ظللت أفرك عينى حتى أتأكد من أننى لست فى كابوس أو أعانى من أضغاث أحلام وأنا أشاهد الأطفال المصريين المهجرين إلى الإسماعيلية في مشهد يشبه لاجئي العراق وسوريا وأدركت أنه الواقع عندما شاهدت دموع الفتاة التى قتل أخوها ووالدها لمجرد الهوية في مشهد كان هو الأبشع بالنسبة لى منذ بدء هذا الصراع الدموي مع الإرهابيين، وللحق فإن المقصود بهذا الفعل الآثم هو كل المصريين وليس المسيحيين فحسب فالقتل والذبح للمواطنين في العريش يحدثان منذ أشهر ولكن الاستهداف المتكرر للمسيحيين خلال عدة أيام هو لبث الرعب في قلوب كل المصريين، ولمحاولة رسم صورة ذهنية أمام العالم بأن مصر ليست بعيدة عن مخطط الفوضي الخلاقة والتقسيم الذي يسير في البلاد المجاورة كسير النار في الهشيم، الشيء الوحيد الذي طمأنني أنني لم أستطع أن أفرق بين ردود أفعال المسلم أو المسيحي بالنسبة للحادث البشع سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى فى الشارع، الكل حزين ومهموم ويعتصره الألم ... الكل فى المحن مصريون . 

 الطريق إلى السلطة والطريق إلى الله 

أعجبتنى كلمة شيخ الأزهر وهو يتحدث فى المؤتمر الأخير عن محاولة وصم الإسلام بالإرهاب رغم أن حوادث أكثر بشاعة حدثت فى العالم سواء من بعض من ينتمى لديانات سماوية أو غير سماوية وراح ضحيتها الملايين من المسلمين والديانات الأخرى دون أن ينعت أحد تلك الديانات بالإرهاب، اللعبة ليست دينا وإنما هي لعبة سياسة صرفة تارة يستخدم فيها مسيحيون لإرهاب وقتل مسيحيين ويهود كما فى الحروب العالمية أو قتل مسلمين كما فى البوسنة والهرسك وكوسوفا وميانمار ومرة يستخدم فيها المسلمون لقتل المسلمين والمسيحيين في العراق وسوريا وطبعا قبل هؤلاء اليهود الذين يقتلون المسلمين والمسيحيين في فلسطين على الهوية أيضا. إنها السياسة القذرة فلا دين من اليهودية للمسيحية للإسلام حتى لكل الديانات الأرضية من البوذية وصولا لمن يعبدون زهرة على فوهة بركان يمكن أن يأمر بالقتل .. الطريق إلى السلطة لا الطريق إلى الله هو المفروش دائما بالدماء.

الفن طوق النجاة 

 عندما يعجز المجتمع وحتى القانون عن التصدى للاستبداد السياسي يأتي الفن كطوق النجاة الوحيد والقادر على التغيير ومجابهة الطغيان السياسي وليس هذا مقصورا على الدول النامية فحسب وإنما فى المتقدمة أيضا هذا ما شاهدناه فى مهرجان الأوسكار السينمائي الذي هزمت جوائزه كل محاولات ترامب لإقصاء جنسيات بعينها والمسلمين بشكل خاص عن أمريكا إذ حصدت أفلام إيرانية وسورية عددا من الجوائز كما فاز ممثل أمريكي مسلم لأول مرة في تاريخ المهرجان بجائزة أفضل ممثل مساعد لنتعلم أن الاستبداد السياسي مهما فرض من إجراءات لا يستطيع أن يقف أمام فكرة أو إبداع أو يمنعها من اجتياز كل الحواجز والوصول للقلوب والعقول معا.

 الهرم الرابع 

كنت في بولندا ومعي رؤساء تحرير أغلب الصحف المستقلة ومذيعون مرموقون كنت الصحفية الوحيدة من مؤسسة الأهرام، التقينا بآدم ميتشك أشهر كاتب سياسي هناك مددنا أيدينا كلا بكارت التعريف الشخصي كان ينظر لكارت كل زميل ليقرأ اسمه وهو يصافحه، كنت آخر من سلمه الكارت وعندما أخذه منى كنت الوحيدة التي توقف عند مؤسستها وقال أنت من الأهرام إنى أعرفها فهى واحدة من أقدم وأهم المؤسسات الصحفية في العالم وابتسم وقال هى هرم مصر الرابع أليس كذلك ... هل أحتاج أن أضيف شيئا لا أعتقد . فاللبيب بالإشارة يفهمُ ...بس خلاص

نور الكلمات:

ألا أيها الظَّالمُ المستبد حَبيبُ الظَّلامِ، عَدوُّ الحياهْ سَخَرْتَ بأنّاتِ شَعْبٍ ضَعيفٍ وكفُّكَ مخضوبة ُ من دِماهُ

وَسِرْتَ تُشَوِّه سِحْرَ الوجود وتبذرُ شوكَ الأسى في رُباهُ رُوَيدَكَ! لا يخدعنْك الربيع وصحوُ الفَضاءِ، وضوءُ الصباح ففي الأفُق الرحب هولُ الظلام وقصفُ الرُّعودِ، وعَصْفُ الرِّياحْ

حذارِ! فتحت الرّمادِ اللهيبُ ومَن يَبْذُرِ الشَّوكَ يَجْنِ الجراحْ

تأملْ! هنالِكَ.. أنّى حَصَدْتَ رؤوسَ الورى ، وزهورَ الأمَلْ ورَوَيَّت بالدَّم قَلْبَ التُّرابِ وأشْربتَه الدَّمعَ حتَّى ثَمِل سيجرفُكَ السيلُ سيلُ الدماء ويأكلُك العاصفُ المشتعِلْ

(أبو القاسم الشابي)