نحن وأطفال الكهف
 نحن وأطفال الكهف
مشاهدات: 357
24 يوليو 2018

فجأة تحولنا جميعا إلى مجموعة من الندابين، أى شيء يحدث فى أى مكان بالعالم نقارنه بواقعة قد يكون مر عليها شهور أو حتى سنوات فى مصر، البكاء على اللبن المسكوب ومصمصة الشفايف والسخرية من حالنا أصبحت عادات مصرية نفعلها بمناسبة وبدون مناسبة فأطفال تايلاند الذين تم إنقاذهم من الكهف الذى وقعوا فيه بعد 17 يوما نقارنهم بما حدث للشباب الذِين ماتوا من البرد فى جبال سانت كاترين قبل حوالى العام. كرواتيا تصل إلى نهائى كأس العالم نقارنهم بمنتخبنا ونَسُب اللاعبين واتحاد الكرة والبلد كله. تأتى مجموعة من حكومة دبى ليشرحوا لنا كيف استطاعوا من خلال تحسين الأداء الحكومى ومجموعة من الإجراءات الأخرى أن يرفعوا ترتيب بلادهم فى مؤشر سعادة الشعوب إلى المرتبة الـ20 عالميا فنقول إنها دولة غنية حالها ليس كحالنا رغم أن مؤشر السعادة لا يرتبط بالدخل أو ثراء الدولة وإلا كانت دول عربية أخرى قد سبقت الإمارات. أصبحنا جميعا كقاسم السماوى تلك الشخصية التى ابتكرها وأبدعها الراحلان أحمد رجب ومصطفى حسين فهو مثال لأى شخص يقارن نفسه بالآخرين ويحقد عليهم طوال الوقت ولكنه لا يحاول أبدا أن يغير نفسه للأفضل. كان الأولى بنا محاولة فهم كيف استطاع هؤلاء تحقيق ذلك لمعرفة أوجه القصور لدينا، فمثلا فى حادثة أطفال الكهف علينا أن نفهم كيف تم عبور الأزمة؟ تم ذلك عن طريق عدة خطوات أولها كان الأهل الذين كانوا على مستوى المسئولية وقاموا بضبط النفس وعملوا مع الإعلام لإطلاق حملة عالمية استطاعت أن تجذب أنظار المجتمع الدولى إلى مشكلة الأطفال، الدولة بمجرد معرفتها بالمشكلة بدأت فى التحرك وعملت على حشد جهودها ولم تدع أن كل شىء على ما يرام بل رحبت بالمساعدات الدولية وكان من أهمها وصول 50 غواصا متخصصا فى الغوص فى الكهوف وذلك من كل دول العالم بجانب توفير الدولة لـ40 غواصا من تايلاند، كما كانت الحكومة تحرص على الشفافية فى إبلاغ الأهالى والرأى العام بما يحدث لحظة بلحظة وأعلنت عن خططها فى ضوء ما لديها من إمكانيات بمنتهى الصراحة ودون تزيين فاستعرضت جميع الحلول المتاحة كمحاولة إدخال أوكسجين وطعام للأطفال يكفيانهم أربعة أشهر لحين انتهاء موسم المطر أو تعليم الأولاد الغطس والغوص حتى يمكن أن يخرجوا فى وقت أقصر وكانت فى نفس الوقت تحاول أن تسحب المياه من داخل الكهف ولكن الأمطار التى كانت تهطل بغزارة كانت تعيق هذا الأمر، ورغم أن المهمة كانت تبدو مستحيلة فإن الحكومة لم تتوقف لحظة عن العمل لحلها ولم يتوقف إيمان الأسر بإمكانية خروج أطفالهم سالمين فكانوا عبر الإعلام وجميع وسائل التواصل الاجتماعى يعلنون عن أملهم فى أن يتم ذلك. هذا المناخ من الجدية هو ما دفع الملياردير الأمريكى إيلون ماسك لأن يلتفت للقضية ويضع خطة لإنقاذهم بل ويتكفل بمصاريفها والتى كان يصعب على الدولة عملها حيث إنها كانت مكلفة جدا فعملية الإنقاذ تمت من خلال كبسولات غطس صممت بحجم كل طفل، وبخلاف أنها باهظة الثمن جدا فإنها لم تكن متوافرة ولكن إيلون ماسك أعلن عن تقديمه كل المبالغ المطلوبة لذلك فى أسرع وقت وبالفعل خلال أربعة أيام تم تصنيعها ليخرج جميع الأطفال ومدربهم سالمين فى قصة إنسانية كانت حديث العالم بأسره. وإذا أردنا أن نتعلم الدروس المستفادة من تلك القصة فسنقول إنها تتلخص فى شفافية الدولة والعمل بجدية حتى ولو كانت فرص النجاة ضعيفة لكنهم عملوا دون فقدان للأمل يضاف على ذلك أن الإعلام هناك كان على مستوى المسئولية وكذلك العائلات وهو ما جعل المجتمع الدولى يتعاطف معهم وتحل المشكلة عن طريق ذلك. علينا أن نتعلم كيف نغير أنفسنا وكيف نتعلم من الآخرين لا أن نكتفى بالنظر إليهم ونندب حظنا العاثر طوال الوقت.

نور الكلمات:

"بعض الناس يرون الأشياء كما هى ويتساءلون لماذا، وآخرون يحلمون بأشياء لم تكن أبدا ويتساءلون لم لا". جورج برنارد شو

"سيكون يومك مشابها للتعبير المرتسم على وجهك سواء كان ذلك ابتساما أو عبوسا". ستيفن كوفي

الأكثر قراءة