يا أنا يا أمك فى البيت! (1)
يا أنا يا أمك فى البيت! (1)
مشاهدات: 777
11 ديسمبر 2017

تعالوا معى فى رحلة ظريفة إلى الأيام الخوالى يعنى الأيام التى كنا فيها لا يشغل بالنا إلا أنفسنا على الخير وحده والحب وحده والصداقة الحقة والجيرة الحقة يعنى أيام كنا نعتبر الجيران جزءا أساسيا فى حياتنا.. تعيش معنا فى صحبة هنية كأننا أسرة واحدة تعيش فى شقق العمارة ونلتقى فى المناسبات الحلوة والوحشة معاً فى الفرح والمرض والأعياد والمناسبات الدينية.. كأننا خلقنا من أب واحد وأم واحدة.

تسألوننى وهذا حقكم: ولماذا هذه الديباجة الطويلة هذه المرة؟

وجوابى هو: لأننى لا أريد أن أصدعكم بما حدث وما جرى دفعة واحدة لصديقنا العزيز جارى الذى يسكن الشقة «اللى قصادى» هو وزوجته الطبيبة الطيبة المهذبة المؤدبة وهو المهندس الكبير المؤدب المهذب الشاطر الناجح فى عمله.. زميل الدراسة فى الابتدائى والثانوى..

أسمعكم تسألوننى: وما الذى حدث لصديقك المؤدب المهذب؟

وجوابى وأرجو ألا يصدمكم ولا يحزنكم هو أنه وجد- كما قال لى عبر مكالمة تليفونية عاجلة- فى مراية مدخل الشقة الكبيرة التى يلقى عليها كل خارج من الشقة نظرة أخيرة على شكله وهندامه وهل الكرافات مربوطة كويس؟ وهل التسريحة للمدام مهذبة مهندمة؟.. ماذا وجد صاحبنا؟

أكاد أسمعكم تتهامسون..

والجواب: أنه وجد رسالة مفاجئة من زوجته من أربع كلمات لا غير.. الكلمات تقول: «يا أنا يا أمك فى البيت»؟

سألته أنا عبر مكالمته التليفونية التى أخبرنى فيها بالرسالة المفاجئة المقتضبة: بس دى غنوة قديمة للست منيرة المهدية فى الزمن الجميل؟

قال: أيوه.. ولكن هى تعنى بصريح العبارة كده.. أنها لا تطيق أو لم تعد تطيق الحياة مع أمى الست الطيبة العجوز فى بيت واحد.. وفى شقة واحدة.. يعنى عاوزة أمى تخرج من البيت أو هى زوجتى المصونة تسيب البيت؟

* * *

سألت صديقى الذى يعيش موقفاً فى غاية الإحراج: وعملت إيه يا بدر الدجى؟

■ ■ ملحوظة من عندى: بدر الدجى هذه عبارة نقولها عن كل واحد من الشلة وقع فى مطب يصعب الخروج منه.. انتهت الملحوظة..

قال لى: ما عملتش حاجة.. الرسالة دى أنا تسلمتها الصبح النهاردة بعد ما الست هانم زوجتى المصونة كتبتها ونزلت شغلها قبلي!

قلت له: يعنى الحكاية لسه طازة النهاردة؟

قال: أمال أنا كلمتك ليه بوصفك «حلال العقد من أيام ما كنا طلبة فى الجامعة»؟

سألته: مافيش تليفونات ما بينكم النهارده؟

قال: لا... لا هى سألت ولا أنا كلمتها.

سألته: والست والدتك دلوقتى لسه قاعدة عندكم فى البيت؟

قال: أمال هتروح فين بس بعد ما الوالد ربنا افتكره.. وبقت وحيدة قلت تقعد معانا أحسن.. والغريبة إن ده كان اقتراح المدام اللى النهاردة بتقولي: يا أنا يا أمك فى البيت؟

قلت له: يعنى دلوقتى والدتك فى البيت؟

قال: أيوه..

سألته: والولاد ولادك؟

قال: فى مدارسهم وجامعاتهم بنت فى أولى طب وولد فى الثانوية العامة وبنت جميلة فى الإعدادي.

قلت له: يعنى الست والدتك لوحدها دلوقتى فى البيت؟

قال: أيوه ومعاها الشغالة ست طيبة من البلد بتخدمنا من أيام بابا وماما..

قلت له: شوف أنت اللى حتدفع كل حاجة؟

يسألني: أدفع إيه بس دلوقتى.

قلت له: أنا فكرت إنى آجى البيت عندكم النهاردة على الغداء.. لكن لقيت إنى أنا وانت نروح محل كبابجى محترم ونجيب من عنده تشكيلة كباب على حمام محشى كده ونفاجئ الست هانم مراتك وأمك والأولاد بالأكلة الحلوة دى!

يسألني: بمناسبة إيه؟

قلت له: مافيش مناسبة.. أنا كنت عازمك على أكلة كباب فى الحسين زى عوايدنا زمان وبعدين أنت قلت لي: أحسن ناخد الكباب والذى منه إلى بيتنا أحسن.. عشان المدام والولاد والست الوالدة يكون ليهم نصيب فى العزومة دى!

يسألني: وليه بس اللفة دى!

قلت له: عشان دى فرصة اتكلم أنا والست والدتك على انفراد الأول.. وبعدين أقعد لو سمحت لى مع المدام بتاعتك اللى عاوزة تسيبلك البيت عشان أمك!

قال: والله فكرة وحتبقى مفاجأة للمدام ولأمى؟

قلت له: بس الشرط نور أنت اللى حتدفع فاتورة الكباب!

قال: وهو كذلك..

وانطلقنا..

* * *

كلمات عاشت:

«الحب مضيعة للوقت ولكنه مضيعة لذيذة موت». ليلى مراد