ظن المصريين، حيث أصدر حكمًا سريعًا ورادعًا بحبس المتهم بالمؤبد من أول جلسة، معتبرًا أن هذا الحكم أعاد الطمأنينة للشارع المصري، ومثّل رسالة حاسمة بأن العدالة لا تتأخر حين يكون الأمر متعلقًا بكرامة وأمان الأطفال، ودعا إلى إغلاق ملف القضية بعد صدور الحكم، حمايةً للطفل البريء وأسرته، وتقديرًا لما قام به القضاء المصري من دور فعّال في تحقيق العدالة دون إبطاء.
الاضطرابات الجنسية ليس لها سن
يوضح لنا د. جمال فرويز استشارى الطب النفسى بمستشفيات جامعة عين شمس أن الاضطرابات الجنسية أو اضطراب الديبوفيليا سواء كان شابا صغيرا أو كبير السن ولا فارق بين الاثنين، هو اضطراب جنسى بنسبة 90% يكتمل قبل سن الـ14 عاما.
تأثير السوشيال ميديا
أما السوشيال ميديا فيرى د. جمال أنها ليست هى التى تزود الجريمة بقدر ما تزود الوعى بالجريمة والنظر حولها، فمنذ الصغر كنا نسمع عن شخص فى منطقة أو ناد، أو مدرس أو فراش فى مدرسة، وكان يُقال "خدوا بالكم من هذا ومتلعبوش معاه"، فعندما يرى مرتكب الجريمة "المتحرش أو المغتصب" أحد أفراد الأسرة كبيرا فى السن مع الطفل يخشى الاقتراب، فالمغتصب يبحث عن طفل ليس معه أحد، فهذه الأحداث موجودة من زمان، والسوشيال زودت الكلام حول هذا الحدث ومرتكبيه وأصبح له صدى، مثلما رأينا عن موضوع "ياسين" الذى أضحى حديث الشارع المصري، رغم أن هذا الحدث مضى عليه سنة وأكثر، ولكن السوشيال ميديا أثارت الموضوع بطريقة فجة، مما جعل الناس يتنبهون لمتابعة أطفالهم.
أنواع الاعتداء الجنسي
أما عن الطفل المعتدى عليه طبقا للمرحلة السنية فهو يختلف، فالطفل الذى عمره أقل من ثلاث سنوات غير الطفل أكبر من الثلاث سنوات – والكلام للدكتور جمال فرويز – والذى عمره ثلاث سنوات لن يتذكر شيئا، أما الأكبر من ذلك فسوف يتذكر، فالبيدوفيليا نوعان، "احتضان أو تقبيل أو لمس بالأيدى من الخلف على الملابس على العضو الذكرى"، أو "اعتداء كممارسة كاملة مع الطفل/الطفلة، فيتسبب فى تهتكات أو إصابات شديدة، إلى جانب أنه بعدما يتعامل معه – معها – أكثر من خمس متتالية يتعود على ذلك، لأنه يوجد غدة تُسمى "البروستاتا" التى تعودت على أن تتلوث من الخلف، وصار الطفل من طبيعى إلى طفل له ميول جنسية سلبية.
العلاج النفسي والسلوكي
أما عن تعديل سلوك مرتكب الجريمة بعد الجريمة فيمكن تعديل سلوكه وانخراطه بالمجتمع، حيث يوضح د. فرويز أن جمعية الطب النفسى بالولايات المتحدة الأمريكية أصدرت تقريرا فى 2020 أوضح أن المقبلين على تعديل سلوكهم بعد ارتكاب الجريمة "الاعتداء أو الإيذاء الجنسى" لا يتعدى النصف فى المائة – أى خمسة لكل مئة ألف – وهذا عدد ضئيل جدا، ولا يتجهون إلى العلاج، لكن لو طلب العلاج كنا عالجناه، فكل المترددين على العيادات النفسية عالجناهم، وكانت أعمارهم تتراوح ما بين 15 إلى 18 سنة، والأسرة هى التى شاهدت الموقف وأسرعت بالتواصل، وبدأنا العلاج ونسوا ما مضى، وعادوا كأنهم أسوياء.

وعي الأبناء
يرى د. فرويز أن أفضل طريقة للأبناء هي الوعى وإفهامهم ألا يخافوا، فبعض الأهالى للأسف عندما يتعرض أحد الأبناء للإيذاء أو التعدى عليهم يلومون الضحية، ويقولون: "أنت اللى ضعيف أنت اللى سهلت، أنت اللى ساعدت"، وللأسف يقفون ضد الضحية وليس ضد الجانى، وطبعا يتم مداراة الموضوع وتجنب إحداث أى بلبلة فى المجتمع فذلك من العار لديهم، فلابد من الوعى والفهم وإصلاح المضطربين ومحاسبتهم، وتوعية الأبناء بعدم التقبيل، وعدم لمس الجسم، ودخول دورات المياه مع أحد، وعدم الذهاب إلى مكان بعيد فى المدرسة أو فى النادي، وهذه أشياء ضرورية يجب معرفتها جيدًا، وأن نؤكد له أنه إذا هددك أي شخص بأى شيء تعال وقل ولا تخف، فبعض الجناة أو المعتدين يهددون الأطفال بقتل الأب أو الأم أو الذبح، وهي تلك التهديدات العنيفة التى يلجأون إليها.
الرأى القانونى
تنص المادة 268 من قانون العقوبات على أن كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يُعاقب بالسجن المشدد، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ 18 سنة ميلادية، أو كان مرتكبها أو أحد مرتكبيها ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 7 سنوات، وإذا اجتمع هذان الظرفان معا يُحكم بالسجن المؤبد، حيث قررت المحكمة الحكم بالسجن المؤبد على المتهم.