التغيرات المناخية تزيد من انتشار الأمراض المعدية
التغيرات المناخية تزيد من انتشار الأمراض المعدية
15 مايو 2024

لم تعد التغيرات المناخية مجرد ظاهرة بيئية، لكنها أصبحت تمثل تهديدا مباشرا لصحة الإنسان، ويعد انتشار الأمراض المعدية أحد أبرز مخاطر هذه التغيرات، حيث تخلق ظروفا مواتية لتكاثر مسببات الأمراض وانتشارها بين البشر، وقد أشارت دراسة أمريكية أجريت حديثا إلى أن تغير المناخ خلال السنوات المقبلة سيتسبب في زيادة انتشار الأمراض المعدية والفيروسات الخطيرة بشكل كبير،

وكشفت مجموعة من العلماء الأمريكيين في دراسة جديدة نشرت في مجلة "Nature Climate Change" أن تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم بعض الأمراض وإعاقة قدرتنا على مكافحتها، وأفاد العلماء أن أكثر من نصف الأمراض المعدية المعروفة بتأثيرها على البشر أصبحت تتفاقم بسبب تغير المناخ، ووجدت الدراسة أن أمراضا مثل التهاب الكبد والكوليرا والملاريا ومئات غيرها أصبحت تنتشر بشكل أسرع وتتوسع في النطاق وتصبح أكثر حدة بسبب الأحداث المتعلقة بالمناخ، وأن تغير المناخ يزيد من صعوبة محاربة هذه الأمراض عن طريق تحسين الصحة، وتقوية المناعة، والحصول على الرعاية الطبية.

وقال إريك فرانكلين، أستاذ الأبحاث المساعد في جامعة هاواي الأمريكية وأحد القائمين على الدراسة: إنه يجب أن تكون الاستجابة الصحية العالمية سريعة لمواجهة تنوع هذه الأمراض حتى لا يصبح العالم في ورطة، وركزت الدراسة التي قام بها علماء في جامعة هاواي في مانوا، على عشرة أنواع من الظواهر الجوية المتطرفة التي تفاقمت بسبب الغازات الدفيئة، بما في ذلك الفيضانات وموجات الحرارة والجفاف وحرائق الغابات، وكشف الباحثون أن هذه الظواهر تؤثر على 375 مرضا معديا معروفا، كما أن تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم وزيادة انتشار 58٪ من الأمراض المعدية.

وعلى الرغم من أن الدراسة لم تحدد درجة تأثير تغير المناخ على الأمراض، إلا أنها استطلعت الحالات التي كان فيها على الأقل أحد العوامل الدافعة، تنقسم الطرق التي يمكن أن يؤثر بها تغير المناخ على انتشار الأمراض إلى عدة فئات واسعة، فمع ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتغير النظم البيئية، تغير مسببات الأمراض نطاقات تواجدها، وتقترب من التجمعات السكانية الجديدة، فالبعوض، على سبيل المثال، أصبح ينتشر في مناطق جديدة كان غير موجود بها، ويتسبب في انتشار الملاريا، وحمى الضنك، وفيروس غرب النيل، وحمى الشيكونجونيا، البشر أنفسهم يقتربون أيضا من مسببات الأمراض التي تشكل خطرا كبيرا على حالتهم الصحية، فالنزوح الناجم عن العواصف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر يؤدي إلى تعريض الناس للفيروسات والبكتيريا ومسببات الأمراض الأخرى بما في ذلك جراثيم القولون الإشريكية والكوليرا والسالمونيلا التي يمكن أن تجعلهم يشعرون بالمرض.

قال العلماء إن الطريقة الأخرى التي يؤثر بها تغير المناخ على المرض تتمثل في جعل العوامل الممرضة أقوى، على سبيل المثال، يؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيط إلى تسريع نمو تكاثر الطحالب الضارة التي تم ربطها بالإسهال والقيء ومشكلات الجهاز التنفسي وتلف الكبد، وأخيرا يمكن أن يضعف تغير المناخ قدرات البشر على التكيف ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، على سبيل المثال، ينخفض تركيز المغذيات في المحاصيل مع ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى سوء التغذية، كما أن الإجهاد المرتبط بالطقس القاسي يزيد أيضا من إفراز الجسم لهرمون الكورتيزول، مما يقلل من استجابتنا المناعية الطبيعية، كما أن اتجاهات انتشار فيروس "COVID-19" قد تأثرت بالفعل بالطقس القاسي أيضا، الذي عمل على زيادة شراسة الفيروس، وفي بعض الحالات، أدى ذلك إلى إبقاء الأشخاص معزولين في المنازل أو المستشفيات مما أثر على مناعتهم وقدرتهم على مقاومة المرض، وفي حين أن معظم الأمراض الواردة في الدراسة سببها البكتيريا والفيروسات، استخدم الباحثون تعريفا موسعا لمسببات الأمراض ليشمل الأمراض غير المعدية التي تسببها عوامل مثل المواد المسببة للحساسية، والتي تتفاقم أيضا بسبب المخاطر المناخية

الأكثر قراءة