سميحة أيوب.. مسيرة فنية تجاوزت 75عاما
تُعد الفنانة القديرة سميحة أيوب واحدة من أبرز رموز الفن المصري والعربي، حيث امتدت مسيرتها الفنية نحو 77 عاما من العمل الفني الدرامي، والسينمائي، والمسرحي، وهي صاحبة أطول مسيرة فنية في تاريخ السينما العربية؛ حيث كانت بدايتها الاحترافية من خلال فيلم المتشردة سنة 1947.
قدمت خلال العقود السبعة أعمالًا خالدة في المسرح والسينما والتليفزيون، وحققت مكانة استثنائية جعلتها تُلقب بـ"سيدة المسرح العربي"، كما كُرِّمت من قبل رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي.
وقد ولدت سميحة أيوب في 8 من مارس عام 1932 بحي شبرا الشعبي في القاهرة، ونشأت في أسرة مصرية متوسطة، وواجهت في بداياتها اعتراضا من والدها على دخولها مجال التمثيل، إلا أن شغفها بالفن وانضباطها الشديد كانا سببا لإصرارها على خوض هذه المسيرة بكل حب وتحد.
وقد بدأت حياتها الفنية في عام 1947 في فيلم المتشردة وكان عمرها 15 عاما، ثم فيلم حب في سنة 1948، ولفتت أنظار المخرجين بقوة شخصيتها وموهبتها.
و التحقت سميحة أيوب عام 1949 بالمعهد العالي للتمثيل الذي أسسه زكي طليمات وتتلمذت على يده، وبالتوازي مع دراستها كانت تعمل في المسرح والسينما، فقدمت خلال فترة الخمسينيات العديد من الأعمال وهي: فيلم شاطئ الغرام في مطلع سنة 1950، ثم في سنة 1951 شاركت في فيلم ورد الغرام، وقد ذاعت نجوميتها في أوائل الخمسينيات لتعاملها مع كبار الفنانين، بينهم شكري سرحان، وفريد شوقي، وصباح، وعماد حمدي، وليلى مراد، وحسين صدقي، وتخرجت في المعهد العالي للتمثيل سنة 1953.
ورغم براعتها في عدد كبير من الأفلام والمسلسلات، فإن المسرح كان المجال الأقرب إلى قلبها، وقدّمت من خلاله أعمالًا مسرحية خالدة ما زالت تُدرّس حتى اليوم، أبرزها: رابعة العدوية، وسكة السلامة، والسلطان الحائر، والفتى مهران، وبلغ رصيدها المسرحي على مدار مسيرتها الفنية ما يقرب من 170 مسرحية.
و انضمت إلى المسرح القومي المصري، وصارت مديرة له مرتين في الفترة بين 1975 -1989، كما تولت إدارة المسرح الحديث بين عامي 1972 و 1975، ثم مسرح الطليعة، وكانت أول امرأة تتولى هذه المناصب، مما رسّخ حضورها القيادي في الوسط الثقافي.
أما عن حضورها في الأعمال الدرامية، فكان دورها في مسلسل "الضوء الشارد "هو الأبرز، حيث قدمت فيه الدور الصعيدي بحرفية وعاطفة صادقة أحسها الجمهور، حيث لاقت نجاحا جماهيريا واسعا، كما شاركت أيضا في مسلسلات مثل "بنت من شبرا"، و"مكان في القلب"، و"قصر العشاق"، وصولًا إلى "الشارع اللي ورانا"، و"سكر زيادة"، في السنوات الأخيرة، حيث واصلت العطاء بأدوار إنسانية مؤثرة.
أما مسيرتها السينمائية قليلة من حيث العدد، ولكنها مؤثرة في بصماتها، أما أبرز أعمالها السينمائية، فكانت أفلام: أرض النفاق، وفجر الإسلام، ومع السعادة، وبين الأطلال، وشاطئ الغرام، وأدهم الشرقاوي، ومجرم في إجازة، وفيلم تيتة رهيبة؛ حيث كسرت كل التوقعات بأدائها وخطفت أنظار الجمهور لها رغم تجاوزها الـثمانين عاما آنذاك.
وقد تزوجت سميحة أيوب ثلاث مرات، كان أبرزها من الفنان محسن سرحان، ووصفت تجربتها معه بأنها الأسوأ بسبب غيرته الشديدة عليها، ثم من أستاذها النجم محمود مرسي، ثم من الكاتب والمفكر سعد الدين وهبة الذي شكل معها ثنائيا فنيا وفكريا مميزا، لم تُرزق بأبناء، وكانت تصف المسرح بأنه "ابنها الحقيقي".
وكرّمت في العديد من المهرجانات والمؤسسات الثقافية، وحصلت على: وسام الفنون والآداب، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى (مرتين)، ووسام الاستحقاق من تونس، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون، وكرمتها منظمة اليونسكو.
وأُطلق اسمها على قاعة عرض بمسرح البالون تكريما لمسيرتها الطويلة، وقد كتبت الفنانة القديرة سميحة أيوب مذكراتها في كتاب بعنوان "ذكرياتي... سميحة أيوب" كانت قد نشرتها مسلسلة في مجلة نصف الدنيا، من إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب، كما أصدر الكاتب د. عمرو دوارة كتابا عن مسيرتها الفنية والثقافية الثرية في كتاب بعنوان "سميحة أيوب سيدة المسرح العربي.