"سناب شات" فى السيدة نفيسة
سناب شات فى السيدة نفيسة
مشاهدات: 1029
15 يونيو 2018

أعترف أن الفرجة على الناس فى مواقف معينة هى إحدى هواياتى. لا أقصد بالطبع التهكم أو الاستعلاء على خلق الله، لكن يمكن اعتبارها نوعا من الفضول الإنسانى المغموس فى حاسة صحفية قوية، تنغزها ريشة أديبة تخربش وتدعبس كثيرا من أجل الحصول على خطوط حقيقة لبورتريهات إنسانية نابضة بالحياة. أفعال البشر غير المتوقعة وكذلك ردود أفعالهم، دوافعهم للإقدام على فعل ما، بطريقة قد تبدو غريبة بالنسبة للبعض، مألوفة وعادية عند البعض الآخر.

أحدث تلك المواقف جرت وقائعها يوم الخميس 7 يونيو2018ميلادية، 22 رمضان 1439 هجرية. ذهبت إلى المكان الأثير عندى فى شهر رمضان، مسجد السيدة نفيسة، الذى أشعر داخله بأن روحى تغتسل، وأن ذهنى يصفو، وجسدى يهدأ من إرهاق العمل والزحام والضوضاء التى تتآمر على سلامنا الداخلى ليل نهار.

صليت ركعتين تحية المسجد، ثم بدأ الإمام يقيم صلاة العصر، صلينا، ثم جلست فى ركن أقرأ فى المصحف الشريف، وهالة من الجلال والراحة تلفنى، أستغرق فى جمال اللحظة، وعلو الإحساس بالهدوء مبحرة فى رحلة رائعة من التأمل والروحانيات التى تشف بالمرء وتسمو، وإذا بى وأنا فى تلك الحالة أسمع جرس تليفون محمول، يفزعنى، يخرجنى من استغراقى البديع، والسيدة ترفع صوتها ذا النبرات البليدة، الرتيبة «ألو.. أيوه.. انت عامله إيه؟ كويسه؟ آه ودخلت الحمام؟ لا لا هى كده ده طبعها» أتململ فى مكانى، أنظر إليها باندهاش وغيظ «لو سمحت يا سيتى ممكن تطلعى بره تتكلمى، المكان ده عشان نصلى ونقرأ قرآن وندعى» لا تعرنى انتباها، تكمل مكالمتها كأن شيئا لم يكن «آه حنجيلك النهارده.. آه بالليل حنيجى.. طيب.. مع السلامة». أتعجب من تصرفات مثل تلك السيدة، وأعود إلى نفسى، فى محاولة ثانية للاستغراق فى روحانيات المكان، جلاله.

لا تمضى دقائق، حتى أسمع فتاة تقف سعيدة جدا «مهيبرة» تقول لسيدة كبيرة حشرت نفسها بينى وبين سيدة أخرى حتى ظننت أنها تجلس على رجلى، تقول الفتاة للسيدة عديمة الإحساس «حاصورك يا طنط بالسناب شات ده بيعمل أشكال حلو، قطة، نظارة كبيرة حولين وشك، طوق ورد، إيه رأيك؟» يذهلنى الموقف، فعلا والله، هذا آخر ما كنت أتوقع أن أسمعه وأراه فى مسجد السيدة نفيسة الذى يرتاده عشاقه أملا فى لحظات من صفاء النفس والروح، والأعجب أن سيدة كانت تجلس جوارى، قالت لها «المفروض متشغليش نفسك بالحاجات دى فى المكان ده. ركزى فى الصلاة والدعاء» لم تلتفت إلى كلامها، وأكملت كلامها مع طنط «يللا بأه عشان ناخد سيلفى مع الضريح». لم أستطع أن أسكت أكثر من ذلك، قلت للفتاة «لو سمحت أنا محتاجه شوية هدوء، ده مكان للعبادة، ممكن تعملى ده فى أى مكان تانى وتسيبى الناس اللى عايزه تعيش الإحساس الروحانى تعرف تعمل كده من فضلك» والله ولا كأنى قلت شيئا، الأعجب أن السيدة الكبيرة «طنط» ردت على ردا جعل النار تخرج من أذنى «أصل احنا هنا من الصبح» طيب يا ستى وأنا مالى، أنت هنا من امتى؟! أنا هنا لأنى أريد بعضا من الاختلاء بالنفس مع كلمات الله، والنفحات الطاهرة التى تعطر المكان للسيدة نفيسة، لماذا لا نحترم حقوق الآخرين؟ ولماذا فقدنا الإحساس بأفعالنا، وردود أفعال الآخرين؟ ماذا حدث للمصريين يا عالم؟ وكيف يحدث ذلك فى بيت من بيوت الله، فى العشر الأواخر من رمضان؟! أما القصة الثالثة التى حدثت فى هذا اليوم نفسه فهى قصة أم سيف ومريم وكارما وآيتن فهى قصة «طويلة حبتين» لذلك سوف أحكيها لكم فى مقالة قادمة.. فعلا، همّ يضحك وهمّ يبكى!