من هو عالم الآثار الياباني الذي خصَّته مصر بدعوة حفل افتتاح المتحف المصري الكبير؟
سعادته الشديدة الممزوجة بالفخر والانبهار تأججت عندما حرصت مصر على دعوته بشكل رسمي لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، مما أثار فضول وتساؤلات المصريين عن سبب اختصاص البروفيسور الياباني بهذه الدعوة الرسمية، فمن هو ساكوجي يوشيمورا الذي بات اسمه يتردد على مسامعنا، واقترن اسمه بعظمة الاكتشافات المصرية العظيمة؟ هو عالم الآثار الياباني الشهير الذي له بصمة كبيرة في علم الآثار المصرية، فبخلاف أنه من أبرز المتخصصين في علم الآثار المصرية، وله باع طويل في التعاون الأثري بين مصر واليابان على مدار سنوات طويلة، إلا أنه أسهم في العديد من المشروعات الأثرية الكبرى بمنطقة الأهرامات، منها أعمال مراكب خوفو، والحفائر والترميمات المختلفة، وبفضل جهوده وإسهاماته العلمية أصبح يوشيمورا رمزًا للتعاون الثقافي بين مصر واليابان، وأحد أعمدة دراسة التاريخ المصري القديم في العصر الحديث.
بدأت رحلة يوشيمورا مع مصر عام 1966، عندما أصبح أول عالم آثار ياباني يقود بعثة للتنقيب في الأراضي المصرية، ومنذ ذلك الحين شارك في العديد من المشروعات والاكتشافات الكبرى، أبرزها مشروع مركب خوفو الثاني بجوار الهرم الأكبر، حيث استغرق سنوات من العمل الدقيق لترميم أكثر من 1200 قطعة خشبية، وهو يعد تحفة بحرية خالدة ويظل مركب خوفو دليلًا حيًّا على عبقرية المصريين القدماء، وقدرتهم على بناء هياكل بحرية معقدة ومتقنة.
ولقد واجه فريقه العديد من التحديات الكبيرة أثناء العمل على استخراج القطع الخشبية للمركب، حيث اعتمد الفريق على تقنيات حديثة ومتطورة لضمان الحفاظ على سلامة القطع الخشبية التي كانت مدفونة في الرمال لآلاف السنين، ومن أهم التحديات كانت حماية الخشب من التأثيرات البيئية، وضمان إعادة تجميع المركب بشكل يحافظ على دقته الأصلية، ويرمز مركب خوفو إلى فكرة الخلود والسفر الأبدي في الحياة الآخرة، والمراكب الشمسية كانت جزءًا من الطقوس التي يعتقد أنها تُمكّن الملك من مرافقة إله الشمس في دورة الأبدية.
ونُقل المركب عام ٢٠٢١ بعد تجميعه وترميمه بدقة إلى المتحف المصري الكبير، حيث سيعرض كجزء من المجموعات الملكية، وقد أسهمت اليابان بشكل كبير في دعم هذا المشروع من خلال خبراتها التقنية، حيث كانت عملية نقل المركب واحدة من أكبر التحديات اللوجيستية التي واجهت فريق العمل.
وفي عام 1974، كانت بعثة يوشيمورا على موعد مع واحد من أهم اكتشافات العصر، وهو اكتشاف مقبرة الملك أمنحتب الثالث، ولم يكتفِ يوشيمورا بالاعتماد على الأساليب التقليدية في الحفريات، بل تبنى أحدث التقنيات اليابانية التي ساعدت فريقه على تحقيق إنجازات فريدة، من بين تلك التقنيات، استخدام الرادار المخترق للأرض للكشف عن الفراغات تحت سطح الأرض، مما أدى إلى اكتشاف المركب الثاني للملك خوفو، وكان دوره حاسمًا في تقديم الدعم الفني والتقني، وبخاصة في نقل وترميم المركب الثاني للملك خوفو.
ويعد الدكتور ساكوجي يوشيمورا رئيس البعثة الأثرية اليابانية، أحد أعلام الحفاظ على التراث المصري؛ حيث كرَّس معظم حياته لاكتشاف أسرار الحضارة المصرية القديمة، واشتهر بشغفه الكبير بالآثار المصرية، ودقته في دراسة تفاصيلها، مما جعله يحظى بتقدير واسع من المجتمع الأثري الدولي، ولقب بـ(المصري الياباني) نظرا لحبه العميق لمصر وحضارتها.
أما عن حياته الشخصية ففي خطوة غير متوقعة، أعلن ساكوجي يوشيمورا إسلامه، بعد فترة طويلة من البحث والتأمل في الديانات، فكان إسلامه نتيجة لقناعته الشخصية برسالة الإسلام السمحة، وقد أصبح بعد ذلك سفيرًا للإسلام في اليابان، من خلال الجمعية الإسلامية اليابانية، وارتبط الدكتور يوشيمورا بمصر ارتبطا وثيقا معبرا عن حبه للثقافة المصرية، والأكلات الشعبية المصرية التي أصبح يعشقها.
ولقد أثار يوشيمورا اهتمام متابعيه حول العالم، بعد نشره صورة دعوة رسمية تلقاها من الحكومة المصرية لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، حيث جاءت الدعوة داخل تمثال أثري مصمم بشكل فاخر، مؤكدًا فخره بالمشاركة في هذا المشروع التاريخي الذي يُعد أحد أكبر المتاحف الأثرية في العالم.