أول رسالة دكتوراه مصرية عن قنوات يوتيوب الإعلامية
81 % من الشباب يفضلون مشاهدة مقاطع الفيديو السياسية
أول رسالة دكتوراه مصرية عن قنوات يوتيوب الإعلامية  <br>81 % من الشباب يفضلون مشاهدة مقاطع الفيديو السياسية
12 فبراير 2019

 

لاشك أننا نعيش ثورة تكنولوجية كبيرة غيرت كثيرا من المفاهيم المتداولة وأفسحت الساحة لظهور مسميات ومصطلحات جديدة مثل الإعلام البديل والإعلام الإلكتروني ومهدت لظهور كيانات إعلامية حديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ومنها «قنوات يوتيوب» التى حققت نجاحا كبيرا فى جذب أعداد كبيرة من المتابعين تغلبت بها على وسائل أخرى موجودة، ونظرا لأهمية هذه القنوات والتأثير الكبير لها على فئة مهمة وكبيرة فى المجتمع وهى فئة الشباب كان لابد من دراسة هذه الظاهرة، وهو ما فعلته الباحثة رنا مصطفى جاويش التي حصلت على درجة الدكتوراه  من كلية الإعلام جامعة القاهرة  بمرتبة الشرف الأولى عن رسالتها التي تعتبر جديدة على الرسائل العلمية، حيث ألقت الضوء على قنوات «يوتيوب» الإعلامية وأسباب توجه الشباب لإنشائها وأهم الإيجابيات التي توافرت فيها والسلبيات التي ترتبت عليها وكانت الرسالة بعنوان «استخدامات الشباب الجامعى لقنوات اليوتيوب واتجاهاته نحوها».

 

وفى لقاء لـ«نصف الدنيا» مع صاحبة الرسالة قالت: أتحدث فى الرسالة عن قنوات اليوتيوب التى تقدم برامج ورسائل سواء سياسية أو اجتماعية باستخدام قوالب مختلفة، وأضحت أسباب توجه الشباب لاستخدام واختيار اليوتيوب  لإنشاء قنواتهم ومن أهم الأسباب لنجاح تجربتهم لهذا الموقع لأنه  أثبت قدرته على الوصول للجماهير المختلفة وأثبت قدرته على التأثير  من خلال تقديمه للمادة الإعلامية بصورة مرئية مسموعة مما يزيد من مصداقية المحتوى ويزيد قدرته على التأثير  وبالفعل استطاع الشباب تحقيق أهدافهم وتوصيل رسالتهم من خلال استخدام هذا الموقع ومن خلال تجربتهم.

ظهرت مجموعة إيجابيات أخرى وفرها لهم اليوتيوب والقنوات ومنها أنها مكنتهم من تقديم موهبتهم وقدراتهم في مجالات مختلفة منها الإعداد والتقديم والتمثيل والغناء والتصوير والإخراج وغيرها إضافة لدخول الإعلان للموقع وتمكين الشباب من الربح من خلال قنواتهم

وتضيف د. رنا جاويش أن الرسالة بحثت أيضا  تأثير دخول الإعلان للموقع لهذه القنوات على  الحرية التى كانت تتمتع بها هذه القنوات على الموقع وعلى استخدام الشباب للقنوات اليوتوبية.

وأوضحت الرسالة الخلط في عدة مفاهيم وأوضحت الفرق بين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي والإعلام الإلكتروني.. ومن النتائج التى توصلت إليها أن  الشباب يفضلون مشاهدة المقاطع السياسية على يوتيوب في المرتبة الأولى، وهذه  نتيجة مهمة  ويفضلون القالب الساخر الناقد والكوميدي في تقديم الرسائل الإعلامية وأيضا البرامج ذات المدة الزمنية القصيرة الغنية بالمعلومات مثل برنامج «الدحيح»، ولكن أيضا  من النتائج أن الشباب  لا يعتمد في الحصول على المعلومات والأخبار بشكل أساسي على قنوات يوتيوب لكن يعتبرها مصدر من ضمن المصادر فهو جيل يحب عقد المقارنات وترك حرية القرار له في تحديد الحقيقة ومعرفتها.. ومن التوصيات التى ذكرتها الرسالة ضرورة دراسة الدور الذي يمارسه الإعلام الجديد بشقيه التقليدي والإلكتروني للدول وأيضا للجماعات الإرهابية وإجراء مزيد من الدراسات عن المجتمع الافتراضي وقواعده وقوانين العمل فيه.

ومن أهم الإحصائيات التى توصلت إليها الرسالة أن ٦٩.٤% من الشباب الجامعي المصري يحصلون على المعلومات والأخبار والأحداث الجارية من القنوات الإعلامية على يوتيوب.. و70%من الشباب الجامعي المصري يتابع القنوات الإعلامية على موقع اليوتيوب بشكل متوسط.. و81% من الشباب الجامعي المصري يفضلون مشاهدة مقاطع الفيديو السياسية عبر القنوات الإعلامية على اليوتيوب وهي نسبة مهمة تعكس اهتمام الشباب بالأوضاع السياسية وأن لديهم اهتماما بالسياسة وأنهم ليسوا مجرد شباب تافه يهتم بصغائر الأمور كما أشيع عنه.

إعلام اجتماعى

وتعليقا على هذه الدراسة فى البداية أوضح د.حسن عماد مكاوى عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق أن الإعلام الاجتماعي أصبح يشغل مساحات واسعة جدا من اهتمامات الناس وخاصة فئة الشباب وأصبحوا يصنعون المضمون الإعلامى بأنفسهم بدرجة كبيرة فى السنوات الأخيرة، ومن بين هذه المظاهر قنوات اليوتيوب حيث يستطيع الفرد الواحد أن ينتج المادة الإعلامية الخاصة به بحيث تعبر عن احتياجاته النفسية والاجتماعية وتواصله مع المجتمع بشكل أو بآخر،  ويعزى ذلك إلى أن  وسائل الإعلام التقليدية من صحافة وإذاعة وتليفزيون لم تعد تلبى احتياجات الشباب بالقدر المناسب وبالتالى يلجأون إلى استخدام الوسائل البديلة ومن بينها قنوات اليوتيوب. ويضيف:  فإذا كان هناك استبعاد لبعض الأفكار أو لبعض الفئات من الشباب فإنهم يلجأون إلى هذه الوسيلة التى تتيح لهم التواصل مع قطاعات كبيرة من الجماهير ويقدمون مايروق لهم من فن أو احتياجات يريدون بثها للآخرين، وبالتالى أصبح لها دور مهم ولكن لها دور سلبى أيضا لأنها أحيانا تعمل على عزل الشباب عن الانغماس فى التنمية وتجنيب الشباب الانخراط فى المشروعات الأساسية للدولة أحيانا أو للبعض منهم وأحيانا يكون لهم وسائلهم الخاصة التى يشعرون بداخلهم بأنها تعبر عنهم بدرجة أكبر.. ويفترض أن الإعلام البديل هو إعلام مكمل وليس بديلا عن الإعلام التقليدى فهو يتيح قنوات أخرى عديدة لتعدد الأفكار والآراء فى المجتمع لكن الشيء المطلوب أن نستعيد التنوع والتعدد فى قنوات الإعلام التقليدى، فلا يكون هناك استبعاد لفئات معينة فهذه الأصوات لو وجدت لنفسها انعكاسا  فى وسائل الإعلام التقليدية سيقل جدا استخدام وسائل الإعلام البديل، ولكن للأسف يوجد تضييق للمجال العام، وبالتالى هذه الأصوات تزداد وتغرد بعيدا عن السرب وبعيدا عن الاندماج فى ثوابت الدولة الأساسية، وإذا استمرت الأمور كما هى ولم تنصلح أوضاع الإعلام ويصبح هناك قدر من التنوع فى الإعلام التقليدى بدرجة أكبر عن ماهو متاح حاليا فالمخاطر سوف تزيد لأننا فى حاجة إلى استيعاب هؤلاء الشباب ضمن أهداف المجتمع الرسمى، وهنا لابد من دور للدولة بحيث تتيح لهؤلاء الأشخاص فرصة الظهور فى وسائل الإعلام التقليدى بدرجة أكبر مما هو متاح، فأنا عندما أجد أن صوتى يصل من خلال وسيلة إعلام رسمية رغبتى فى الابتعاد بوسيلة جديدة تقل  وعلى الشباب أن يعوا أن تقديم أفكار قد تكون غير مناسبة لتوجهات الدولة فى الفترة الحالية فهذا شيء يضر بالدولة فى النهاية، لذلك نحن فى حاجة لاستيعاب الشباب أكثر بحيث لا نفرض رقابة عليهم ولا أن نجنبهم ونهمشهم.

 مساحة كبيرة

ومن جانبها تقول الدكتورة هويدا مصطفى رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام بجامعة القاهرة: انتشر بشكل كبير وجود قنوات على اليوتيوب وأصبح لها مساحة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وتعتبر كإعلام بديل خصوصا لدى قطاع كبير من الشباب وتحظى هذه القنوات بالمتابعة والمشاهدة العالية لأنها تقدم محتوى يلقى تفاعلا من فئات الشباب، وتعبر بالفعل عن مدى سيطرة وسائل الإعلام الإلكترونى، ولكن لدينا تحفظات عليها أولها أن القائمين عليها ليس لديهم التأهيل الإعلامي الذى يؤهلهم ليكونوا صناع محتوى لأن الرسالة الإعلامية لها معايير مهنية وضوابط يتم الالتزام بها، ولكى أقيّم أن هذه القنوات لديها رسالة ذات قيمة لابد لمن يقدمها أن يكون مؤهلا ومدربا وملما بالمعايير المهنية لكن للأسف أى أحد لمجرد أنه يمتلك التكنولوجيا يقدم أى محتوى حتى وإن كان غير مطابق للمهنية، صحيح أن هذه القنوات تحقق قدرا أكبر من التفاعلية وعدم التقليدية وتقدم مواد ملائمة للشباب وبعض المواد التى تقدمها تحقق مشاهدة مرتفعة، لكنهم غير مؤهلين بالشكل الذى يكفل لهم تقديم محتوى قد يؤثر اجتماعيا ونفسيا، لذلك فهذه التجارب تحتاج إلى أن نصقلها، وأتمنى أن يكون القائمون عليها أكثر مهنية وأكثر التزاما بالقواعد وأن يؤهلوا أنفسهم ولا يعتمدون فقط على الموهبة والمهارة والقدرة على النفاذ الإلكتروني حتى لا تصبح غير ذات جدوى ثقافيا وفنيا أو نفسيا واجتماعيا، فعلينا أن نحتفظ بالفرص التى تتيحها لنا تكنولوجيا الاتصالات ولكن فى نفس الوقت نكون ملتزمين مهنيا وأن نقدم إعلاما بديلا مهنيا لا يعتمد فقط على الإثارة .

الأكثر قراءة