«نام واتعلم» !!
«نام واتعلم» !!
مشاهدات: 241
12 أكتوبر 2017

أساليب التعليم معروفة ..فمن الطبيعي إذا ما أراد أحدنا أن يتعلم شيئا ما أن يتوجه للمدرسة أو الجامعة أو لمعهد متخصص أو يقرأ كتبا بعينها أو يلجأ للشبكة العنكبوتية للحصول على المعلومة المطلوبة ..الجديد والمثير الذي كشفه العلم مؤخرا هو أن عملية التعلم يمكن أن تحدث أسرع أثناء النوم !!

وللنوم حكاية مع كل واحد منا، بدءا من بيت عمر الخيام الشهير «فما أطال النوم عمرا ولا قصر في الأعمار طول السهر» مرورا بكل الخرافات التي ارتبطت بالنوم والأرق وصولا لرواية  ألدوس هكسلي عالم جديد شجاع وحكاية الصبي الذي 

يغفو بجانب جهاز الراديو وعندما يستيقظ يكتشف أنه  قادر على ترديد كل ما سمعه أثناء نومه رغم أنه لا يتحدث أو يفهم اللغة الإنجليزية !!

مقولات لا تعد ولا تحصي نتداولها، البعض منها يربط  قلة النوم بالعبقرية وطول ساعات النوم بالبلادة والكسل والبعض منها يروج لفكرة أن القدرة على التحصيل والاستيعاب تكون أقل عقب الاستيقاظ في الصباح والبعض يؤكد أن جرس منبه الصباح الحل المثالي لتنظيم إيقاع النوم و ..و.. كثير مما  سنتوقف أمامه لنثبته أو نكشف زيفها طبقا لما أثبته العلم في وقف لاحق، فما يعنينا في هذه السطور هو الصناعة الجديدة التي تدعي أنه يمكن لأي شخص أن يتعلم الموسيقى، ويصقل مهارات اللغة الأجنبية، أو يتأهب لاختبار اليوم التالي أثناء النوم.!! 

والحقيقة أن فكرة إمكانية تعلم الحقائق والأرقام أثناء الاستماع إلى تسجيل أثناء  النوم ليست جديدة، ففي عام 1950 سجل الباحثان سيمون وإمونس 

شريطا يحتوي علي 96 معلومة عن التاريخ والعلوم والرياضة، وغيرها من المواضيع، ليستمع إليها مجموعة من الأشخاص أثناء نومهم .وعندما طرحوا عليهم عقب استيقاظهم أسئلة حول المعلومات التي استمعوا إليها لم يثبت أي دليل أنهم استبقوا أيا من المعلومات التي سمعوها أثناء نومهم .وخلص الباحثان إلى أن التعلم عند النوم كان «غير عملي، وربما مستحيل».

علي النقيض من ذلك وفي عام 2010 تحديدا، نشرت سوزان ديكلمان وزملاؤها في ألمانيا دراسة حول العلاقة بين التذكر ومراحل النوم المختلفة وقبل النوم حيث تعرضت عينة الدراسة لرائحة خفية في الغرفة أثناء اليقظة و مرة أخرى في مرحلة النوم بطيء الموجة . وأظهرت نتائج الدراسة أن المجموعة التي تعرضت للرائحة أثناء النوم بلغت نسبة تذكرها 84٪ بما يثبت أن الاستجابة للمعلومات الجديدة أثناء النوم تصبح أقوي عندما تقترن بمحفز يستثير استجابة فطرية . أي أن تعرض العينة للرائحة الخفية والمعلومات أثناء مرحلة النوم بطيء الموجات، ساعد المجموعة محل الاختبار علي التذكر ، بمعني أن عملية تخفيز الذاكرة يمكن أن تسببها الروائح أيضا... 

و في عام 2012  أجرى عدد من الباحثين في الولايات المتحدة دراسة أثبتت أن العينة التي استمعت للحن لعبة أمريكية خلال مرحلة الموجة البطيئة للنوم في القيلولة  كانوا أكثر قدرة علي أداء اللحن بشكل صحيح، وخلص الباحثون إلى أن التعلم يمكن أن يحدث بصورة عفوية أثناء النوم.

وأشارت دراسة أجراها باحثان سويسريان في العام الماضي أن النوم يعزز قدرتنا على تعلم الكلمات الأجنبية.  فقد قسم الباحثان عينة الدراسة لمجموعتين لقياس قدرتهما على تذكر قوائم من الكلمات الهولندية ومقابلها باللغة الألمانية . وفيما استمرت العينة الأولي في تكرار الاستماع لنفس التسجيل الصوتي من العاشرة مساء حتى الثانية صباحا ، سمح الباحثان للعينة الثانية بالنوم خلال تلك الفترة. وعند تقييم المجموعتين ظهر أن المجموعة الثانية التي استمعت للتسجيل أثناء النوم تذكروا عددا أكبر من الكلمات..  

كذلك فقد كشفت دراسة أجراها مجموعة من علماء الأعصاب في جامعة نورث وسترن في شيكاغو أن بعض ما نتعلمه في يقظتنا يمكن أن نتعلمه أثناء النوم بدرجة أسرع!!.. في الدراسة الجديدة، التي نشرت في مجلة علم الأعصاب في يونيو الماضي،تم إعطاء عينة الدراسة ملاحظات لتعليمهم كيفية عزف مقطوعتين من ألحان البيانو البسيطة وقضي المشاركون في المجموعة وقتا متساويا في التدريب علي اللحنين. بعدها أخذت المجموعة فترة قيلولة لمدة لمدة 90 دقيقة، خلالها تم تعريضهم لتسجيل أحد اللحنين بهدوء لمدة أربع دقائق. عند الاستيقاظ استطاع المشاركون في الدراسة أن يلعبوا بدقة اللحن الذي تسلل إليهم أثناء فترة نومهم أفضل من اللحن الثاني الذي لم يلعب أثناء نومهم بنسبة 4%. لقد علق عالم النفس بول ريبر المشارك في الدراسة علي هذه النتيجة بقوله إن أربع دقائق فقط من «تعلم النوم»، تؤثر على عملية توطيد الذاكرة التي تحدث بشكل طبيعي أثناء اليقظة وتحتاج  لشهور وربما سنوات ..كيف ؟! هذا ما سأحدثكم عنه الأسبوع القادم بمشيئة الرحمن 

الأكثر قراءة