إيمان
إيمان
مشاهدات: 605
5 يونيو 2017

مثل كل الفتيات تزوجت إيمان وهي تحلم بحياة سعيدة طويلة مع رجل يكون لها سنداً وتكون له ملجا.. أنجبت منه ولدين وبنتا.. عاشت معه فترة في السعودية حيث كان يعمل كطبيب بيطري ثم عادوا عندما اكتشف إصابته بفيروس سي.. فالبلاد العربية جميعها لا تسمح للمصاب بهذا الفيروس بالاستمرار في عمله أو حتي البقاء في البلد.. عادوا لقرية الزوج في المحلة وعاشوا فيها ثلاث سنوات هي فترة مرض الزوج قبل وفاته.. ووجدت إيمان نفسها مع ولد في رابعة ابتدائي، والثاني في ثانية ابتدائي وطفلة تحبو.. توفي وترك لها معاشاً قدره 350 جنيهاً، توفي بعد أن عانت معه ثلاث سنوات تدهورت فيها حالته بشكل كبير وكانت تقوم بتمريضه والاهتمام به دون كلل أو ملل.. بعد وفاته وجدت نفسها وحيدة مع ثلاثة أطفال ومسئوولية جسيمة.. قررت ترك قرية زوجها والذهاب إلي النمصورة حيث يعيش والداها.. وبحثت عن عمل وبعد جهد وجدت في مكتب وظيفة بسيطة وبسبب تفانيها ترقت حتي أصبحت مديرة المكتب. كان يومها يمضي بلا لحظة فراغ واحدة تستيقظ مبكرة تأخذ الأولاد للمدرسة لتذهب بعدها إلي عملها وتقوم به علي أحسن وجه، ثم تسرع للمنزل لمساعدة الأولاد في المذاكرة، وتحضير غذاء اليوم التالي، وترتيب المنزل وشراء احتياجاته.. أضف إلي ما سبق أنها قامت باستئجار شقة قريبة من والديها فكانت تمر يومياً عليهما لتتأكد أنهما لا يحتاجان شيئاً، بعد أن تقدم بهما العمر وأصابتهما أمراض الشيخوخة.. فعلت كل هذا علي مدار سنوات طويلة.. لم تطلب من أحد المساعدة ولا حتي من شقيقها الذي أرسل لي حكايتها وطلب مني أن أكتبها كي يفاجئها بها عله بهذا بسعدها بأي شكل.. سنوات طويلة مرت علي إيمان التي استخدم هنا اسمها الحقيقي مع أني عادة أغير من أسماء الشخصيات، وأفعل هذا بناءً علي رغبة أخيها الذي حكي لي قصتها وكلماته تعبر عن إعجاب شديد بها وبما قدمته.. إيمان اليوم نجحت في إيصال الولد الأول إلي السنة الأخيرة من طب المنصورة، والتحق ابنها الثاني بكلية الشرطة وأصبح في سنته الرابعة أما الابنة الصغري فقد أصبحت في ثانية صيدلة، لو فكرنا بالطريقة المصرية التقليدية لقلنا إنهم جميعاً في كليات القمة، ولكن الأهم أن وفاة والدهم لم تؤثر علي تحصيلهم العلمي، ونجحوا في أن يتفوقوا رغم ظروفهم الصعبة.. إيمان رفضت الزواج كي لا يؤثر شيء علي اهتمامها بأسرتها.. وبين عملها وأولادها ووالديها مضت بها الأيام بأعبائها وهمومها إن مرض أحدهم تجري به وحدها عند الأطباء وتسهر قربه.. تحل مشاكل وتكمل المسيرة.. يقول لي شقيقها في ختام كلامه معي عنها وأنا هنا أنقل كلامه حرفياً  «والله العظيم ابنها اللي في الشرطة رجع في يوم من الكلية بيقول لها إن مدير الكلية السابق بيقول لهم في محاضرة إن في طالب هنا وسطكم ومعاكم دخلته الشرطة علشان خاطر أمه لما شفت الملف بتاعه وشفت أد إيه أمه تعبت عليه وعلي إخواته وبقول ليه أول ما ترجع روح بوس رجل أمك».

الأكثر قراءة