للحب قصص جديدة.. ليلى ونبيل
للحب قصص جديدة.. ليلى ونبيل
مشاهدات: 4429
18 مارس 2015

سؤال يحيرني كثيرا، بعيدا أرجوكم عن الشيوخ والقساوسة، وبعيدا عن المتعارف عليه وما تعودنا عليه، وبعيدا عن نظرة المجتمع الشرقي الذي يعلي العيب على المنطق في أحيان كثيرة أو يركن عقلنا في درج ويخرج كتالوج المألوف والمفروض علينا منه، سؤالي هو: لماذا خلق الله أكثر من دين؟ الإجابة العاقلة البسيطة أن كل دين أتى في زمن وما تلاه أضاف لما سبقه.. حسنا، سؤال آخر : هل تتفق الأديان كلها في الأساسيات؟ الإجابة نعم، فكل الأديان تحض على الخير وتطلب منا الابتعاد عن الشر، هذا باختصار، إذا وهنا السؤال المحير لماذا لا يتصالح أصحاب الأديان المختلفة، ولماذا قائمة الممنوعات ومن بينها الزواج، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمرأة؟ الإجابة ببساطة لأن المرأة هي الأضعف وهي المقدور عليها كما يقال، ما عدا ذلك فما لم يذكر في الكتب السماوية بشكل واضح يبقى موضوعا مثيرا للجدل والنقاش. طبعا ما قلته سوف يستفز كثيرين ولكن قصة اليوم أضاءت لي أنوارا كنت كغيري اخترت إطفاءها وتسليم الكثير من قناعاتي للمتعارف عليه .ليلى بطلة قصة اليوم من عائلة جيدة، أهلها يمتلكون المال والسمعة الطيبة، تربت في واحدة من أشهر مدارس الزمالك الخاصة وكانت تذهب مع صديقاتها إلى نادي الجزيرة، تمارس الرياضة وتقضي وقتها، ففي السبعينيات والثمانينيات كان نادي الجزيرة هو الملتقى الوحيد للطبقة المتوسطة والطبقة العليا، لم تكن قد انتشرت بعد الكافيهات.

وفي النادي تعرفت على نبيل، وبدأت بينهما قصة حب حقيقية.نبيل كان شديد التهذيب وشديد الكرم، كان يعلم بحبها لورد التيوليب، فكان يطلب من محل الورد استيراده خصيصا لها، وعندما كانت تسافر لأي مكان كان يلحق بها، وذات مرة في شرم الشيخ  بينما كانت تسبح معه التوت ساقها فما كان منه إلا أن حملها وقادها إلى الفندق وطلب لها طبيبا وأخبره بصراحة أن والديها لا يعلمان بعلاقتهما فاحترم  الطبيب كلامه ولم يقل لوالدها عنهما. كان يأتي خصيصا لها في الجامعة يخرجان معا ولكن الغريب في الأمر أنهما لم يفكرا مرة في طرح السؤال الذي أصبح اليوم أول سؤال يتبادر للأذهان وهو  ديانتك إيه؟ ولكن ليلى اسم مسيحي مسلم ونبيل اسم مسيحي مسلم، وعندما اكتشفا أن ليلى مسلمة ونبيل مسيحي ولأنهما يحبان بعضهما البعض بدأ كل واحد يقنع الآخر بتغيير ديانته والاثنان يرفضان طبعا .وبدأت ليلى تعاني من ضربات سريعة في القلب بسبب التوتر، وقررت السفر إلى إنجلترا لاستكمال دراستها وللبعد عن نبيل.

ولأن نبيل كان فعلا يحب ليلى سافر وراءها وبقي بعيدا عن عمله مهددا بخسارة وظيفته ثلاثة أشهر يحاول إقناعها بزواج مدني يتم خارج مصر وهو زواج معترف به من الدولة ويبقى كل واحد منهما على دينه، ولكن ولأن ليلى كانت مرعوبة من نظرة المجتمع لها أصرت على الرفض، كانت تقول له ماذا عن الأولاد؟ ماذا سيصبحون؟ هل سيذهبون إلى الجامع لصلاة الجمعة أم يوم الأحد للكنيسة؟؟ الغريب أن والدة ليلى لم تمنعها ولم تتدخل على الإطلاق، كانت تردد لها دوما: «القرار قرارك،حياتك ملك لك افعلي بها ما شئت»، وهذا بحد ذاته يعتبر موافقة ضمنية على العلاقة ولكن رغم هذا لم يغير من موقف ليلى. وبعد ثلاثة أشهر وبعد تهديد ليلى لنبيل بأنها ستسافر إلى مكان لا يعلمه أحد عاد نبيل إلى القاهرة مستسلما للأمر الواقع، وهو رفض ليلى للزواج منه. وبقيت ليلى في إنجلترا ثلاث سنوات لم تعد فيها إلى القاهرة على الإطلاق في محاولة منها لنسيان نبيل. عندما عادت التقت بنبيل آخر، رجل يحمل اسم الحبيب أحبها وطلبها للزواج فرضيت لتنجنب منه ابنتها الوحيدة نادين ثم تنفصل عنه لخلافات عديدة بينهما.

وفي أول يوم دراسة لابنتها وجدت نفسها في الحضانة أمام نبيل حبيبها الأول، كان بصحبة ابنه، فلقد تزوج من إحدى قريباته بعد فقده الأمل في ليلى، كانت زوجته بصحبته، سيدة رقيقة مهذبة صافحتهما ليلى وقلبها ضرباته أعلى من صوتها، استغربا من الصدفة وأعطاها رقم هاتفه المحمول كي يتواصلا كأصدقاء سجلت الرقم  ووجدت نفسها تحفظه عن ظهر قلب، واتصل بها، تحادثا أكثر من مرة لتجد أن مشاعرها نحوه لم تتغير على الإطلاق بل بالعكس زادت وهنا عاد عقلها مرة أخرى ليضع حدا للعلاقة. عندما حكت لي ليلى حكايتها سألتها كيف تضيعين حبا كهذا، قالت فكرت بمعاناة الأولاد بين ديانتين،أجبتها «الله محبة وهو خالق كل الأديان».

أجابت: «لم أمتلك شجاعة مواجهة المجتمع بأفكاره وقوته» صمتت وشردت ثم قالت لي «رولا، مرت  سنوات ولا زلت أحفظ رقم موبايله مع أني مسحته من هاتفي..» أجبتها: «لأنه ببساطة لا يزال حاضرا وبقوة في قلبك وذاكرتك، حبك له لم يمت، بل قمت بدفنه حيا.»