وإنك لعلي خلق عظيم (15): الشجاعة
وإنك لعلي خلق عظيم (15): الشجاعة
مشاهدات: 105
10 مارس 2019

نتابع معا الخوض في سيرة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم ونتعرض اليوم لخلق الشجاعة. فقد كان صلي الله عليه وسلم من أشجع البشر وكان لا يخاف في الله لومة لائم، استطاع صلي الله عليه وسلم بشجاعته أن يقف في وجه مشركي مكة الذين حاولوا استمالته بكل الطرق باللين مرة والمقاطعة مرة أخري ومحاولة القتل مرة أخري.  

وظهرت شجاعته صلى الله عليه وسلم منذ حداثة سنِّه؛ وكانت شجاعته القتالية أيضًا حاضرة بقوة منذ نعومة أظفاره؛ حيث اشترك صلى الله عليه وسلم مع أعمامه في حرب الفِجار؛ فكان يَرد عنهم نبلَ عدوهم إذا رموهم بها.  

ولقد ظهرت شجاعته صلى الله عليه وسلم في كافة الغزوات التي غزاها،   

فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي وهو أقربنا إلى العدو"، وكان صلى الله عليه وسلم من أشد الناس يومئذ بأسا.  

وكذلك يوم حنين إذ وقَف على بغلته والناس يَفرون عنه، وأبو سفيان بن الحارث آخِذ بزِمامها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب). 

ولم تقتصر شجاعته صلي الله عليه وسلم عن الشجاعة البدنية ولكن استطاع صلي الله عليه وسلم أن يتمتع بالشجاعة الأدبية التي ظهرت في العديد من المواقف فحينما عاتبه الله عز وجل في أمر مِن الأمور عتابا شديدا، يبين لنا فيه أنه لم يكن ينبغي لمن هو على مثل منزلته صلى الله عليه وسلم كمالا وسموا أن يلم بمِثل هذه الأمور، فلا يَكتم مثل هذا العتاب، الذي كان يبلغ مِن شدته أحيانا أن تفيض عيناه مِن الدمع حزنا. 

هذا العتاب الشديد في قَبول الفداء مِن أسرى بدر، والذي أجلسه صلى الله عليه وسلم باكي العين، محزون القلْب، إذ يقول الله تعالى: "مَا كَانَ لِنَبِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" الأنفال: 67   

وعن ابن عباس رضي الله عنه: "أن يزيد بن ركانه صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل مرة على مائة من الغنم فلما كان في الثالثة قال:  يا محمد، ما وضع ظهري إلى الأرض أحد قبلك، وما كان أحد أبغض إلى منك،  وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وردَّ عليه غنمه".  

  

هذا قبس من صفات المصطفى عسى أن نتخلق بصفاته فينصلح حال دنيانا ونفوز في آخرنا، وإلى اللقاء الأسبوع القادم مع صفة أخرى من صفات الحبيب صلي الله عليه وسلم.