العقربة التى تسللت إلى بيتى!
العقربة التى تسللت إلى بيتى!
مشاهدات: 288
29 مايو 2015

في ساعة صفاء حكت لي زميلة عزيزة كانت لها جولات وصولات في عالم القلم والصحافة حكايتها مع «خرابات البيوت العمرانة» وما أكثرهن في حياتنا بقولها: ليس هناك أخطر على الحياة الزوجية من تسلل نوع من النسوة إلى الدور الآمنة.. التي تعيش في جو من الحب والحنان وأصالة العِشرة ــ بكسر العين ـ وطيب المحتد وعظيم التربية وروح الدين الطيب ونفحات التربية وجميل الخلق وسمو التعليم.. قالت: لا توجد صداقة ما بين امرأة وامرأة.. أبدا.. متى تعارضت المصالح وخبث النوايا فلا مفر من وقوع المحظور.. وهو خراب البيت وغلق بابه بالضبة والمفتاح

قلت لهاك يعنى في البداية حب وصداقة ودلع وقبلات وزيارات وفسح ومجاملات.

تقاطعنى: أيوه.. ولكن متى تعارضت المصالح وخبث النوايا.. راح كل هذا في الكازوزا.. كما كان يقول والدي رحمه الله!

قلت لها مداعبا: احكى يا شهر زاد..

شهرزاد تحكي.. أقصد زميلتى العزيزة تحكى:

- كانت صديقتى في كل مراحل التعليم من ابتدائى حتي الجامعة.. كنا لا نفترق أبدا.. وكان كل من حولنا يعتقدون أننا أختان ولسنا صديقتين.. للتشابه الغريب بيننا.. في الجمال والطول والحضور والتفوق العلمي والخلقي.. وإن كانت صديقتي هذه تتفوق في العيون السمراء الواسعة والابتسامة التي لا تقاوم.. أما أنا فقد ورثت جمال جدتى التركية الأصل البياض الشديد والشعر الأصفر والعيون الزرقاء.. وبينما كان الخطاب يتدافعون من حول صديقتى هذه.. كان كل همى أنا أن أنجح في عملي الصحفي والأدبى الذى ابتلع كل وقتى وشغلني عن سكة الحب والزواج...

 

مازالت صديقتي العزيزة تحكى حكايتها.. هي تقول: وبالطبع تزاحم العرسان على قرص العسل الذي هو صديقتي العزيزة.. وتزوجت مرة ولم ينجح زواجها في المرة الأولى.. وعاودت الزواج للمرة الثانية.. ثم الثالثة.. ولكن حظها في المرات الثلاث كان كئيبا محزنا.. بعد أن انتهى بالانفصال.. لتبقى صديقتى الجميلة وحيدة كما كانت أول مرة.. وبلا أولاد..

بينما أنا قد وفقني الله إلى زوج ابن أصول أحبني وأحببته وتزوجنا وأصبح لنا أسرة من خمسة أفراد.. زوجى وأنا وثلاثة من الأولاد مثل حبات اللؤلؤ المنثور!

قلت لها: لحد دلوقتى كل شيء تمام وميت فل وأربعتاشر كما يقول أولاد البلد..

قالت: لا موش تمام..

أسألها: إزاى؟

قالت: حدثت الغلطة الكبرى التي ترتكبها كل زوجة بينة سليمة وقلب صاف!

أسألها: إيه يعنى الغلطة الكبري دى يا ست الستات؟

قالت: أن تسمح للعقربة أن تتسلل إلى دارك!

قلت: طبعا العقربة هنا هى صديقتك الحسناء!

 

صديقتى العزيزة ذات الجمال العثمانلي كأنها برنسيسة من الأسرة العلوية المالكة في الزمان الجميل.. تحكى وتفضفض وهى تصب لي فنجانا من القهوة التركى.. صنعته بيديها علي «سبرتاية» من بن هى وحدها تعرف أسراره: شوف يا سيدي ببساطة شديدة.. ليس بين الصديقات حواجز من أى نوع.. لطالما شاركتها همومها مع أزواجها الذين انفصلت عنهم.. وكنت متعاطفة مع قضيتها سواء كانت هى على حق أم على باطل.. وهى نفسها جاءت إليّ وباركت زواجى.. وقدمت لى الهدايا مع كل مولود لى.. يعنى لا خوف ولا ضرر  ولا ضرار.. ودخلت بيتي أكثر من مرة بمناسبة وبدون.. بل إنها جاءتنى مرة بعد منتصف الليل تستنجد بي وبزوجى من غضب وبطش زوجها الأخير الذي كان يضربها ويطردها من المنزل في أنصاص الليالي..

قلت لها اختصارا للوقت وللكلام: يعنى رجلها خدت على البيت فى حضورك طبعا!

تقاطعنى: وفى غيابي وحياتك كمان!

أسألها: إزاى بقى في غيابك!

قالت: كتير قوى أرجع البيت ألاقيها قاعدة مستنيانى هناك.. بعد أن فتحت لها «أم الهنا» وهي سيدة كبيرة في السن كانت عندنا من زمان.. تدير دفة أمور البيت والأولاد في غيابي المتكرر..

أسألها: وماذا تفعلين أنت؟

قالت: طبعا دى صاحبتى الروح بالروح.. زى أختى ويمكن أكتر كمان.. لما ألاقيها في البيت.. أقعد أواسيها وأطيب خاطرها.. وساعات كتير كانت تبات عندى ليلة.. ليلتين.. وكان زوجى يرحب بها كثيرا.. وإذا غابت عنا كان يسألني: يعنى صاحبتك أبو سمرة السكرة دي كما كان يسميها ـ بقالها زمان موش باينة!

أقول له ضاحكة: يعنى وحشتك قوى يا أبوعين زايغة؟

يضحك هو ويقول لي: والله موش قصدى.. انتي فهمتينى غلط!

تنظر إلىّ بعيون ثابتة النظرات وتقول: لكن الظاهر إن أنا ساعتها أنا فهمته صح!

أسألها: إزاى؟

قالت: اشرب فنجانك الأول.. وأنا أقولك!

 

صديقتي الحسناء تحكى: وفي يوم كانت المفاجأة الكبرى.. عندما فاجأتني أم الهنا بقولها: أنا عاوزة أقولك حاجة كنت مخبياها عنك.

سألتها: إيه يا أم الهنا؟

قالت: أنا في يوم رحت اشترى لوازم البيت.. لقيت عربية الباشا ــ اللى هو جوزى ــ واقفة قدام عمارة بعدنا بشارعين.. سألت البواب بلؤم: عربية مين دى؟ قاللى: دى عربية الباشا وقالي اسم جوز حضرتك! وهو طالع شقته في الدور الخامس!

ومازلنا مع حكايات خرابات البيوت العامرة!

كلمات عاشت:

«البيت الذي تدخله المرأة لا يدخله الشيطان»

فيكتور هوجو