شريحة إلكترونية تعيد الأمل لمصابى الشلل
شريحة إلكترونية تعيد الأمل لمصابى الشلل
27 يناير 2019

اتفق الأطباء لفترة طويلة على أن المرضى الذين يتعرضون لإصابات خطيرة فى العمود الفقرى يصبح شفاؤهم أمرًا مستحيلا وكان الاعتقاد السائد أن المصاب يصبح عاجزا عن الحركة مدى حياته خاصة بعد مرور عام أو أكثر على الإصابة، لكن يبدو أن الجهاز العصبى البشرى يملك قدرة على الشفاء أكثر مما كان متوقعًا حيث توصل مجموعة من الباحثين بجامعة لويفيل بولاية كنتاكى الأمريكية بعد عدة أعوام من البحث والدراسة إلى تطوير شريحة تزرع فى العمود الفقرى للأشخاص الذين تعرضوا لحوادث نتجت عنها إصابات خطيرة فى العمود الفقرى أفقدتهم القدرة على السير على أقدامهم حيث تعمل هذه الشريحة الإلكترونية على توليد نبضات كهربائية تحفز مراكز الحركة فى النخاع الشوكى والمخ وبالتالى تمكنهم من السير على أقدامهم مرة أخرى.

 

وذكرت مجلة "Focus" العلمية فى تقرير نشر حديثا أن أربعة مصابين بشلل فى الأطراف السفلية تمكنوا من الوقوف والسير على أقدامهم مرة أخرى بفضل هذه التكنولوجيا إلى جانب جلسات مكثفة من العلاج الطبيعى وذلك بعد تعرضهم لإصابات شديدة فى العمود الفقرى فى حوادث مختلفة منذ عامين وذلك كجزء من دراسة أجريت فى مركز ولاية كنتاكى لأبحاث إصابات الحبل الشوكى بجامعة لويفيل الأمريكية. وتمكن اثنان منهم من السير بشكل مستقل دون مساعدة، أما الاثنان الآخران فيتمكنان من الحركة بمساعدة المشاية المعدنية ولايزالان يخضعان لجلسات العلاج الطبيعى حتى تتحسن حالتهما.

تحفيز كهربائى للحبل الشوكى

وقالت الدكتورة سوزان هاركيما، وهى باحثة فى مركز ولاية كنتاكى لأبحاث إصابات الحبل الشوكى فى جامعة لويفيل الأمريكية إن هذه التقنية العلاجية الجديدة تسهم فى إعادة الحركة للأطراف السفلية بعد التعرض لإصابة فى العمود حيث تعيد التحكم الإرادى فى الحركة والقدرة على الوقوف بعد الإصابة بالشلل التام حتى بعد مرور أعوام على الإصابة. وتقوم هذه التقنية على عمل تحفيز كهربائى للحبل الشوكى عن طريق إجراء عملية جراحية يتم من خلالها زرع شريحة إلكترونية فى العمود الفقرى للمريض فى جزء يعرف باسم "فوق الجافية" الذى يقع فى الجزء الخارجى للقناة النخاعية وتتصل تلك الشريحة بجهاز مولد للنبضات الكهربائية يزرع فى بطن المريض ويتصل هذا المولد لاسلكيا بجهاز تحكم خارجى حيث تعمل الشريحة الإلكترونية على تمرير الإشارات من المخ إلى الخلايا العصبية الموجودة داخل الحبل الشوكى فيتمكن المريض من استعادة القدرة على القيام بحركات إرادية وإعادة الوظائف المفقودة إلى نشاطها السابق. وبعد شفاء المريض من الجراحة يبدأ الأطباء فى تحفيز الحبل الشوكى عن طريق إرسال مجموعة من الإشارات الكهربائية بواسطة الشريحة المزروعة ليتمكن المريض من الوقوف على قدميه بمساعدة أجهزة مساعدة خارجية لتجنب خطر السقوط وتوفير توازن لجسم المريض. ويخضع المريض أيضا لجلسات من العلاج الطبيعى تمتد لعدة أسابيع بمساعدة أطباء متخصصين ليتمكن من الحركة بشكل أفضل بعد تقوية عضلات ساقيه خاصة إذا مرت على الإصابة عدة سنوات فتكون العضلات فى حالة من الضعف التى تحتاج لفترة طويلة لكى تستعيد كفاءتها ومرونتها مرة أخرى.

أمل حقيقي

يقول الدكتور ماكسويل بوكاى الباحث بمركز ولاية كنتاكى لأبحاث إصابات الحبل الشوكى بجامعة لويفيل الأمريكية إن تعرض الحبل الشوكى للإصابة لا يعنى بالضرورة تلف الخلايا العصبية التى توجد فى النخاع الشوكى والتى تتحكم فى عملية إرسال الإشارات المسئولة عن الحركة، فالشخص العادى كى يتمكن من الحركة تقوم الخلايا العصبية التى توجد فى الحبل الشوكى بإرسال مجموعة من الإشارات إلى مراكز الحركة فى المخ فيرسل المخ إشارات إلى مراكز الحركة التى توجد فى الحبل الشوكى للقيام بحركة ما، وبعد إجراء عملية زرع الشريحة الإلكترونية للمريض المصاب بالشلل تقوم المحفزات العصبية بإرسال إشارات إلى المخ وكذلك تعمل الشريحة على تمرير تلك الإشارات إلى الخلايا العصبية الموجودة داخل الحبل الشوكى، فهى تعالج الخلل فى التواصل بين المخ والحبل الشوكى الذى نتج عن التعرض لإصابة فى العمود الفقرى.. ويضيف دكتور ماكسويل أن هذه التقنية العلاجية تصلح فقط للمرضى الذين أُصيبوا بالشلل بسبب تعرضهم لإصابة الحبل الشوكى فقط دون حدوث ضرر فى الخلايا العصبية الموجودة فى النخاع الشوكى.

ويرى الأطباء أن عملية زرع الشريحة الإلكترونية تعطى أملا حقيقيا لمرضى الشلل الذين فقدوا القدرة على الحركة لسنوات فهى تعيد لهم القدرة على التحكم فى الحركة والوقوف واتخاذ خطوات دون مساعدة. ويعكف الباحثون الآن على تطوير شريحة إلكترونية دقيقة تزرع فى المخ عن طريق خضوع المريض لعملية جراحية لعلاج شلل الذراعين وتعمل هذه الشريحة على تنشيط مراكز الحركة فى المخ وإرسال إشارات إلى جهاز يلبس فى ذراع المريض لينشط العضلات لتستعيد قدرتها على الحركة مرة أخرى، ويتوقع الأطباء أنه مع بدء اختبار هذه التقنية العلاجية فى أماكن أكثر وفى عدد أكبر من المرضى، سيؤدى ذلك إلى تحسين التقنية وتطويرها بشكل أكبر والحصول على نتائج مذهلة لطالما اعتقد الكثيرون أنها مستحيلة.

الأكثر قراءة