كيف نعالج مشكلة الانفجار السكاني؟
كيف نعالج مشكلة الانفجار السكاني؟
مشاهدات: 189
11 ديسمبر 2018

مشكلة الانفجار السكاني هي من أخطر المشاكل التي تواجه مصر، وقد سبق وحذر منها الكثير من السياسين وعلماء لاقتصاد والاجتماع خلال السنوات الماضية وأذكر أن الدكتور بطرس غالي رحمه الله قد قال في آخر حوار لى معه قبل وفاته إن أهم ما يهدد أمن مصر القومي هو   الانفجار السكاني. فنحن نعيش على 6 % فقط من أرض مصر ولدينا ظروف سيئة سواء على مستوى الاقتصاد أو التعليم والصحة ناهيك عن البطالة، وزيادة عدد المواليد في ظل هذه الظروف تعني استمرار توارث الأجيال الجديدة  لتلك الظروف الصعبة جيلا بعد جيل. فزيادة عدد السكان حاليا وصلت إلى 2 مليون سنويا أي ضعف الرقم الذي كنا نزداده قبل ثورة يناير ومتوسط عدد الأطفال لدى الأسر قد وصل إلى 3.6 للأسرة بعد أن كان أقل من طفلين لكل أسرة أي أننا عدنا إلى نفس معدلات الزيادة  السكانية التي كنا عليها قبل حملات التوعية التي بدأت في نهاية  ثمانينيات القرن الماضي، الفارق الوحيد والخطير أن عدد السكان كان أقل بكثير من التعداد الحالي. ولو استمررنا في الزيادة بتلك المعدلات فإن هذا يعني أننا سنصل إلى 119 مليون نسمة في عام 2030 و151 مليون نسمة في عام 2050 . وخطورة تلك الزيادة أن كل هذه المواليد تحتاج إلى عشرات الألوف من المدارس والمستشفيات وفرص العمل وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل معدلات النمو الحالية، فحتى يشعر المواطن بأي تحسن في ظروفه المعيشية لابد أن يزيد معدل النمو عن 3 أضعاف معدل زيادة المواليد أي يصل معدل النمو إلى حوالي 8 % وهو رقم صعب في ظل الموارد الحالية. وقد يقول البعض إن العنصر البشري هو عنصر من أهم عناصر قوى الدولة الشاملة وأن دولا كأوروبا تعاني حاليا من انخفاض عدد المواليد وهو أمر حقيقي بشرط أن يكون هؤلاء المواطنون متعلمين وأصحاء فيستطيعون العمل والإنتاج وهذا ما فعلته الصين على سبيل المثال حيث حددت عدد المواليد لكل أسرة بطفل واحد لحين تحسن الأوضاع الاقتصادية ورفع مستوى المواطنين في التعليم والصحة ثم قامت حاليا وبعد تحسن تلك الأمور بالسماح لمن يريد إنجاب طفل آخر القيام بذلك. وإذا كان يصعب تطبيق النموذج الصيني في مصر لعدة اعتبارات فإن هناك أساليب عدة يمكن بها معالجة الأمر، أولها وجود حملة جماعية ممتدة ومستمرة على كافة وسائل الإعلام المرئي والمسموع والدارما ووسائل السوشيال ميديا لتذكيز المواطنين بخطورة زيادة عدد المواليد، لا سيما وأن هذه الحملات قد أتت ثمارها حينما تم القيام بها من قبل عدة سنوات. الأمر الثاني هو قيام  لجان المجلس القومي للمرأة بالمحافظات والوحدات الصحية المحلية في الأرياف بالعودة إلى الحديث المباشر مع الزوجات في الريف مع توفير وسائل منع حمل مجانية مثلما كان الأمر من قبل، فالأرقام تؤكد أن عدد السيدات اللاتي كن يستخدمن وسائل منع الحمل قبل 2011 أكثر من 60 % من المتزوجات وهذا الرقم انخفض الآن إلى 40 % فقط وهو مؤشر خطير ولكن يعود في جزء منه إلى عدم توافر وسائل منع الحمل  في الوحدات الصحية كما كان الأمر من قبل. الأمر الأخير هو ضرورة وجود حزمة من القرارات التشجيعية سلبا أو إيجابا لمن يقوم بإنجاب أكثر من طفلين . ولكن ينبغي أن نضع في الاعتبار عدم تحميل المواطنين كل تبعات زيادة عدد السكان فهناك مسئولية تقع على الدولة من بعد الثورة لإهمالها تلك القضية على مدار السنوات الماضية وإن كانت الأسباب بالطبع معروفة من تقلبات سياسية وإرهاب لا تزال الدولة تحاربه حتى الآن. لذا علينا أن نتعامل مع قرارات الحافز السلبي بحرص، فمثلا قيام السيد رئيس الوزراء بإصدار قرار بقصر برنامج تكافل وكرامة من يناير المقبل على من لديه طفلان فقط قد شابه بعض الغموض، هل سيسري هذا بأثر رجعي على من يحصل على المعاش وماذا عن مصير من كان يريد أن يتقدم للمعاش ولديه أكثر من طفلين وظروفه الاجتماعية تجعله من المحتاجين للمساعدة فعلا هل سيحرم منها؟ . إن الزيادة السكانية الحالية مسئولية ينبغي أن تتحمل الدولة تبعاتها حتى اللحظة التي تبدأ في مكافحتها. حتى لا يتحول هؤلاء الأطفال إلى قنابل موقوتة تهدد أمن الوطن. وإنما ينبغي عمل إجراءات حازمة واستخدام الحافز السلبي قبل الإيجابي مستقبلا، فعلى سبيل المثال يمكن أن نصدر قرارا بأن كل من سينجب طفلا ثالثا اعتبارا من بداية عام 2020 أو  حتى من شهر أكتوبر 2019  سيتم حرمانه من البطاقة التموينية أو حرمانه من العلاوة أو من التعليم المجاني الجامعي وقد يتساءل البعض لماذا حددت شهر أكتوبر على وجه الخصوص السبب ببساطة أنه لا ينبغي أن تسري العقوبة على المواطنين بأثر رجعي فإذا أصدرت الدولة قرارا لا ينبغي أن تتأثر به الأسر التي تتنظر زوجاتها حاليا أطفالا بالفعل خلال التسعة أشهر المقبلة ومنذ بدء إصدار القرار، أما من يقدم على الإنجاب بعد هذه المهلة فعليه أن يتحمل تبعات ذلك وهناك قرارات عديدة مشابهة لمثل هذه القرارات التحفيزية سلبا أو إيجابا يمكن أن تتخذذ بنفس هذا الأسلوب مع مراعاة عدم الإضرار بمن قاموا بذلك قبل تلك الإجراءات. قرارت مجابهة الزيادة السكانية ضرورية للغاية ولكن ينبغي دراستها حتى تؤتي ثمارها ولا تؤدي لنتائج عكسية .

نور الكلمات:

"أسهل طريقة لقراءة مستقبل الشعوب هى تصفح أطفالهم". عبد الله المغلوث