عندما غابت الشمس بعد الحادية عشرة مساء!
عندما غابت الشمس بعد الحادية عشرة مساء!
مشاهدات: 441
12 يونيو 2018

قلت للرفاق الملتفين حولى والذين يدخلون بلاط صاحبة الجلالة لأول مرة ونحن مازلنا نعيش أيام شهر الصيام عندما سألونى عن أغرب رمضان عشته فى حياتى: لعل أغرب رمضان عشته فى حياتى كلها.. عندما كنت فى رحلة صحفية إلى البلاد الإسكندنافية التى تجمع السويد والنرويج في جزيرة واحدة.

واستعددنا للصيام.. ونحن لا نعرف لنا صبحا من ليل.. ولا حتى موعد السحور.. ولا متى نفطر؟

وسألنا وكانت الإجابة التى لم نتوقعها هى: عندما تغرب الشمس نفطر.

ولكن الذى حدث أن الشمس في أول يوم لنا فى النرويج.. لم تغرب في موعدها المعتاد.. وهو ما بعد السابعة مساء.

وانتظرنا ساعة.. ولم تغرب الشمس ومضت الساعة تلو الأخرى ولم تغرب الشمس.

ويسألون فى لهفة: يعنى إيه الشمس ظلت صاحية في كبد السماء حتى ما بعد موعد الغروب بساعات؟

قلت: كان المفروض يعنى أن يغيب قرص الشمس معلنا موعد المغرب الذى يعقبه أذان المغرب.. ولأنه لا توجد مساجد أو جوامع فى أوسلو عاصمة النرويج.. أو ربما يوجد واحد ولا اثنين قصيرى القامة لا نعرف مكانهما يصلى فيهما المسلمون المقيمون هناك.

ولكن الشمس لم تغب.. واتصلنا تليفونيا بالقاهرة.. وقالوا لنا: إن أذان المغرب قد انطلق في موعده في الساعة السابعة والنصف مساء..

■ طيب إيه العمل؟

- نحن نسأل.. هل سنظل صائمين كما نحن الآن.. مادامت الشمس لم تغرب بعد؟

وانتظرنا حتى الثامنة مساء.. ثم التاسعة مساء.. ولم تغرب شمس مدينة أوسلو عاصمة النرويج!

* * *

تسأل صحفية أروبة: لماذا لم تتصلوا بالسفارة المصرية في أوسلو؟

قلت: لقد فكرنا في هذا الأمر أو على الأقل نتصل بأحد المصريين المسلمين المقيمين فى أوسلو.. ولكن لم يعمل أحد من الرفاق في رحلتنا الميمونة فيما يبدو حسابا لهذا الأمر.

أخذنا تاكسيا وطلبنا منه أن يذهب بنا إلى السفارة المصرية فى أوسلو.. وبالفعل بعد عشر دقائق كنا أمام بوابة السفارة المصرية في أوسلو بعد الثامنة مساء.. لنكتشف أن اليوم الأحد إجازة في أوسلو كلها.. ولا أحد فى السفارة إلا الخفيرة ــ أكرر الخفيرة وهى شرطية نرويجية لا تعرف عن الإسلام شيئا.. وربما لم تسمع عن حاجة اسمها الصيام أو شهر رمضان!

يسأل صحفى شاب: كم الساعة الآن وكم قضى على أذان المغرب في مصر؟

قلت: حوالى ساعتين تقريبا.

قال: يعنى كانت الساعة تقترب من العاشرة مساء؟

قلت أيوه.

قال: وأذان المغرب فى القاهرة قد مضي عليه نحو ثلاث ساعات.

قلت: نعم، ولكن الشمس ما زالت ساطعة فى كبد السماء في أوسلو عاصمة النرويج!

* * *

واقترح زميل لنا أن نتصل بالقاهرة لنسأل.. ولكن بمن نتصل؟

قلنا: بدار الإفتاء..

وبالفعل اتصلنا بدار الإفتاء ولكن لم يرد علينا أحد، وفى آخر الأمر جاءنى يخبرنى أن المشايخ ذهبوا للإفطار ولم يعودوا بعد.

وقال واحد منا: يا جماعة نحن على سفر ومن حقنا الإفطار!

وقال آخر: علينا تعويض هذا اليوم أو أى أيام نفطرها هنا.. في أيام أُخر.. ولا ضرر هنا ولا ضرار.. مادمنا على سفر!

يسأل الرفاق من الشباب الصحفى الصغير: ولكن متى غربت الشمس فى هذا اليوم العجيب؟

قلت: فى حدود الحادية عشرة ليلا بتوقيت القاهرة!

* * *

كلمات عاشت:

«الدين يُسر.. لا عُسر»

الأكثر قراءة