فرط الحركة وقلة الانتباه عند الأطفال شقاوة وقلبت بجد
فرط الحركة وقلة الانتباه عند الأطفال شقاوة وقلبت بجد
31 يوليو 2015

(المدارس الدولية هى اللى بتخترع الأمراض دى عشان تاخد فلوس من الناس ...انتى قصدك ايه إن ابنى مجنون... هو شقى شوية مش أكتر) كانت هذه هى الردود الصادمة التى تلقاها طلبة جامعة أكتوبر للعلوم والآداب MSAوذلك ضمن مشروع تخرجهم والذى كان يشمل حملة توعية بمرض ADHDفرط الحركة وقلة الانتباه للأطفال ...المشروع الذى تناول قضية مهمة ومسكوتا عنها فى المجتمع المصرى نستعرضه فى التحقيق التالي..

البداية..طفل بالعائلة

بدأت ندى أباظة إحدى طالبات مشروع التخرج حديثها معى موضحة سبب اختيارهم لمرض ADHDوهو إصابة أحد أقاربها بالمرض وعدم معرفة والدته أو أى شخص حوله بالمرض واعتقد الكل أنه طفل شقى وعصبى ولكن عندما توجهت والدته للطبيب للكشف على أذنه أثارت حركته الزائدة الطبيب فنصحها بالتوجه إلى طبيب نفسى للأطفال وبالفعل توجهت إلى طبيب متخصص فأكد لها إصابة ابنها بمرض ADHDوبدأ فى رحلة علاج وتحسنت حالته كثيرا وهى ما كانت بداية فكرة مشروع تخرجنا من قسم الإعلان  لأننا كان طلب منا القيام بحملة توعية تجاه موضوع أو قضية تخص المجتمع وتهمه وبالفعل وقع اختيارنا على هذا المرض المجهول والذى يصيب عددا كبيرا من الأطفال فى مصر ويؤثر على مستقبلهم وحياتهم ويصيب الأب والأم بالإحباط من سلوكيات أطفالهما يتعاملان معهم على أنها شقاوة زائدة ولكن فى الحقيقة هم مرضى ولا يحتاجون سوى العلاج وبهذا بدأنا فى الحملة التى استهدفنا فيها سيدات المجتمع من الطبقة الأولى والثانية أملا منا فى وجود نسبة وعى أو علم يساعدنا على إيصال المعلومة بشكل صحيح.

رفض اعتراف الأهل

وأضافت الطالبة  آية رماح أن بداية الحملة كانت صادمة بالنسبة لهم من حيث ردود أفعال الأمهات على محاولتنا توعيتهم وهذا بالرغم من اختيارنا لسيدات يصنفن فى المجتمع أنهن لديهن نسبة وعى عالية وأولادهن فى مدارس دولية وخاصة ولكن الحقيقة أن ردود أفعالهن تنم عن تعامل مجتمع جاهل وسطحى مع الأمراض النفسية والعقلية وعندما تسمع الأم كلمة مرض عقلى يكون رد فعلها عنيفا وتقول (يعنى إيه هو يعنى ابنى عشان شقى شوية وبيتحرك كتير يبقى مجنون إيه كلام المدارس الدولية ده ....انتو بتعملوا الموضوع ده عشان تلموا فلوس!؟) وهذا كان رد فعل معظم الأمهات اللاتى التقينا بهن سواء فى المجمعات الراقية فى النوادى والكافيهات والمدارس، ولم تعرف المرض سوى ثلاث أمهات من أصل 100 أم كانوا مستهدفين من حملة التوعية وكثير من الأمهات رفضن مجرد الحديث معنا أو معرفة أعراض المرض أو حتى تطوره أو تأثيره على مخ الطفل وسلوكه ورفضوا تماما مبررين ذلك بأنهم يسيطرون على أبنائهم جيدا ولا يمكن أن يكونوا مصابين بمرض عقلى.

المدارس تشكو من الآباء

وتحدثت الطالبة ايزيس نجيب عن تجربتهم مع المدرسين فى المدارس الدولية والخاصة وأكدت أن نسبة الوعى فى المدارس الدولية بين المدرسين مرتفعة جدا وأن المدارس الدولية تقوم بعمل دورات تدريبية للمدرسين لتوعيتهم بشأن الأمراض السلوكية والعقلية والمعرفية التى تصيب الأطفال فى سن مبكرة وأوضحت أن معظم المدرسين أكدوا أن عددا كبيرا من الأطفال مصابون بهذا المرض ولكن المشكلة ليست فى الطفل فعلى الرغم من صعوبة التعامل معه ولكن مع الوقت والثقة التى تنشأ بينه وبين المدرس تكون هناك حلقة وصل تمكن المدرس من توجيهه والسيطرة عليه ولكن المشكلة تكون فى أولياء الأمور الذين يرفضون الاعتراف بمشكلة أبنائهم بل يستمرون فى تدليلهم والانصياع لطلباتهم دون ردع أو الرجوع إلى طبيب نفسى متخصص فى أمراض الأطفال وقالت إحدى المدرسات إن المدرسة إذا قامت بتوجيه ولى الأمر إلى طبيب متخصص لمساعدة ابنه الذى يعانى من فرط الحركة وقلة الانتباه يكون رد فعل ولى الأمر هو نقل الطالب إلى مدرسة أخرى اعتقادا منه أن المدرسة تضطهد ابنه بدون سبب بسبب شقاوته أو ذكائه ورغبته الشديدة فى الحركة والجرى بدون سبب واستحالة السيطرة عليه داخل الفصل.

لا توجد إحصائيات رسمية

وأكدت الطالبة  هبة العشماوى أن الحملة تضمنت عمل إعلان راديو وتلفزيون ومصلقات إعلانية خارجية ولواحات إعلانية بالجامعة للتوعية بالمرض وذلك بعد عدم قدرتنا على الحصول على معلومات كافية من أية مراجع عربية وكل ما وجدناه عن المرض فى مراجع أجنبية إضافة إلى عدم وجود أية إحصائية أو معلومة واضحة عن عدد الأطفال المرضى والمصابين ب  ADHDمرض فرط الحركة وقلة الانتباه بالرغم من أن الحالات التى وجدناها فى المدارس المختلفة التى قمنا بجولة فيها كانت كبيرة وأكد أعضاء هيئة التدريس بالمدارس المختلفة أنهم بالفعل يعانون من الإصابات المتكررة للأطفال بهذا المرض وصعوبة إقناع أولياء الأمور بمرض أولادهم وأحيانا يعتقد البعض أنه تأخر دراسى أو صعوبة تحصيل ولكن الحقيقة عكس ذلك فعدد كبير من الأطفال المصابين بالمرض فى قمة الذكاء ولكن لا يستطيعون استخدام ذكائهم بسبب المرض الذى يسيطر على تصرفاتهم وسلوكياتهم .

صفحة على الفيس بوك

وأضافت هبة: إن أحد أساليب التوعية فى الحملة كان إنشاء صفحة على الفيس بوك للتوعية بالمرض وفى فترة أقل من شهرين أصبح أكثر من أربعة آلاف شخص يتابع الصفحة وتصل إلينا يوميا عشرات الاستفسارات والأسئلة من الأمهات حول أعراض المرض وطرق الوقاية والعلاج منه وقال كثير من الأمهات على صفحة الحملة على الفيس بوك أن أبناءهن يعانون من هذه الأعراض وأنهم يوبخونهم ويضربنهم اعتقادا منهن بأن هذه قلة أدب لذلك اخترنا للحملة شعار «افهميه ...حسى بيه» وذلك لدعوة الأمهات إلى فهم أبنائهن الذين يعانون من هذه الأعراض فهم ليسوا قليلى الأدب أو غير مهذبين ولكنهم مرضى يحتاجون إلى المساعدة.

مزاجية فى السلوكيات

وأخيرا قالت الطالبة علا العوامرى: إن المرض الذى تظهر أعراضه على الأطفال من 5 إلى سبع سنوات يظهر فى الحركة المبالغ فيها فلا يمكث الطفل فى مكان واحد لأكثر من ثوان معدودة ويصعب السيطرة على حركته أو إرغامه على الجلوس فى مكان واحد لفترة بالإضافة إلى العدوانية الشديدة والتى وصلت فى إحدى المدارس إلى مجيء طفل إلى المدرسة ومعه مطواة ويرغب فى ضرب زملائه بها والمزاجية الشديدة وتغير السلوكيات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بدون سبب وقلة الانتباه وصعوبة التحصيل الدراسى والتشتت أثناء الحصص الدراسية وهو ما يؤثر على مستوى الطالب الدراسى بالطبع وهذه الأعراض يكون الدور الأكبر على اكتشافها على الأم والمدرسة فى نفس الوقت فإذا لاحظ أحد الطرفين هذه السلوكيات لابد أن يخضع الطفل للكشف لدى الطبيب المتخصص والذى غالبا ما يلجأ إلى برنامج سلوكى يساعد الأم والمدرسة على التحكم فى سلوك الطالب وذلك من خلال عدد من التمرينات التى تمكن الطالب مثلا من تحديد المسافات بين جسمه والأشياء وتنشيط المهارات الرياضية وأن يتمكن الطفل من الحصول على أساليب تعديل السلوك عبر الثواب والعقاب، والعقاب هو بأسلوب الحجز والحرمان والثواب عكس ذلك. وقد يفيد استعمال لوحة يحصل فيها الطفل على نجمة عندما يكون سلوكه مقبولا ولا يحصل عليها إذا كان سلوكه غير مقبول، ويمكن أن يستعمل هذا الأسلوب لأكثر من طفل فى الأسرة، ويجب الحذر من الضرب والإيذاء والتوبيخ المتواصل الذى قد يعلم الطفل العنف.

لغة الطفل أساس التعامل معه

ويحتاج بعض الأطفال لعلاجات دوائية يقررها الطبيب ويتابعها، ولا يجوز استعمالها دون الرجوع للاستشارى المتخصص. وهذا لا يعنى عدم الاستمرار فى الأساليب السلوكية والتربوية وتعديل البرنامج اليومى للطفل، وحتى أسلوب الكلام، فالأطفال لا يصغون لفترات طويلة بالوضع الطبيعى فما بالك بالأطفال ذوى الانتباه القليل والحركة المستمرة. ولذلك فخلال الشرح فى قاعة الصف على الأستاذ استعمال الجمل القصيرة لا الشرح المفرط، واستعمال لغة الطفل دون خلط كلمات عربية وإنجليزية أو فرنسية فى نفس الوقت.
وبالمتابعة والمعالجة السلوكية والدوائية يتخطى الأطفال هذه المشكلة، وقد يبقى لها رواسب بعد المدرسة وفى الجامعة والحياة العملية، وقد تكون بدرجة بسيطة يستطع الإنسان التعامل معها، وقد يحتاج بعض الناس فى العشرينيات وبعد ذلك للمعالجة، خصوصا إذا كان نقص الانتباه مستمرا ويؤثر على التقدم فى العمل والحياة ولابد أن يشارك الأب والأم الطفل فى  النشاطات غير المعتادة، اجعليه يساعدك فى مهام البيت وترتيب الأشياء حتى فى زرع وردة أو شجرة فهذه الأشياء تنمى مهارات الطفل.

الأكثر قراءة