نصف الدنيا تكرِّم نجم "مولانا" ومخرجه
نصف الدنيا تكرِّم نجم مولانا ومخرجه
14 فبراير 2017

لأنه أثار جدلا جذب جمهور السينما،ولأنه حقق أكبرالإيرادات، فقد كرمت واستضافت نصف الدنيا نجم فيلم «مولانا» عمرو سعد، ومخرجه مجدى أحمد على، فى واحدة من أهم الندوات الصحفية التى عقدتها فى بداية عام 2017،الندوة شهدت حوارا ساخنا وجدلا موسعا حول القضية التى طرحها الفيلم، من خلال رواية «مولانا» للكاتب الصحفى «إبراهيم عيسي»،والتى ينتقد خلالها الفكر المتطرف وكافة التيارات العنيفة. 

فى البداية وصل «عمرو سعد» والمخرج مجدى أحمد على إلى مبنى الأهرام، واستقبلتهما رئيسة تحرير «نصف الدنيا»  أمل فوزى فى مكتبها، وكتب عمرو سعد كلمة فى سجل تشريفات نصف الدنيا عبر خلالها عن شكره وتقديره على استضافته،ورحب بالحوار حول القضية التى يطرحها الفيلم ثم انتقل الحوار إلى مكتب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الدكتور أحمد الـسيد النجار والذى رحب بعمرو سعد والمخرج مجدى أحمد على وهنأهما على الفيلم وما يطرحه من قضية جادة. مؤكدا أن الفيلم يدعو للتدين الوسطى المعتدل فى وقت نرى هجوما ضاريا من أصحاب الفكر المتطرف وأن الفيلم دعوة للتأمل والتفكر فيما بداخلنا من جمال.

ووسط تغطية قوية من أكثر من (12) قناة فضائية بخلاف العديد من الصحف والمجلات المصرية والعربية والمواقع الإلكترونية، انتقل الحوار مع بطل فيلم مولانا عمرو سعد ومخرجه مجدى أحمد على إلى قاعة توفيق الحكيم بالأهرام.

يرصد فيلم مولانا حالة رجل دين يملك نفوذًا هائلًا فى الإعلام وبين رجال السياسة، ويلقى الضوء على رحلة صعود تبدو معتادة لشيخ صغير فى مسجد حكومى من مجرد قيادة الصلوات إلى أن يصبح داعية تلفزيونيا شهيرا يملك حق «الفتوى» التى يتلقاها الملايين بالإعجاب لجرأته ومحاولاته للخروج قليلاً عن مألوف الحديث السائد فى مجتمع متأثر بدعاوى التشدد السلفي. من خلال هذه الشخصية بدأ الحديث داخل قاعة «توفيق الحكيم»  وكأن الفيلم على موعد مع قاعة تحمل اسم قامة مهمة فى تاريخ الأدب العربى الحديث.

وبدأ الحوار مع بطل الفيلم عمرو سعد الذى قال إن المخرج مجدى أحمد على أكد أنه عندما قرأ الرواية وجد ضالته فيها،خاصة أنه يحمل نفس الهاجس الذى يشعر به الكاتب والمؤلف «إبراهيم عيسى» وهو تجديد الخطاب الديني، ووجد أن هذا الموضوع مكتمل وبالتالى الطمع فى الشخصية هو ما جعلها تخرج بهذا الثراء والتنوع الذى شاهدناه على الشاشة.

- لكن البعض يرى أن الفيلم جسد شخصية داعية بعينه؟

يجيب عمرو سعد:هذا غير صحيح فلو فكرت بشخصية محددة لحظى العمل بخطورة حقيقية،فالفيلم خليط من أشياء كثيرة،فنحن نقدم شخصية لداعية دينى من لحم ودم بكل جوانبها الإنسانية ونعمل على السيناريو وتعليمات المخرج، فشخصية «حاتم الشناوي» اقتحمتنى بشكل كبير ودخلت فى عالمها لكى أصل لهذه الشخصية.

 من جهته يقول المخرج مجدى أحمد على:

لم أقدم فيلما فى السينما إلا وشاركت فى كتابته حتى يتوافق مع أفكاري. فالكتابة للسينما تختلف عن الرواية. الفيلم جمع ثلاثة أشخاص على فكر واحد: أنا والكاتب «إبراهيم عيسى» مع ممثل عبقرى هو «عمرو سعد»، فنحن نحمل نفس الروح والقضية والحماس، فالفيلم شارك فيه الجميع بإخلاص ولكل بصمته، الفيلم كان يحمل روحا محبة حتى من نجوم التمثيل والذى أدى بعض الأشخاص منهم مشهدا واحدا وعندما كان الإنتاج يتحدث معهم عن الأجر كانوا يغضبون بشدة، فالهدف هو المشاركة خاصة أن الفيلم يحمل رسالة مهمة وخطيرة، وسادت هذه الروح من أول الفيلم لآخره وكان ذلك هو التميمة السحرية لهذا العمل وهذه الروح هى نتاج ثورة 30يونيو، ولكن تعالوا نقف لحظة حول هذه الثورة فهى واحدة من أهم الثورات فى التاريخ فهى ثورة من أجل الفكر والتنوير  والبحث عن حرية وهوية الشعب المصرى حتى أن شعارها كان»يسقط يسقط حكم المرشد».

وحول تخوفه من المشاركة فى العمل ثم قبوله بعد ذلك يجيب عمرو سعد:

تخوفت من الشخصية ولكنى فكرت كثيراً، وفى النهاية  قبلت لأنى أعمل مع أيد أمينة هى إبراهيم عيسى ومخرج بحجم وقامة مجدى أحمد علي، وبالتالى شعرت بالمسئولية تجاه العمل، والهدف تغير مع الوقت، فنحن أمام أمانة وربنا يسر لنا هذا الأمر حتى نغير شيئا وعندما اشتغلت على الفيلم وقعت فى غرام الشخصية، وتجردت من كل شىء وكان هناك مجموعة من المخاوف من الموضوع وصعوبة التوقيت لطرح هذا الأمر فالأمر ليس بالسهل أو الهين خاصة أن الرجل البسيط يستطيع أن يميز الخطأ اللغوى البسيط فى حالة حدوث خطأ فى قراءة القرآن الكريم على سبيل المثال، وبالتالى الثقة فى القائمين على العمل هى التى تمهد لك الطريق كلاعب محترف والمسألة هنا تعتمد عليك بشكل شخصي.

صورة النجم

وحول كيفية اختيار بطل العمل وحقيقة تعرضه لتهديد صريح من بعض المتطرفين  يقول المخرج مجدى أحمد على:

عندما قرأت الرواية كانت صورة «عمرو سعد» هى التى فى مخيلتى طيلة الوقت، ولكن عمرو رفض العمل فى البداية دون إبداء أسباب،ثم اقتنع بالعمل،وكان تخوفه عائدا لطبيعة المسلك الذى تتخذه الشخصية، أما عن تعرضى لتهديدات من قبل بعض الجماعات فهذا لم يحدث على الإطلاق فأنا لا أدعى البطولات، وفى النهاية قدمت عملا فنيا خلق حالة من الفكر،وتقابلت فى الكثير من البرامج التلفزيونية مع بعض السلفيين المتشددين،ففى النهاية ليس هناك  عداء شخصى مع أحد، لكن المقصد هو الحفاظ على هذا الوطن وحماية مقدراته وشعبه من الفكر المتطرف من أجل غد مشرق ومستنير.

أمة واحدة

ويعلق عمرو سعد فيقول:

من أكثر الأشياء التى تستفزنى شعار مسلم ومسيحى إيد وحده، فهو من أكثر العبارات عنصرية لأنه يكرس لجعل الوطن شقين مسلم ومسيحي، فالدين الإسلامى يستوعب كل الأديان والفيلم حالة إنسانية جردت المشاهد من ديانته.

قضية تنويرية

وسأل أحد الزملاء الصحفيين: هل الفيلم يرصد قضية تنويرية أم أنه ينقل مجرد واقع مرير ممزوج بحدة كاتب الرواية «إبراهيم عيسى»؟

فأجاب  المخرج مجدى أحمد على:

تخففت من حدة الكاتب «إبراهيم عيسى» لأننى أرغب فى جذب أكبر عدد من جمهور السينما، خاصة أن هذا الجمهور مختلف تماماً عن جمهور الرواية، فيجب عليك أن تحترم ثقافة الجمهور، فالعمل الفنى فردى وشخصى ولا يمكن تحميل الفيلم رؤية لفريق تنويرى من خلال إشراك مجموعة من الكتاب فى صناعته وكتابته،فالدراما بنت العمل الفردى وتكريمنا هنا بمثابة نجاح للفيلم.

وسألت رئيسة التحرير أمل فوزي: ألا تخشى من قولبتك فى دور الداعية الذى قد يمنعك من أداء دور مجرم مثلا؟

فأجاب عمرو سعد: أنا ممثل أقفز من شخصية لأخرى،  وقدمت الكثير من الأفلام  والشخصيات، وأطالب الجميع برصدى فى كافة الأعمال وستجدين أنها مختلفة  وهذه مسئولية تقع على عاتق الممثل.

وسئل عمرو سعد: كيف ترى النقد السيئ للفيلم؟ فأجاب:

أحترم النقد البناء والفيلم قبل عرضه تمت مشاهدته والوقوف على طبيعة العيوب والمميزات، والحمد الله الفيلم صنع علاقة مع الجمهور وخلق قاعدة جديدة فى الأعمال الفنية تشبه ماصنعه فان جوخ كفنان تشكيلى،فقد اتهمه البعض بالفشل والجنون خاصة أنه كان يرسم بشكل عشوائى ومع الوقت خلق لنفسه خطا جديدا لأنه خالف قواعد الرسم المتعارف عليها حتى أصبح فان جوخ العظيم وأصبح له الكثير من تلاميذه ممن يشبهون فان جوخ.

وحول خروج الفيلم من مهرجان «دبى السينمائي» دون الحصول على أى جائزة قال عمرو سعد: حقيقة أنا مش مبسوط من هذا الأمر، فكلهم عبروا عن إعجابهم بالفيلم ثم لم يقدموا له أى جائزة، والأفضل أن يتحدث المخرج عن ذلك، فأكمل مجدى أحمد على:

لجنة التحكيم أخذت موقفا من الفيلم ونصبت نفسها مسئول العناية الإلهية من خلال مساندة السينما الضعيفة والتى ترصد معاناة الأيزيدين بالعراق، فهى قضية تمس الرأى العام الغربي، ولكنهم شاهدوا دعما ضخما لـ«مولانا» من خلال الجماهير ووكالات الأنباء العالمية التى تحدثت عن الفيلم، ومن أبرزهم شبكة «bbc» وغيرها من الوكالات العالمية فتجاهلوه.

إعجاب أم جدل

-وبالنسبة للحالة التى خلقها الفيلم أهى إعجاب أم جدل؟ أجاب عمرو سعد:

المشاهد يدخل غرفه مغلقة ويعيش معه وحده دون أى مؤثرات من أحد، وبالتالى الإقبال الذى رأيناه يعد نجاحا للفيلم الذى نجح وتجاوز شباك التذاكر ووصل للكثير من الأجيال فنحن كنخبة عندنا مشكلة فى التعامل مع الجمهور ونحن فاشلون فى تغيير المجتمع و ننتقد أنفسنا ونهاجم بعضنا البعض ولا ننظر لسر نجاح الأمريكان واختراقهم لكل بيوت العالم بأفلامهم.

- هل كانت هناك مناطق فى الفيلم كنت تتمنى أن ترصدها؟

مجدى أحمد على:

نعم كانت هناك بعض المشاهد مثل القسيس الذى اعتنق الإسلام ورصد منطقة “العلوش” الخاصة بالتجارة وأيضاً بعض الأفكار التى اقترحها عمرو من خلال رصد بعض الكوابيس التى تأتى لـــحاتم فى المنام، ولكن لم يسعفنا الوقت.

وعموما أنا رفضت كتابة تاريخ على الفيلم لأنه يجسد واقعا مريرا وتركت الأمر مفتوحا كى يمثل كافة الحقبات الزمنية التى نعيشها.

يضيف المخرج مجدى أحمد على:وعندما أجرت الشركة العديد من المقابلات الشخصية لمعرفة  معلومات البعض عن من الشيعة مثلا؟ جاءت الردود فى غاية الصدمة فمنهم من لا يعرفهم أصلا ومنهم من قال إنهم كفرة، ومن المواقف التى صادفتنى عندما قابلت الفنانة “حنان ترك” بعد الحجاب وتحدثت معها وقالت لى أنا أبحث عن دينى وكان ردى عليها الدين بسيط ومعروف ولا يفيد أن تعرف فى الدين هل أكل العرعر حرام أم حلال، الدين ليس ذلك بل هو أبسط من ذلك، ومن يريد أن يعرف الحقيقة يبحث ويقرأ فى الدين فالدين ليس حكرا على أحد.

بحث وقراءة

- وحول مدى هضمه للشخصية أثناء العمل يقول عمرو سعد:

اشتغلت على نفسى كثيراً والمسألة هنا متعلقة بالبحث والأداء وليس الأداء فقط، فأصول العمل من الناحية الفقهية لايمكن العبث فيها ولا يمكن مخالفة الشريعة فالدولة الإسلامية التى يدعونها ضد الدين لها حدود وحضارة، فأنت هنا تربط بين المطلق والمتغير. الدين أوسع وأشمل وليس له حدود وعند البحث وجدت أن هناك أمورا تم إخفاؤها عن عمد فى الدين ولها علاقة بالمحبة والسلام وبالتالى ربنا جعلنا سببا  وبداية لأن يفكر أى  شخص ويبحث عن الحقيقة.

نحن والأزهر

وسئل مجدى أحمد على على اعتراض الأزهر على الفيلم فأجاب: 

هذا غير صحيح فقد تقابلت مع علماء من الأزهر فى لقاءات تلفزيونية، وكان موقفهم إيجابيا للغاية ومنهم الدكتور مصطفى راشد والدكتور محمد الشحات الجندى  وخالد الجندى والدكتور محمد رمضان والدكتور سعد الهلالى، وجميعم أشادوا بالفيلم، علما بأن الفيلم تتطرق لبعض القضايا فى الدين المسيحى دون خوف، ففى شخصية الممثل “أحمد مجدى” عندما أرد أن يتنصر قال له الشيخ: لو ذهب إلى القسيس وعرف من والدك وهو عالم دين سيتحدث عنه  وعن عظمة الدين الإسلامى ودور الأزهر.

هل فكرتم فى شباك التذاكر؟

عمرو سعد: كان الهدف تقديم عمل فنى محترم ومسألة التذاكر والشباك خاضعة  للجمهور وبالتالى أعتبر أن أكثر تصويت ديمقراطى هو فى السينما خاصة أن المشاهد يقطع تذكرة لمشاهدة الفيلم. وما يشاع من أرقام تذاكر فهى مغلوطة، وأؤكد  أن كل شىء موثق لدى الدولة من خلال تذاكر السينما وأن أعلى إيرادات معروفة للجميع ولكن الشغل الشاغل بالنسبة لنا هو تقديم فكر جديد ويجب على الدولة دعم صناعة السينما فى مصر.

الإعلام والقضية

وحول موقف الإعلام المصرى تجاه الفيلم والقضية التى يطرحها يجيب مجدى أحمد على:

أنا ممتن للإعلام المصرى وبالدور الذى يلعبه فهو من وقف بجانب الفيلم والمعارضة لا تتخطى 10%، وعندما تحدثت مع  شيخ النقاد الصحفيين “سمير فريد” ربنا يعافيه أكد أنه لم ير مثل هذا الدعم من قبل لفيلم مصرى فالاحتفاء به  جاء من كافة الصحف ومنهم من قدم ملفات صحفية ونقدية عنه وأشادوا بمستوى العمل وجودته.

-  وسئل مخرج مولانا :هل فكرت فى تقديم نموذج مدنى مثل “إسلام البحيرى “فى أفلامك  فأجاب:

“بعض المثقفين عاملين بلاوى” والمسألة صعبة ولكن هناك قضايا فى التاريخ الإسلامى أهم وأخطر ويجب أن نتطرق إليها وطرحها، فالمسيحية لم تتقدم إلا بعد الاعتراف بأخطائها وبالتالى أعتقد أن النار التى تجوب المنطقة العربية لن تهدأ إلا من خلال تصالح العلم مع الدين وألايكون هناك عائق للعلم بدعوى الخطاب الدينى .

وسئل عمرو سعد عن موقف  النقد من الفيلم فأجاب:

هناك أشخاص انتقدوا قصر الفيلم،مؤكدين أنه كان من الممكن أن يتم زيادة الوقت كى تحصل الشخصيات تحصل على فرصتها كاملة ولكن التوزيع رفض ذلك بحجة طول الفيلم .

 وأضاف عمرو: أتمنى أن يكون الفيلم بداية لموجة جديدة من الأفلام فى السينما المصرية خاصة وأن الجمهور أثبت وعيه وقدرته على التمييز بين الغث والثمين. فأنا  والدى كان موظفا بسيطا ولكنه كان يذهب بنا إلى السينما كل أسبوعين وهذا من باب رؤية حقيقة لواقع مختلف وجزء من نشاط اجتماعي، وبالتالى فالسينما من أكثر الأشياء التى تواجه الإرهاب،  وأعتقد أن الشاب الذى فجر نفسه فى الكنيسة لو كان شاهد هذا الفيلم لكان غير وجهة نظره وبالتالى يجب أن تصل السينما إلى ربوع مصر وخصوصا الصعيد حتى لا ينجرف الشباب خلف الفكر المتشدد .

وفى النهاية قدمت رئيسة التحرير أمل فوزى درع نصف الدنيا إلى نجم مولانا عمرو سعد الذى علق بأن ذلك أكبر مما كان ينتظر، وللمخرج مجدى أحمد على الذى شكر أمل فوزى وجميع العاملين فى نصف الدنيا.

الأكثر قراءة