الإبداع طول عمره صناعة مصرية!
الإبداع طول عمره صناعة مصرية!
مشاهدات: 294
12 أغسطس 2018

مرة أخرى اسمحوا لى أن أعود بكم إلى أجمل الأزمان في حياة مصر والمصريين.. وليس معنى هذا أن الزمان الذى نعيشه الآن ليس جميلا وليس فيه أيام جميلة وأوقات سعيدة نعيشها كلنا نحن المصريين..

ولكنه زمان التألق والتأنق والسمو والعلو والطيران فوق سحابات الأحلام والألوان والحب والعظمة والرقى والتحضر العظيم الذي كانت تعيشه مصر وأهلها وناسها ورجالها ونساؤها حبا وعظمة وعطاء وتألقا وتأنقا وسباحة فوق السحاب.. سحاب الفن الرفيع والإبداع بلا حدود في سماء الفن والأدب والعلم والتعليم الرفيع الذى يسمو بالإنسان ويرفعه إلى أعلى درجات الرُقى فى كل شيء.. في العلم والتعليم وفي الفن بكل فروعه التى تسمو بالإنسان في السينما والمسرح والتمثيل والإذاعة والتليفزيون وفي الأدب وفي الرسم وفى النحت.. وكان لدينا طوابير لا حصر لها في كل فرع منها بلغ أصحابها مراتب عالية في سماء مصر وفي سماء الدنيا كلها.. وكان الفنان المصرى في كل مجال ملء السمع والبصر أينما ذهب وأينما حل.. ولن أحدثكم وأنتم أكثر علمًا ودراية منى كيف كان الفنان المصرى هو صانع الحضارات وصانع الحب وصانع الأدب والعلم والفن الرفيع.. وكم قدمت مصر من علماء غزوا العالم كله في علم الذرة والطب والاختراع والفلسفة والسياسة والقانون بكل فروعه التي نعرفها والتي لا نعرفها.

يعنى باختصار شديد.. كان الإنسان المصرى بفنه وعلمه وأدبه هو السباق وهو الأول وهو الظاهر وهو الذى يشار إليه بالبنان..

* * *

بعد هذه المقدمة التى لا بد منها ولا مفر ولا مهرب.. تعالوا نعيش أيام الدراسة في مدارس زمان التى أنجبت هذا الجيل الرائع من رواد الأدب مثل طه حسين وعباس العقاد ومحمد حسين هيكل صاحب رواية زينب ومحمود تيمور الذي تأثرت أنا شخصيا بكتاباته العظيمة ورواياته الأدبية الرائعة.. وتوفيق الحكيم صاحب عودة الروح وعباس العقاد صاحب العبقريات التى لا تنسى ويوسف السباعي صاحب رواية رد قلبى درة الأدب العربى.. وطبعا لا ننسى أن نضع طه حسين في المقدمة برواياته العظيمة وفي مقدمتها دعاء الكروان..

* * *

ولا ننسى السينما والمسرح، في السينما أذهلتنا دعاء الكروان وأوجعتنا ثلاثيات نجيب محفوظ بإخراج عمنا حسن الإمام وتمثيل يحيى شاهين ونادية لطفي وعبدالمنعم إبراهيم وفى السينما لا ننسى إبداع وعظمة ورقى وإبداع وبدع كوكب الشرق أم كلثوم صاحبة أعظم صوت في سمع الزمن.. ومعها علي نفس الدرب محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وصديقنا العزيز عبدالحليم حافظ الذى قلب الترابيزة على كل فناني عصره.. وقال لهم: أنا أهوه!

وإذا نسينا فلن ننسى أبدًا فنان الشعب سيد درويش الذى صنع انقلابا حقيقيا في عالم الطرب والموسيقي والتلحين ولولا مؤامرة صهيونية كما كشفوا مؤخرا دسوا فيها السم له لكان له شأن آخر!

* * *

ولن ننسى طابورا طويلا من أهل الفن والمسرح والسينما والطرب في مقدمتهم عمنا وتاج راسنا محمد عبدالوهاب الذى صنع انقلابا حقيقيا في عالم الموسيقى والغناء والطرب ومعه فريد الأطرش وصديقنا العزيز عبدالحليم حافظ.. الذى ألقى طوبة كبيرة في بحيرة الغناء والطرب فصنعت أمواجا صعدت بفن الموسيقى والغناء والطرب إلى عنان السماء.

وإذا نسينا فلن ننسى هنا عمنا وتاج راسنا فريد الأطرش وشقيقته أسمهان التى لم يمهلها القدر لتصعد إلى السماء في لعبة جاسوسية لم تكشف الأيام بعد عن تفاصيلها الحقيقية.. وإن كنت على يقين من أنها كانت ضحية لمؤامرة حقيقية ما أنزل الله بها من سلطان.

* * *

أيها السادة.. إن مصر ولود ودود.. لا تتوقف عن الإبداع أبدًا.. وإذا كنا فقدنا بالرحيل عن الدنيا فنانين وفنانات عِظاما إلا أن الأم المصرية لم تتوقف يومًا عن الإنجاب والعطاء بوصفها ـ كما قالوا عنها ولودا ودودا.. ونحن فى الانتظار.

* * *

كلمات عاشت:

«الإبداع طول عمره.. ومنذ الأزل.. صناعة مصرية». عباس محمود العقاد