روض شيخوختك واستمتع بالحياة "1"
روض شيخوختك واستمتع بالحياة 1
مشاهدات: 368
31 أغسطس 2017

يقولون إن أعتق الأشجار تعطي أحلى الثمار ولكن عندما يتعلق الأمر بالإنسان وتحديدا بالمرأة والرجل في شرقنا تصبح الثمار علقما!! .. فبرغم كل الأقوال والحكم التي تتغنى بوقار وجلال الشيخوخة وأن شيوخنا الخير والبركة، مع التقدم في السن تتحول صرخة فريد شوقي الشهيرة « ضاع العمر يا ولدي «لشعار يرفعه الجميع مع تفاوت الاأعال المصاحبة له، فيحاول بعض الرجال أن يعيدوا العمر من الأول ويجددوا الشباب ويغيروا العتبة إذا ما كانت الأحوال المالية تسمح!!. ومنهم من يستسلم لنوبات غضب وسلوكيات عدوانية تجاه من يتصور أنهم تسببوا في ضياع العمر، فتصبح الزوجة والأولاد الهدف الأول لطلقات مدفعية غضبه وعصبيته .أما النوع الثالث فيتملك الإحباط واليأس منه وتصبح أغنية طلب عمر «عمر اللي فات ما حايرجع تاني، كان حلم وراح.. ..» دينه ومذهبه وفي خضم حالة الأسى لا يستكمل نصيحة طلب وينسى اللي راح ويرتاح، ليطارده ويؤرقه  دوما ما فعله المشيب!!

وبالطبع لا يقل الحال سوءا بالنسبة للمرأة التي يتفاقم إحساسها بمشاكل الشيخوخة بانشغال الأبناء بحياتهم وغياب رفيق العمر وانتهاء أدوار اعتادتها، إضافة إلى مشاعر الاكتتاب الطبيعية التي تصيب المرأة نتيجة تغير مظهرها وظهور تجاعيد التخلص منها وإن كلفها مبالغ طائلة، يغير ملامحها ولكنه لا يمحو تجاعيد وآثار زمن محفورة في قلبها .. 

وتؤكد الدراسات أن نسبة لا يستهان بها من كبار السن يعانون الاكتئاب والخوف والهلع الهستيري الذي عادة ما يدفعهم لسلوكيات تتناقض مع طبيعة شخصياتهم وكثيرا ما تعكس حالة من عدم الاتزان أو الاندفاعات الشعورية غير المحسوبة ..وإذا كانت العادة قد جرت أن يتم التعامل مع تداعيات الشيخوخة بنوع من التقبل والاستسلام فإن الجديد الذي كشفته مجموعة دراسات حديثة يؤكد أن المشاعر والأفكار السلبية تؤدي إلى تدهور الحالة الصحية والنفسية و تفاقم الشعور بالضغط العصبي .

وتشير الباحث جنيفر بليجتيه إلى أن الدراسة التي أجرتها جامعة نورث كارولينا مؤخرا أثبتت أن الأشخاص الذين يتمتعون باتجاهات إيجابية ويتقبلون الشيخوخة باعتبارها مرحلة  لها سلبياتها وإيجابياتها ويحاولون تعظيم هذه الإيجابيات أظهروا مرونة وقدرة  افضل على مواجهة الضغوط الحياتية والنفسية من عينة البحث التي تبنت أفكارا واتجاهات سلبية تجاه الشيخوخة . وكشفت الدراسة أن أفراد العينة الثانية من أصحاب الاتجاهات السليبة  أظهروا انفعالات واندفاعات عاطفية أكثر حدة عندما تعرضوا للضغوط في الأيام الصعبة..

ويشير الباحث شيفون نيوبيرت أستاذ علم النفس بجامعة نورث كارولينا إلى  أن عينة الدراسة  شملت أشخاصا تراوحت أعمارهم بين 60 و 96 عاما. وسئل المشاركون عن شعورهم بالشيخوخة، ثم أكملوا استبيانا يوميا لمدة ثمانية أيام متتالية لتحديد  مستويات التوتر أو الخوف أو التهيج أو الضيق. 

ووفقا للنتائج يؤكد شيفون نيوبيرت أن طريقة التفكير في الشيخوخة وتقبلها بنفس راضية أو قانطة  لها عواقب حقيقية وتؤثر على  كيفية استجابتنا للحالات والمواقف الصعبة، وعلى نوعية حياتنا والتداعيات الصحية المصاحبة لذلك سلبا أم إيجابا..

 وفي دراسة نشرتها مجلة» علم نفس كبار السن» الأمريكية اتضح أن ردود الفعل العاطفية الأكثر سلبية تجاه الشيخوخة تُفاقم الإحساس بالتوتر. كما أثبتت الدراسة العلاقة ين الحالة النفسية والتوتر وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الأوعية الدموية والقلب.

على صعيد موازٍ فقد سبق أن عرضت في أكثر من منمنمة سابقة ما أثبتته الأبحاث عن العلاقة بين محاصرة المرء بالقبح سواء كان ماديا( القمامة الضوضاء-الزحام الخ) أم نفسيا ( مشاعر الكراهية والحسد والغيرة واليأس-الخ) وبين الإصابة بالأمراض العضوية كالقولون العصبي والتوتر والاكتئاب  وتأثير الحالة النفسية على النظام المناعي وبالتالي تكاثر الخلايا السرطانية. وأكدت الدراسات العلمية أن أصعب المواقف بما فيها الحالات المرضية المستعصية يمكن تجاوزها أو علي أقل تقدير تقليل تداعياتها السلبية بتحسين الحالة النفسية والإقبال علي الحياة.. 

ولقد كشفت دراسة حديثة أجراها معهد دراسات الشيخوخة في لندن أن التحول الذي طرأ على فكرة الشيخوخة وأسلوب حياة كبار السن والظروف المحيطة بهم من أهم أسباب الارتفاع في معدل أعمار الناس في العصر الحديث. وأكدت  الدراسة أن التوازن والاستقرار والرضا والقدرة على الاستمتاع بالحياة يقلل احتمالات التعرض لأزمات صحية والموت المبكر. فاكتشف الباحثون أن معدل الوفيات بين الأشخاص الذين شعروا بالرضا عن الحياة وأنفسهم مرتين خلال فترة الدراسة أقل بنسبة 17 % عن أقرانهم المحزونين وأن النسبة ارتفعت لـ 24 % بين من ذكروا ثلاثة مواقف شعروا فيها بالرضا واستمتعوا فيها بحياتهم . كذلك أثبتت الدراسة أن عينة البحث من النساء أظهرت معدلات أعلى  في قدرتهن علي الرضا والتأقلم مع متاعب الحياة والاستمتاع بمباهجها البسيطة عن الرجال وإن تمتعوا بالاستقرار والثراء و التعليم والزواج والعمل وصغر السن وأن  العوامل النفسية تلعب دورا مهما في مواجهة الأزمات الصحية والعلاج تقليل الآثار الجانبية لشيخوخة الخلايا وبالتالي تقليل نسبة الوفاة بين كبار السن..

وهنا تشاغبني صديقتي وتطل برأسها غير المكتمل الاستدارة ..ما هي الشيخوخة ؟! وهل تكمن في الروح أم الجسد ؟! ..وما زال للحديث بقية في الأسبوع القادم بمشيئة الرحمن .. 

الأكثر قراءة