من المسحراتي إلى الألحان الخالدة.. رحلة سيد مكاوي مع الموسيقى العربية
تحل اليوم ذكرى ميلاد شيخ الملحنين "سيد مكاوي" فقد ولد في 8 مايو 1928 بحي الناصرية بالقاهرة كفيفا، وقررت أسرته أن تحفظه القرآن الكريم، فكان يؤذن للصلاة بمسجدي أبوطبل والحنفي، ومن شغفه بالموسيقى اتجه في سن الشباب إلى متابعة المنشدين، وقارئي القرآن الشيخين إسماعيل سكر والشيخ مصطفى عبدالرحيم، وكانت والدته تشتري له الأسطوانات القديمة من الروبابيكيا ليقوم بسماعها لتعطشه لسماع الموسيقى الشرقية.
تعرف سيد مكاوي إلى "علي إسماعيل رأفت ومحمود رأفت"، أحدهما يعزف على القانون والآخر على الكمان، وكانت لديهما أسطوانات متنوعة للملحنين داود حسني، ومحمد عثمان، وعبدالحي حلمي، والشيخ درويش الحريري، وكامل الخلعي، وداوم سيد مكاوي على الاستماع للموشحات والطقاطيق ليحفظها عن ظهر قلب.
كوَّن سيد مكاوي مع الأخوين رأفت "تخت" لإحياء حفلات الأصدقاء، وحفظه لأغاني التراث الشرقي والإنشاد الديني والتواشيح جعله يرسم مستقبله في عالم الموسيقى والإبداع الغنائي بـ"صياغة الألحان والقوالب الموسيقية".
غنى في بدايته أغنية "محمد" من ألحان عبدالعظيم عبدالحق، و"تونس الخضراء" للملحن أحمد صدقي، وفي الخمسينيات تعاون مع الإذاعة المصرية كملحن إلى جانب كونه مطربا، ولحن بعض الابتهالات للشيخ محمد الفيومي ومنها: "تعالى الله أولاك المعالي"، و"آمين آمين"، و"حيارى على باب الغفران"، ولحن لفايزة أحمد "يا نسيم الفجر صبح"، حيث كان أول لحن يقدمه للإذاعة.
قدَّم مكاوي أغاني شعبية خفيفة مثل: "آخر حلاوة مافيش كده"، و"ماتيالا يا مِسعدة نروح السيدة" للشاعر عبدالله أحمد عبدالله، وبدايته في التلحين مع المطرب محمد قنديل في "حدوتة" من كلمات الشاعر صلاح جاهين ولأم كلثوم "يا مسهرني"، ولمحمد عبدالمطلب "اتوصى بيا"، و"قلت لأبوكي عليكى وقالي"، و"اسأل مرة عليا"، و"كل مرة لما أواعدك"، ولشريفة فاضل "مبروك عليك يا معجباني يا غالي"، ولليلى مراد "حكايتنا إحنا الاتنين"، ولشادية "هوى يا هوى"، و"همس الحب يا أحلى كلام"، ولشهرزاد "غيرك أنت ماليش"، ولنجاح الصغيرة "لو بتعزني"، ولصباح "أنا هنا يا ابن الحلال"، ولسميرة سعيد "بعدين نتعاتب"، ولوردة الجزائرية "أوقاتي بتحلو"، "قلبي سعيد"، و"شعورى ناحيتك"، و"بحبك صدقني".
ابتكر مقدمات غنائية للعديد من المسلسلات الإذاعية ومنها: "شنطة حمزة"، و"رضا بوند"، و"عمارة شطارة"، و"حكايات حارتنا".
اعتادت الإذاعة المصرية أن تقدم حلقات المسحراتي، وتعهدت مع أكثر من ملحن أمثال أحمد صدقي، ومرسي الحريري، وعبدالعظيم عبدالحق، واختارت سيد مكاوى لتلحين عدة حلقات يقوم بغنائها، مما أدهش المسئولين والمستمعين ونالت إعجابهم، وقد بدأ في تقديم المسحراتي مع الشاعر فؤاد حداد ببساطة في الأسلوب والكلمات، ثم "آمين آمين يارب الناس"، و"الزيني بركات"، و"عمال ولادنا والجدود عمال" و"زرع الشراقى" للشاعر فؤاد قاعود.
اهتم سيد مكاوي بالقضايا القومية للوطن العربي، وغنى "حنحارب حنحارب كل الناس حتحارب"، و"الدرس انتهى لموا الكراريس"، و"إحنا العمال اللى اتقتلوا"، و"مصر مصر دايما مصر"، و"مافيش فى قلبي ولا عينيه إلا فلسطين"، و"يا بلدنا الفجر مادنة ونار بنادق".
لحن شيخ الملحنين أوبريت "القاهرة في ألف عام"، وقدم على مسرح البالون "لحن المماليك، ولحن بناء القاهرة، ولحن البياعين، ولحن عيد الفطر، ولحن الحاكم بأمر الله، ويا مصر افتحي قلبك" بمشاركة الموجي، وكمال الطويل، ومحمود الشريف، ولحن أعمالا مسرحية منها: "دائرة الطباشير"، و"الصفقة"، و"مدرسة المشاغبين"، و"هاللو دوللي"، و"سوق العصر"، و"الفيل النونو الغلباوي"، و"الليلة الكبيرة"، و"سهرة في الحسين"، و"هنا القاهرة"، ولحن "الرباعيات" لصلاح جاهين في الستينيات، وحلقات "نور الخيال وصنع الأجيال" للشاعر فؤاد حداد، و"الأرض بتتكلم عربي" بمشاركة غنائية لليلى جمال، وزينب يونس، وجنات فريد، وعبدالحميد الشريف، ويعتبر هذا البرنامج مرجعا مهما لكل الملحنين الجدد للاستفادة من التسلسل اللحنى والنقلات الغنائية.
غنى "ليلة إمبارح"، و"الله الله يا بدوي"، و"يا مسهرني"، و"يا حلاوة الدنيا"، و"أوقاتى بتحلو"، و"كده أجمل انسجام"، و"انت واحشنى"، و"كل الأحبة اتنين"، و"شاورلى"، و"عندك شك في إيه"، و"حلوين من يومنا"، و"أنا هنا يابن الحلال".
حاز سيد مكاوى على وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، ووسام صدام للفنون من الدرجة الأولى، وشهادات تقدير من جهات فنية عديدة كالإذاعة المصرية، وإذاعة الإسكندرية، وشهادات خاصة بالمناسبات كأعياد الطفولة والمسرح، ورحل عن دنيانا في 21 من أبريل 1997.